يعود في «النار بالنار» بعد 7 أعوام من الغياب

طارق تميم واقع المثقف العربي في بلاد الأزمات

صورة

بين تجارب انكساراته الداخلية وعجزه عن إدارة علاقته الزوجية، يمضي الممثل اللبناني طارق تميم، حثيثاً في تقديم شخصيته الدرامية الملفتة في المسلسل الرمضاني الجديد «النار بالنار»، ليتصدر مع عدد من نجوم العمل، بوصلة المتابعات وساحة الاهتمام العام في الشهر الفضيل، وذلك بعد قرار الفنان «فك الحصار» الاختياري الذي امتد سبع سنوات أمضاها بعيداً عن شاشة التلفزيون، ليفصح هذه المرة، وبعيداً عن المسرح والسينما، عن شخصية فنية فذة تستحق الاهتمام والنظر.

إطلالة الممثل اللبناني في عمل سوري - لبناني مشترك، جاءت إلى حد كبير جاذبة باعتبار ما حملها العمل من إيديولوجيات، خطابات فكرية وسياسية وأبعاد إنسانية واجتماعية جديرة بالبحث والنقاش في تجربة شخصية «جميل»، المثقف المهزوم الذي شق لسنوات طويلة دروب الصحافة المكتوبة وصولاً إلى عهد الإنترنت والصحافة الرقمية، التي دفعته نحو فقدان عمله، فيما منعه عجزه عن ركوب موجة «الحداثة» و«ثورة التكنولوجيا» على تطوير أدواته و مجاراة «مقتضيات المرحلة»، فركن إلى عاداته المقيتة ولغوايات القمار وصولاً إلى تدمير علاقته بالكامل مع زوجته «قمر»، التي قررت هجران البيت العائلي لعدم قدرتها على مجاراته والوقوع في مستنقع أخطائه.

نموذج مؤلم

رغم الاضطرابات والمآزق النفسية الكثيرة التي يعانيها «جميل» وانعكاساتها المأساوية التي تابعها المشاهد في علاقته بالوسط الاجتماعي الشعبي والفقير الذي يعيش فيه، فإنه نجح في المقابل، في الدفاع عن قناعاته كمثقف يساري متمرد على واقعه، وكذلك نظرته المثالية للحياة ونقاء روحه، التي تجسدت في علاقته المميزة بصديق عمره وجاره «عزيز»، الذي يؤدي شخصيته الفنان جورج خباز، ومساعدته الدائمة له في حل لغز غياب والده القسري وفي تغيير نمط تفكيره المعادي لوجود جيرانه السوريين في الحي، على عكس «جميل» الذي يتمتع بأفق فكري أوسع يرحب بالاختلاف والتنوّع وتبادل وجهات النظر، ويمتلك الشجاعة الدائمة لانتقاد مبادئ «عزيز» التي يراها مجحفة في حق من حوله، إلا أنه يبقى هزيلاً أمام جبروت محبته الكبيرة لزوجته التي تقوده باستمرار إلى الإذعان لأوامرها.

من جانب آخر، وعلى صعيد فني بحت، نجح طارق تميم، في تقديم نموذج إنساني استثنائي، يعكس بأمانة وإنصاف، ودون مبالغات، واقع المثقف العربي المؤلم في بلاد الأزمات، متكئاً على خبرته الطويلة على الخشبة وتجربته التراكمية في مجال الأعمال الكوميدية الساخرة، التي استفاد منها الفنان لرسم لوحات إنسانية فارقة حفل بها المسلسل الرمضاني.

موهبة

على الرغم من كثرة الشخصيات والأحداث المتتالية التي يحفل بها مسلسل «النار بالنار» فإن طارق تميم، استطاع أن يجد مكانه الطبيعي بين نجوم العمل كافة، وأن يلفت الانتباه إلى موهبته التمثيلية العالية في أداء شخصية «المثقف المهزوم».

ثنائية فريدة

في الوقت الذي شكل الفنان مع زوجته ساشا دحدوح، ثنائياً فريداً ومميزاً، لزوجين غير تقليديين يواجهان واقعاً اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً مريراً لايزال حتى الآن، مفتوحاً على خيارات صنّاع العمل تحت إدارة المخرج محمد عبدالعزيز، الذي استطاع بدوره، ضبط إيقاع العمل، وتجاوز مطبات ومحاذير درامية كثيرة لتقديمها دون أي «روتوشات» أو «حسابات وحساسيات» فرضتها الأطراف المتجاورة والمتنازعة في وقت واحد. وهو الأمر الذي أكده النجاح الجماهيري الذي ابتدأ يحققه العمل لدى أوساط الجمهور والقبول والاستحسان الذي ضمنه الناس على وسائل التواصل الاجتماعي.

منعه عجزه عن ركوب موجة «الحداثة» من تطوير أدواته ومجاراة «مقتضيات المرحلة».

لفت الانتباه إلى موهبته التمثيلية العالية في أداء شخصية«المثقف المهزوم».

تويتر