أفلاج الإمارات.. ينابيع الخير تروي حكاية عبقرية الأجداد

تحوّلت ينابيع الأفلاج ومجاريها، التي تنساب منها المياه المنتشرة في أرجاء الإمارات، إلى مقاصد سياحية تستقطب الراغبين في الاستجمام وقضاء أجمل الأوقات بين الخضرة والماء، لاسيما في هذه الأوقات من السنة التي تشهد حملة «أجمل شتاء في العالم».

وتُعدّ الأفلاج إرثاً إماراتياً تاريخياً شكل شرياناً رئيساً للحياة ونبعاً متجدداً يفيض بالخير، وشاهداً على عبقرية الأجداد في هندسة جريان المياه، وتتماشى الدعوة إلى زيارتها مع شعار «موروثنا»، الذي أطلق على النسخة الثالثة من حملة «أجمل شتاء في العالم»، التي تسعى إلى إبراز مقومات الموروث والهوية الوطنية.

وتروي الأفلاج قصة إصرار الأجداد وإنجازاتهم التي يفتخر بها الأبناء، باعتبارها موروثات حضارية قديمة يجب المحافظة عليها.

وتؤكد هندسة الأفلاج على عبقرية الإنسان الإماراتي وقدرته على التخطيط وبناء قنوات محكمة وقوية قادرة على تحمل عوامل الطبيعة والزمن، من أجل الحفاظ على مورد اقتصادي مهم، إذ لعبت مياهها منذ القدم دوراً كبيراً في زراعة واحات شاسعة من البساتين التي مازالت موجودة. وتضم العين، التي عُرفت قديماً بـ«مدينة الأفلاج»، أكبر عدد من الأفلاج في الإمارات، ومنها: الهيلي، الراكي، الغشابي، المتعلج، الهنيامي، الخزامي، المويجعي، المعترض، القطارة، الجيمي، العيني، الداوودي، المسعودي، الجاهلي، هزاع، مزيد، فلج صاع، وادي الحمام، الحبيب، وفلج مدينة ألعاب هيلي. ومنذ أربعينات القرن الماضي، أولى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، عناية خاصة بأفلاج العين، إذ أمر بتوسعتها وتطويرها، خصوصاً فلج العيني «الصاروج»، الذي دامت عملية تطويره ما بين عامي 1948 و1966. وتُعدّ «حتا» من أهم مدن الدولة استقطاباً للزوّار، إذ باتت ملاذاً للاستجمام ووجهة  للراغبين في الهدوء ولعشاق الطبيعة، التي تمزج بين الجبال والخضرة، والتي تُعدّ ثمرة أفلاجها التي تنساب منها المياه. وتشتهر حتا بأفلاجها التاريخية التي تسمى «بالداوودية»، وأشهرها (الشريعة)، الفلج الذي يُعدّ مقصداً للمتطلعين بشغف لأسرار التاريخ، وجلب المياه من مصادرها في بطون جبال حتا لتصب في مناطقها الزراعية المسطحة.

وترجع تقنيات بناء الأفلاج «الداوودية» في مجملها إلى آلاف السنين، وإلى الآن لم يبح فلج (الشريعة) في حتا بأسراره، إذ مازالت البحوث قائمة لاستنطاق هندسته وتصميمه والبيئة التي أنشئ فيها؛ والكشف عن كل تفاصيله المثيرة للباحثين.

على قائمة «اليونسكو»

توّجت الإمارات جهودها في الحفاظ على نظام الأفلاج بالنجاح في 2020 في إدراج ملف الأفلاج الوطني المقدم باسم الإمارات، في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو»، خلال الاجتماع الدوري الـ15 للجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي.

الأكثر مشاركة