الدكاكين القديمة.. زيارات على خُطى «الطيبين»
تُعد الأسواق الشعبية والدكاكين القديمة من أكثر الأماكن التي تحظى بشعبية واسعة بين مختلف الأشخاص في الإمارات، حيث يعتاد كثير من الأشخاص زيارة هذه الأماكن من فترة إلى أخرى، لما تحمله من ذكريات ومنتجات من الماضي. وتُعدّ الدكاكين القديمة في الأسواق الشعبية متنفساً جميلاً لكثير من الأشخاص، لما تحويه من المنتجات التي اعتاد الكثير على الاستمتاع بها في طفولتهم، حيث إن هذه الدكاكين مع صغر مساحتها ووجودها في أماكن قديمة؛ إلا أنها تحظى بشعبية واسعة بين المواطنين والمقيمين من مختلف الإمارات.
ومن أبرز الأسواق التي تلقى إقبالاً كبيراً «سوق عكاظ» الذي يقع في سوق مرشد؛ أحد أكبر الأسواق الشعبية في دبي الذي يشتهر ببيع الملابس والأقمشة النسائية والعبايات بجميع أشكالها وألوانها، حيث تشتهر بجودتها العالية وأسعارها الزهيدة، مقارنة بالتي تتوافر في المحال التجارية الحديثة، ولا تقتصر هذه الأسواق على المنتجات النسائية والأقمشة والإكسسوارات كالحقائب والأحذية، بل توفر منتجات مختلفة، فهناك محال الإلكترونيات التي تعرض كل أنواع الأجهزة والمعدات.
وتكثر الأسواق الشعبية في الإمارات، ومنها «سوق السبخة» بالقرب من «سوق نايف»، و«سوق ديرة» في دبي، و«السوق القديم» في الشارقة، وغيرها من الأسواق الشعبية المنتشرة في مختلف الإمارات.
«ذكريات الطيبين»
ويحرص جابر الحمادي - مواطن من سكان أبوظبي - على زيارة الأسواق القديمة، خصوصاً تلك التي في مدينة الشارقة لشراء المنتجات المختلفة لنفسه ولأطفاله، حيث تذكّره بأيام الماضي الجميل، كما اعتاد على التجول في هذه الأسواق لما تحمله من «ذكريات الطيبين» والماضي الجميل، وقال: «لهذه الحلويات طعم آخر، حيث تذكّرنا بالماضي والعادات المرتبطة به حين كنا نحرص على شراء تشكيلة متنوعة من هذه الحلويات سابقاً، وجمعها في كيس وتقديمها للأطفال للاحتفال بالمناسبات المختلفة».
وأضاف: «تذكّرني هذه الحلويات بالمناسبات المختلفة التي كانت بعض العوائل تحتفل بها من خلال ما يسمى (النثور)؛ حيث يتم جمع الحلويات ونثرها على الأطفال في الحفلات والمناسبات، كما تستخدم أيضاً في بعض العادات لدى بعض القبائل التي تنثر هذه الحلويات على العريس احتفالاً بزفافه مع نثر بعض من النقود الورقية أيضاً، الأمر الذي كان يضفي أجواءً رائعة على الاحتفالات في السابق». وأوضح: «مازلت أحرص على شراء هذه الحلويات القديمة عند زيارتي لهذه الأسواق، ومشاركتها مع أطفالي لترسيخ هذه العادات الجميلة لديهم أيضاً».
أطعمة طازجة ومنتجات قديمة
وقال الحمادي لـ«الإمارات اليوم»: «من المؤكد أن طعامنا في السابق كان مختلفاً وله طعم آخر، حيث كانت معظم الوجبات تحضر بمواد طبيعية وأقل ضرراً من الأطعمة التي نأكلها في زمننا هذا، لذلك عندما أزور هذه الأسواق فإني أستمتع كثيراً بتناول الأطعمة في المطاعم الشعبية التي توجد في هذه الأسواق، خصوصاً المخبوزات التي تباع في المطاعم والمخابز الشعبية هنا، مثل «خبز التنور» الذي يتميز بمكوناته الطبيعية، ويتم تناوله فور تحضيره وهو طازج، ولا يحتوي على الكثير من السكريات».
