«داليات الخليل».. 17 نوعاً ومذاقاً من العنب
«الشهد في عنب الخليل، وعيون ماء سلسبيل، هي إرث جيل بعد جيل، وكفاح تاريخ طويل»، لم يعد وصف عناقيد العنب المزروعة في أرض محافظة الخليل جنوبي الضفة الغربية قائماً حالياً، كما تغنى بها الشعراء قديماً، فهذا الإرث الزراعي التي اشتهرت به مدينة الحرم الإبراهيمي على مر الزمان، يتعرض اليوم لتشويه استيطاني متصاعد، وخصوصاً في ذروة إنتاج هذا المحصول الموسمي، والممتدة من منتصف شهر أغسطس، حتى نهاية شهر سبتمبر من كل عام.
التشويه الاستيطاني لموسم العنب الزراعي يطال الغالبية العظمى من أراضي محصول العنب في مناطق الخليل، والبالغة مساحتها (٤٧) ألف دونم، إذ تجاورها المستوطنات الجاثمة على أراضي البلدات والقرى الفلسطينية، والتي تلتهم آلاف الدونمات الزراعية، بحجة دخولها ضمن المخطط الهيكلي لحدود نفوذها.
فعلى سفوح جبال بلدات «حلحول» و«سعير» و«الشيوخ»، وداخل ضواحي «بيت أمر» و«نوبا» ومخيم العروب للاجئين في محافظة الخليل، تنتشر أشجار العنب ذات الداليات الخضراء، وألوان عناقيدها المتعددة، وأصنافها المختلفة، داخل مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، ليبدأ موسم حصادها طوال فصل الصيف، وحتى ما بعد بداية فصل الخريف، فيما يبلغ عدد أصناف العنب داخل أراضي الخليل 17 نوعا ومذاقاً.
ويقول مدير عام زراعة الخليل أسامة جرار، إن «مدينة الخليل اعتادت هذه المشاهد سنوياً، طوال موسم الحصاد، فزراعة أشجار العنب تعد رمزاً للمجابهة داخل المدينة الفلسطينية، حيث يحتل هذا المحصول المرتبة الثانية بوصفه أهم منتج زراعي بعد الزيتون، فيما يعد رافداً مهماً للاقتصاد الوطني المحلي، متخطياً كل عوائق الاحتلال وممارساته التعسفية، ليتميز بمذاق فائق، وجودة عالية».
وتواجه هذه المشاهد الجمالية الطبيعية ما يشوهها، ويحول مذاق الشهد فيها إلى مرارة مقيتة، يتجرعها الفلسطيني مراراً وتكراراً، وذلك نتيجة قضم المستوطنات في الخليل آلاف الدونمات الزراعية، ليمنع الاحتلال الفلسطينيين من دخول أراضيهم المُصادرة، والاعتناء بمحاصيلهم، وريها، إلى جانب التحكم بمصادر المياه الجوفية، والاعتداء على محاصيل المزارعين بالحرق والتجريف، ما يتسبب لهم بخسائر فادحة، وحرمانهم من مصدر دخلهم الموسمي، وذلك بحسب جرار.
ويشير مدير عام زراعة الخليل خلال حديثه لـ«الإمارات اليوم»، إلى أن عنب مدينة الحرم الإبراهيمي يحتل المرتبة الأولى في إنتاج العنب بين المدن والمحافظات الفلسطينية، كما ينافس المنتجات الزراعية، ويصدر كميات كبيرة من محصوله السنوي إلى دول عربية وخليجية.
وعلى مدار السنوات المتلاحقة أصبح عنب الخليل إرثاً زراعياً وتاريخاً تتوارثه الأجيال، وأحد مكونات الموروث الثقافي والحضاري لأهل الخليل خاصة، وسكان فلسطين عامة، يتوارثون زراعته على مر الأجيال المتعاقبة، ليميزهم العنب الخليلي المزروع على مقربة من الحرم الإبراهيمي عن غيرهم من المدن والبلدات الفلسطينية.
«دبس» و«عنبيّة» و«زبيب»
قال رئيس مجلس العنب والفواكه في محافظة الخليل فتحي أبوعياش إن مدينة الحرم الإبراهيمي تنتج نحو 40 ألف طن سنوياً من محصول العنب، إلى جانب إنتاج نحو أربعة آلاف طن من أوراق العنب، التي تباع في الأسواق المحلية، لاستخدامها في الطهي.
ويضيف، أن عدد أصناف العنب المزروعة داخل أراضي الخليل تبلغ 17 نوعاً، منها، الجندلي، والبيروتي، والحلواني، والبلدي، والشامي، والدابوقي، والحمداني، والزيني، والمراوي، والفحيصي، والرومي الأحمر، والشيوخي، والبيتوني.
ويبين أبوعياش أن ثمار العنب المتعددة الأنواع والمذاقات تستخدم في صناعة عدة منتجات غذائية، وهي «الدبس»، ومربّى العنب «العنبيّة»، و«الزبيب»، و«الملبن»، منوهاً إلى أن ذلك يضاعف من أهمية ومرتبة هذا المحصول في الإنتاج الزراعي الوطني، ويسهم العنب إسهاماً كبيرة في إجمالي الدخل القومي.