أحمد الموسوي.. طفل إماراتي يتفوق على 18 ألف عازف
لم يكن فوز الطفل الإماراتي أحمد الموسوي بالمركز الأول في مسابقة ترشح فيها نحو 18 ألف متسابق كأي فوز، ليس فقط بسبب عزفه المتميز على البيانو، ولا لأنه اجتاز كل مراحل السباق التي استمرت على مدار عام للوصول إلى التصفيات النهائية فحسب، بل لأنه تمكن من العزف 20 دقيقة متواصلة دون أن يرى مفاتيح البيانو نتيجة الظلام الذي خيم على خشبة المسرح الذي كان يعرف فيه، بسبب عطل تقني طارئ، لكن أحمد لم يتوقف بل واصل عزفه بقلبه ومهارته العالية، رغم انتهاء المدة المقررة له للعزف.
واستطاع الموسوي أن يعزف مقطوعته الموسيقية بكل ثقة، وأكمل بمعزوفة أخرى ألفها بفي اللحظة نفسها، لأنه حسب تعليمات المنظمين يجب أن يتوقف عن العزف حين تضاء خشبة المسرح بأكملها، إلا أنه مع انقطاع الإضاءة، ظن أن عليه مواصلة العزف، فما كان منه إلا أن ألف ارتجالياً لحناً ضمه إلى المعزوفة الرئيسة، ثم أعاد عزف المقطوعتين حتى عادت الإضاءة.
تفاصيل مشاركة الموسوي المبهرة روتها لـ«الإمارات اليوم» والدته الكاتبة إيمان العليلي التي ترى في أحمد فناناً عالمياً سيُشار إليه مستقبلاً بالبنان، إذا ما حظي بالاهتمام المطلوب، فهي تعيش على هذا الأمل، ليس بالتمني ورسم الأحلام، بل بعملها الجاد والمكثف على صقل وحماية وتجويد إبداعات أحمد الموسيقية في العزف والتأليف.
تطمح العليلي إلى أن يحظى طفلها البالغ من العمر 12 عاماً برعاية تليق بعبقريته الموسيقية، إذ إنه قادر على تأليف المعزوفات نتيجة امتلاكه فنون التوليف وخلق الألحان التي عادة تحتاج إلى دراسة علمية لمدة لا تقل عن خمس سنوات، إلا أنه تمكن منها وملكها بفطرته وأذنه الموسيقية.
ووفقاً لوالدته حقق أحمد الفوز بالمركز الأول بفارق 70 ألف صوت بينه وبين المركزين الثاني والثالث، وأبهر الحاضرين في حفل «جائزة عمار» التي أقيمت في العاصمة السعودية الرياض.
تنتقد والدة أحمد وهو من أطفال التوحد، الأفكار والمفاهيم المغلوطة عن أطفال التوحد أو غيرهم من أصحاب الهمم، لأنها تؤمن بالمفاهيم الحضارية والعلمية التي تشدد على عدم وصمهم وتصنيفهم على أساس الإعاقة، من خلال اعتبار أن ما يمتلكونه من مواهب وقدرات غير عادية بمثابة تعويض عن نقص ما لديهم. وتقول العليلي إنها طالما سمعت تعليقات مؤذية في هذا الإطار عن موهبة ولدها الاستثنائية، مثل «ان الله أخذ منه شيئاً وأعطاه بدلاً منه شيئاً آخر»، مضيفة أنها تردّ عليهم بالقول «إن الله لم يحرمه من أي شيء، لكنه منحه قدرات ومواهب ليست موجودة عند كثير من الأطفال الآخرين».
وتشدّد العليلي على ضرورة بدء التغير الجوهري في المفاهيم والإقرار بشكل عملي ومترجم بشكل ملموس، بأن ذوي الاحتياجات الخاصة هم أفراد مثلهم مثل أي أشخاص آخرين، لديهم صفات معينة وأحياناً مختلفة وأحياناً متميزة، مثل أي فرد في المجتمع، وأن لديهم القدرة على العمل والإنتاج ويجب أن تكون فرصتهم في ذلك ليس نتيجة هبة أو منحة يمن بها عليهم أصحاب المؤسسات والمشاريع.
تعيش العليلي على تحقيق طموحها ببناء مستقبل مهني واعد لأحمد في مجال الموسيقى، ورسمت له خطة عمل بدأت بتنفيذها منذ أن اكتشفت موهبته حين كان في سن صغيره. بدأت والدة أحمد رحلتها في تحقيق أملها بالبحث عن معلم متميز يفهم موهبة أحمد ويؤمن بها، وظلت سنوات تعاملت خلالها مع أكثر من 300 مدرس موسيقى حتى إنها كانت تذهب للمدارس وتطلب منها أن تلتقي بمعلم الموسيقى لتعرفه على أحمد بهدف اختيار المدرس المناسب، واستمرت في بحثها إلى أن حظيت بمعلمه الحالي «بيشوي»، المقتنع بموهبة أحمد وبأنه سيصل إلى مصاف العالمية، وسيكون له شأن عظيم في عالم الموسيقى والعزف على البيانو.
• الموسوي حقق الفوز بالمركز الأول بفارق 70 ألف صوت بينه وبين المركزين الثاني والثالث.
شهرة
شهرة أحمد الموسوي ذاع صيتها فصار يطلب بالاسم، إذ تمت دعوته إلى العزف في أوبرا سورية وأوبرا الإسكندرية، كما فاز للمشاركة في مهرجان «قادرون باختلاف» في القاهرة للعزف منفرداً في فقرة خاصة به.
وشارك أحمد وفاز حديثاً خلال مشاركته في برنامج «win the crowd»، الذي يبثه تلفزيون أبوظبي، وهو برنامج يستضيف مواهب تتخذ من أركان الشوارع المزدحمة والأماكن العامة مسرحاً، ومن المارّة جمهوراً وحكماً لتؤدي عروضاً فنية بصيغة مبتكرة وارتجالية، والفائز هو المتسابق صاحب الموهبة التي تجتذب أكبر عدد من المتفرجين. ومن بين الفعاليات المهمة أيضاً التي شارك فيها أحمد في الآونة الأخيرة، العزف في المؤتمر الدولي الثاني لمزدوجي الاستثنائية الذي عقد حديثاً في المملكة العربية السعودية.