أما د.أحمد العضب، فقال لنا عند لقائه في أحد الدكاكين القديمة بمنطقة «المريجة» بالشارقة، إنه يحب شراء المنتجات القديمة من هذه الأسواق، مثل «الناميلت» و«النخي» الذي تتميز به هذه المحال عن غيرها من الأسواق الحديثة.
وأضاف: «كنت من سكان هذه المنطقة سابقاً وأحرص على زيارتها من فترة إلى أخرى لأنها تذكرني بأيام الطفولة، حيث يدفعني الحنين إلى أيام الطفولة لزيارة هذه المناطق والتجول فيها وفي أزقتها»، وتابع العضب: «أحرص على شراء البهارات وبعض المواد والمنتجات الغذائية التي لا تتوافر إلا في هذه الأماكن الشعبية».
أجواء عائلية
كما عبّر مواطنون ومواطنات عن سعادتهم البالغة عند زيارة هذه الأماكن، فقالت (أم أحمد): «وجود هذه الأسواق والتردد عليها في ظل العمران والتطور الذي نشهده حالياً هو أمر رائع يبعث فيّ شعوراً جميلاً أفتقده في هذه الأيام، فهذه الأماكن تذكّرنا بأشخاص عزيزين رحلوا عنا وأيام ومناسبات جميلة كنا نستعد لها بالتبضع من هذه الأسواق الشعبية».
وأضافت: «في السابق وعند رغبتنا في التسوق كان والدي يخصص لنا يوماً لشراء احتياجاتنا المختلفة، حيث كان علينا حصر احتياجاتنا وجمعها للذهاب مرة واحدة للسوق، وكنا نشعر بالسعادة البالغة، حيث كان الذهاب للسوق مع إخوتي في أجواء عائلية جميلة، خصوصاً في أوقات الأعياد والمناسبات».
وقالت (أم عبدالله): «لهذه الأسواق ذكرى جميلة فكنت دائماً أذهب إلى الأسواق، مثل (فريج المرر)، برفقة أمي لشراء قطع الأقمشة و(المخاوير) التي كانت تتميز بها هذه الأسواق القديمة»، وتابعت: «أستمتع كثيراً عندما نذهب للسوق الآن لشراء الأقمشة لي ولأخواتي من الأسواق القديمة».
وقال (محمد - 56 عاماً): «مع مرور الوقت وتطور الأماكن إلا أنني أجد في نفسي سعادة بالغة عند زيارة هذه الأسواق القديمة، حيث كنت ومازلت أستمتع بأبسط الأمور التي توجد في هذه الأسواق بالتحديد». وأضاف: «تتميز هذه الأسواق عن الأسواق الحديثة بوجود الأزقة أو (السكيك)، كما يُطلق عليها باللهجة المحلية، حيث تتميز كل (سكة) بنوع معين من المنتجات المختلفة كالأواني والملابس والمنتجات المختلفة التي تحمل في طياتها ذكريات جميلة من الماضي». وختم بقوله: «التجول في المناطق القديمة كالشندغة والأحياء الأخرى تذكّرني بالزمن الجميل».
لمشاهدة الفيديو، يرجى الضغط على هذا الرابط.
«مكسرات السالمية»
يُعدّ محل «مكسرات السالمية» أحد المحال الشهيرة ببيع المكسرات والحلويات منذ افتتاحه قبل 55 سنة، حيث بدأ ببيع المكسرات في عربة صغيرة في منطقة «المريجة»، ولاقت العربة أيامها إقبالاً وروّاجاً كبيرين بين المواطنين من مختلف أنحاء الدولة، وتمت إعادة افتتاح المحل أخيراً.
التجربة اليابانية في «ديرة»
يحرص كثيرون من السيّاح على زيارة الأسواق القديمة للتعرف إلى المناطق التراثية التي تتميز بها الإمارات. وتصادف وجود مجموعة من الشباب اليابانيين الذين أبدوا إعجابهم بالأسواق. وقال أحدهم لـ«الإمارات اليوم»: «لقد أتيت إلى دبي مع زملائي، وقمنا بجولة في الأماكن الشهيرة، مثل برج خليفة ودبي مول، وغيرهما، لكن زيارتنا للسوق القديم في ديرة كانت مميزة ومختلفة جداً، إذ استمتعنا بالتجربة، وكذلك بركوب (العبرة) حيث رأينا جانباً رائعاً ومختلفاً من دبي».