جراحات السمنة المفرطة ليست تجميلية
تصنف السمنة على أنها مرض العصر، لاسيما أن أرقامها تشهد ارتفاعاً عالمياً، بسبب تغير العادات الغذائية في السنوات الأخيرة، وأشارت إحصاءات وزارة الصحة ووقاية المجتمع عن نسبة المصابين بالسمنة في الدولة خلال عام 2021 إلى أن 27.8% من إجمالي البالغين و17.35% من اليافعين مصابون بالسمنة. وأكد الأخصائي في الجراحة العامة وجراحات السمنة في مستشفى قرقاش، الدكتور ناظم الرفاعي، أن السمنة تعتبر من الأمراض المعقدة في الأسباب والعلاجات، مشدداً على أهمية اللجوء إلى كل العلاجات التي تخلص المريض من السمنة، والتي تصل إلى الجراحات عند ارتفاع مؤشر كتلة الجسم فوق 35.
وحدد الدكتور ناظم الرفاعي أسباب السمنة، وقال: «تصنف السمنة بكونها مرض العصر، وهو مرض مركب ومعقد، ناتج عن العديد من العوامل، منها البيئية والاجتماعية والهرمونية، وكذلك الوراثية». ولفت إلى أن تحديد السمنة المفرطة يكون من خلال تحديد مؤشر كثافة الجسم (بي أم أي)، حيث إن معدله عند الشخص الطبيعي لا يزيد على 24، بينما يراوح بين 25 و29 عند الذين يعانون زيادة الوزن، لنبدأ بتوصيف السمنة عند من يراوح معدل كثافة الجسم لديهم بين 30 و34، فيما يُشخص المرء بالسمنة المفرطة عندما يتجاوز المؤشر لديه 35.
صناعة الغذاء
لشرح تفاصيل الأسباب التي ترتبط بالسمنة المفرطة، أكد الدكتور الرفاعي أن التغييرات التي طالت صناعة الغذاء، حولت الناس من الطبخ المنزلي المنفرد إلى الطبخ الجماعي والأغذية المعالجة، وهذا أوجد بيئة غير صحية في تناول الطعام. وأشار إلى أن السمنة ترتفع في كل دول العالم بشكل ملحوظ، لأنها ترتبط بتناول الطعام الذي يعتبر نشاطاً يومياً ضرورياً للحياة، موضحاً أنه مهما تعددت الاضطرابات التي تؤدي إلى السمنة، فإن الطعام سيكون المحرض. ولفت إلى أن العوامل الهرمونية تلعب دوراً كبيراً في السمنة المفرطة، موضحاً أن الذين يعانون مقاومة الأنسولين (وهو هرمون السكر)، ومقاومة اللبتين (وهو هرمون الجوع)، هم عرضة لزيادة الوزن والسمنة، كما أضاف لهذه الأسباب وجود مجموعة من الأمراض التي تسبب زيادة الوزن، ومنها قصور الغدة الدرقية، أو تناول بعض الأدوية، ومنها أدوية العلاجات النفسية. ونوه الرفاعي بإفراز السمنة لنسيج يمكن أن يطلق عليه «العضو الشحمي»، ويمكن اعتباره جهازاً، كونه يفرز 40 مادة سامة تؤثر في كل أعضاء الجسم.
أسباب معقّدة
وحول علاجات السمنة، قال الدكتور الرفاعي إن «أسباب السمنة وتأثيراتها معقدة جداً، وكل حالة تستدعي دراسة طبية معمقة لاختيار العلاج المناسب، الذي غالباً ما يكون بمقاربة متعددة الحلول، أو حتى لاختيار اللجوء للجراحة في حالات السمنة المفرطة، فالجراحات أحياناً تكون الحل الأفضل، لاسيما أنها تحسن مقاومة اللبتين، وتخفف تناول الطعام». ووصف الدكتور الرفاعي جراحات السمنة بكونها الحل المثالي لمن يعانون السمنة المفرطة، إذ يتجنب الأطباء الحلول الأولى، عندما تكون كتلة الجسم تتخطى 35، لأن الجراحات في هذه الحالة هدفها التخلص من مرض خطر، موضحاً أن البعض يخافون من الجراحات، ولكن فعلياً مخاطر السمنة تتجاوز مخاطر الجراحات.
خسارة الوزن
أبرز جراحات السمنة التي تحدث عنها الدكتور الرفاعي هي التكميم، وتحويل المسار، مشدداً على أنها ليست جراحات تجميلية، بل صحية، وهي جراحات تتم بالمناظير تحت التخدير العام، ويتم الإجراء الجراحي عبر ثقوب في البطن. ولفت إلى أن اختيار إحدى الجراحتين يعود إلى حالة المريض وسجله الطبي، باستثناء الأطفال فوق 12 سنة، إذ يتم إجراء جراحة التكميم لهم، وليس تحويل مسار، وتؤدي هذه الجراحات إلى خسارة الوزن على نحو تدريجي.
تحضير
ولفت الدكتور الرفاعي إلى أن تحضير المريض قبل الجراحة يكون بإجراء بعض تحاليل الدم، وأشعة الصدر، وكذلك فحوص القلب، لمن تزيد أعمارهم على 45 سنة، وحتى أشعة للبطن، إضافة إلى ضرورة اتباع حميات لخسارة بعض الكيلوغرامات التي تجنب أي مضاعفات خلال أو بعد الجراحة. ونوه الدكتور الرفاعي بأن الجراحات تعتبر نصف الحل، إذ يجب أن يلتزم المريض بحمية ونظام صحي جيد.
لمشاهدة الفيديو، يرجى الضغط على هذا الرابط.
الدكتور ناظم الرفاعي:
«تحديد السمنة المفرطة يكون من خلال تحديد مؤشر كثافة الجسم (بي إم أي)».
«تغييرات صناعة الغذاء حوّلت الناس من الطبخ المنزلي إلى الأغذية المعالجة».
ما بعد الجراحات
أكد الدكتور ناظم الرفاعي أن على المريض اتباع أسلوب حياة صحي ما بعد الجراحة، قوامه الأكل الصحي والرياضة، لأن المريض يعود إلى وزنه الطبيعي تقريباً، ولكن لابد من الالتزام بنصائح الطبيب، لعدم اكتساب الوزن من جديد، لأن الجراحة تعيد المريض إلى الخط الصحيح للحياة، ولكنها لا تمنع الانحراف عنه، موجهاً نصيحة رئيسة بوجوب الاهتمام بالنفس، والوعي والمعرفة، مع وجوب الاهتمام بتوعية الأطفال. وأشار إلى وجود إحصائية أجريت على طلاب المدارس، بيّنت أن محاضرة لمدة ساعة في الأسبوع حول الأكل الصحي خفضت نسبة البدانة لأكثر من 40% من الطلاب.
مقاومة «اللبتين»
عرّف الأخصائي في الجراحة العامة وجراحات السمنة، الدكتور ناظم الرفاعي، هرمون اللبتين، وهو هرمون الجوع وعمله، وقال إن «إفراز هرمون اللبتين يرتفع عندما يزداد نسيج الشحم الطبيعي في الجسم، إذ عندما يرتفع الإفراز يتلقى الدماغ معلومة بزيادة الشحم، وبضرورة إنقاص الوزن، ومن يعانون مقاومة اللبتين، يرتفع إفراز الهرمون لديهم، ولكنه لا يؤثر في الدماغ، وهذا الخلل الهرموني يؤدي إلى زيادة الوزن، حتى مع تناول كميات قليلة من الطعام». وشدد على غياب أي علاجات أو أدوية تخفف مقاومة اللبتين.