«الثمانية».. تشويق يخالف قوالب الدراما العربية

على مدار 11 حلقة، وضمن أجواء مشوقة من الحركة والأحداث المتسارعة والمفاجآت، تابع الجمهور العربي باهتمام، أخيراً، التفاصيل المثيرة لمسلسل «الثمانية»، الذي فرض نفسه منافساً قوياً بين أعمال منصّة «شاهد»، لما تميز به من أسلوب طرح جديد للأحداث، ونسق بناء درامي متوازن، دعمته رؤية إخراجية ذكية ومغايرة للقوالب العربية، وصولاً إلى كوكبة من المشاركات الفنية العربية والأجنبية المنوّعة التي استقطبتها تجربة هذا العمل.

منذ المشاهد الأولى، حرص كاتب العمل، رئيس الهيئة العامة للترفيه في السعودية، المستشار تركي آل الشيخ، الذي يخوض أولى تجاربه في مجال الكتابة الدرامية، على تضمين ما يمكن من عناصر التجديد في صياغة عمل درامي بدا مختلفاً بشكل أو بآخر عن سائر الأعمال العربية المتنافسة على المنصّات الرقمية على الأقل، سواء من ناحية الفكرة الأساسية التي، وإن تم تناولها في كثير من الأعمال الدرامية أو السينمائية الأجنبية اليوم أو سابقاً، فقد قدمت بنمط مسلسل حركة عربي مثير لا يخلو من عناصر التشويق الحقيقي. في الوقت الذي تحوم فكرة العمل حول تعمّد منظمة إجرامية دولية تصفية خطيبة أحد رجال الأمن، انتقاماً من والدها المتورط، الذي تجرأ على مخالفة قوانين المنظمة الداخلية ونواميسها الصارمة، والتي تخفي وراءها شبكة سرية ومتشابكة من العلاقات الغامضة والمصالح المتضاربة بين شخصيات مجتمعية مرموقة تظهر مع مرور الأحداث تورطها في عمليات مشبوهة وصفقات إجرامية دولية، ما يرفع سقف الفضول، ويشكل جوهر التشويق في العمل.

في الوقت الذي سعى المخرج المصري أحمد مدحت، وبعد نحو سبعة أشهر من الاستعدادات الحثيثة، و15 أسبوعاً من عمليات التصوير الطويلة بين أقطار عربية وأجنبية عدة، أبرزها مصر والمغرب وفرنسا وبلغاريا واليونان، وبمشاركة طاقم فني ضخم ضم نحو 22 جنسية تنوّعت بين الخبرات الفنية والتقنية الأجنبية، من تكريس رؤية إخراجية جديدة كلياً، والأهم متوقدة ومنتعشة، احتاج معها المسلسل الجديد إلى نحو 11 شهراً من عمليات المونتاج التي اعتمدت على كثير من المؤثرات البصرية والسمعية، والتقنيات التي تستخدم للمرة الأولى في الدراما العربية، هذا، في الوقت الذي اعتمد المخرج على خبرته المهنية السابقة في تقديم كوكبة من الأعمال السينمائية والمسلسلات التلفزيونية الناجحة، التي توّجها في هذا العمل بخطوة إتقان انتقاء الممثلين العرب المشاركين من جنسيات متعددة، ليناسبها مع طبيعة كل دور ومتطلباته الدرامية.

على صعيد الحبكة الدرامية، وفق كاتب العمل، في تقديم نص تلفزيوني مشوق، استند إلى فكرة الانتقام والرغبة في الثأر، سواء بالنسبة لرجل الأمن الذي قتلت خطيبته، أو الأب المجرم الدولي الذي يعرف خفايا المنظمة السرية التي تورط في عملياتها المشبوهة، وقرر في وقت لاحق التخلص منها ليبدأ رحلة طويلة من التصفيات البشرية والملاحقات المحمومة لأعضاء المنظمة الثمانية وما يدور حولهم من قصص وخفايا تتكشف تدريجياً على امتداد حلقات الموسم الأول، الذي تختتم أحداثه بطريقة غير متوقعة تفتح أفق تناولات جديدة لبقية الأحداث في موسم لاحق.

من ناحية الأداء، نجح الثنائي آسر ياسين وخالد الصاوي، خلال هذا العمل، في تقديم أفضل ما لديهما من إمكانات درامية معروفة في بقية الأعمال الدرامية التي شاركا فيها، حيث تفرّد آسر ياسين هذه المرة بتقديم شخصية المقدم أدهم البارودي، الذي يفجع بمقتل خطيبته، بشكل غامض، ما يدفعه إلى الانتقام واللجوء إلى خيارات خارجة عن إرادته في كثير من الأحيان، للانتقام لخطيبته ومن ثم أخته، وأولها تعاونه مع والدها رجل الأعمال ناصر المنشاوي، الذي يؤدي شخصيته في العمل، خالد الصاوي، ليبرع في تجسيد صراعات المجرم النفسية وممارساته السابقة اللاإنسانية، ولاحقاً صراعاته النفسية بفقدان وحيدته.

مشاركة عربية وعالمية

يحسب للمخرج أحمد مدحت في العمل، اختيار نخبة من نجوم الدراما المصرية والعربية، وعلى رأسهم خالد الصاوي وآسر ياسين في البطولة المطلقة، ومن ثم، محمد علاء، غادة عادل، محمود البزاوي، ريم مصطفى، حنان سليمان، إلى جانب الممثل السوري جهاد سعد، الذي قدم شخصية لويس كامل، تاجر الأسلحة وصديق ناصر المنشاوي، والأردني منذر رياحنة، والمغربي محمد مفتاح، والسعودي خالد صقر، فيما خاضت المغنية المصرية لارا إسكندر أولى تجاربها في  التمثيل، من خلال تأديتها لشخصية خطيبة المقدم أدهم البارودي.

الأكثر مشاركة