«لا ترافياتا».. حب أسطوري ونهاية مأساوية في «أوبرا دبي»
في مشهد احتفالي يحمل كل أجواء حفلات الطبقة البرجوازية، ضمن الأجواء الغنائية الأوبرالية، بدأ عرض مسرحية «لا ترافياتا»، التي قدمتها فرقة «أوبرا تبليسي» على خشبة «أوبرا دبي» في عرضين متتاليين.
حملت المسرحية، التي تقع في أربعة مشاهد، قصة حب بين فيوليتا والرومانسي ألفريدو جيرمونت، فجسّدت كل معاني الحب الأسطوري والتضحية والنهايات المأساوية. الموسيقى الخاصة بالعمل كانت من تأليف جوزيبي فيردي، إذ تحمل المسرحية أحد أكثر مقطوعات المؤلف رومانسية وشهرة على مر العصور، وقد كتبها بين عامي 1851 و1853.
قدمت المسرحية في أربعة مشاهد حملت في معظمها ملامح الحياة الارستقراطية وما تحمله من نفاق اجتماعي يقوم على المظاهر، فأتت السينوغرافيا مركزة على أجواء الاحتفالات وديكورات القصور الواسعة، فيما كانت الملابس مكملة لهذا المشهد المسرحي.
يبدأ المشهد الأول مع الحفل الارستقراطي، الذي يجمع عائلة ألفريدو ووالده وطبقة المجتمع المخملي، لينتقل بعدها إلى المشهد الثاني الذي يشهد بداية قصة حب بين فيوليتا وألفريدو، إذ يعيش الجمهور مع العاشقين كثيراً من اللحظات الحالمة والرقيقة، لاسيما أن الأحداث تتجسّد عبر غناء أوبرالي عذب. تأخذنا فيوليتا في المشهد الثاني من المسرحية، التي أخرج هذه النسخة منها، لورون جيربير، إلى عالمها الذي كانت تقدس فيه الاستمتاع بالملذات الشخصية، إذ كانت تدعو الناس في حفلها إلى التعامل مع الحياة بهذه الطريقة، لتغير مفهومها عن الحياة مع بداية وقوعها في حب ألفريدو.
تتصاعد أحداث العمل في المشهدين الثالث والرابع، حين يعلم ألفريدو بما قامت به فيوليتا من أجل أن يعيشا في الريف معاً، إذ باعت ممتلكاتها، فيقرر العودة إلى باريس لتعديل الأوضاع المالية، ثم تتلقى فيوليتا زيارة مفاجئة من والد ألفريدو ليخبرها بضرورة أن تترك ابنه كي لا تؤثر علاقتهما في زواج ابنته. تضحي فيوليتا بحبها على الرغم من مرضها وتقرر ترك ألفريدو برسالة وداع.
يقرأ ألفريدو الرسالة ويذهب لينتقم لنفسه، ولكن تختتم المسرحية بندمه، لاسيما حين يعلم بتضحيتها ومرضها، فيأتي إليها، ولكن يكون قد فات الأوان، إذ يحضر قبل أن تموت جرّاء مرضها بساعات قليلة.
أحداث المسرحية محملة بكثير من الأسى، سواء الأحداث التي رافقت العرض منذ البداية، أو حتى النهاية المأساوية، وقد جسّد الغناء الأوبرالي هذا المنحى الحزين بالأغنيات الأوبرالية التي كانت تراوح بين أصوات السوبرانو والتينور. أما الموسيقى التي كتبها فيردي فكان لها سحرها الخاص، لاسيما التي كانت ترافق الحفلات الرائعة، فهي موسيقى حالمة وهادئة.
يحمل العمل كثيراً من الدراما في أحداثه، ولكنها الدراما المطعّمة بالقيم الأخلاقية، التي تبرز قيم الناس وتعكس أوجه الثقافات المتباينة في مجتمع واحد. كما يركز العمل على الطبقة الغنية وكيف يتأثر الناس بالمظاهر، لتكون العبرة الأخيرة بأنه لا تكتب دائماً النهايات السعيدة لقصص الحب، على الرغم من كل التضحيات التي قد تبذل. نبذة تاريخية
كتب مسرحية «لا ترافياتا» فرانسيسكو ماريا بياف، وهي تستند إلى رواية «غادة الكاميليا» للمؤلف ألكسندر دوما الابن. أما الموسيقى فهي تنتمي الى أعمال المؤلف جوزيني فيردي، الذي قدم مجموعة من مسرحيات الأوبرا الشهيرة، منها «عطيل»، وأوبرا «عايدة»، التي ألفها لحساب الخديوي إسماعيل، لتعرض في حفل افتتاح قناة السويس. عرضت المسرحية التي كتبت باللغة الإيطالية للمرة الأولى على مسرح البندقية في مارس 1853، ثم عرضت على مسارح عالمية.