قصص نجاح إماراتية في الاستدامة.. مبادرات نوعية تحمي التنوّع البيولوجي

اهتمت دولة الإمارات بالحفاظ على التنوّع البيولوجي بمختلف صوره، مستندة إلى إرث طويل من العمل الوطني بدأه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وواصلت الدولة جهودها في هذا السياق، من خلال منظومة تشريعية متكاملة، وإطلاق حزمة من المبادرات والخطط الاستراتيجية، وإنشاء المناطق المحمية والتوسع فيها، والمحافظة على الأنواع المهدّدة بالانقراض وإكثارها، إضافة إلى التوقيع على العديد من الاتفاقيات الإقليمية والدولية التي تعزّز التنوّع البيولوجي وتحافظ عليه، بما يضمن تحقيق الاستدامة البيئية، وإيجاد مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمقبلة.

ونتيجة حتمية لجهود الإمارات الحثيثة في المحافظة على التنوّع البيولوجي على مدار السنوات الماضية، تصدرت الإمارات دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الترتيب العام لتقرير مؤشر الأداء البيئي 2022 الصادر عن جامعة ييل، الذي يرصد الأداء البيئي لـ180 دولة، إذ حصدت المركز الأول عالمياً في مؤشرات المحميات البحرية، وخدمات النظام الإيكولوجي، وقلة انحسار الأراضي الرطبة، والمركز الأول إقليمياً والثالث عالمياً في مؤشر حيوية النظام البيئي، والمركز الأول إقليمياً في مؤشر التنوّع البيولوجي والموائل الطبيعية.

ويستعرض محور الأثر ضمن حملة «استدامة وطنية»، التي أطلقت أخيراً، تزامناً مع الاستعدادات لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ «COP28»، الذي يُعقد خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر المقبلين في «مدينة إكسبو دبي»، التأثير الإيجابي لمبادرات الاستدامة في الإمارات على مختلف المجالات، إذ تهدف الحملة إلى نشر الوعي حول قضايا الاستدامة البيئية، وتشجيع المشاركة المجتمعية.

ويبرز الموقع الإلكتروني للحملة sustainableuae.ae المبادرات وقصص النجاح الوطنية في الاستدامة، إذ تحظى الإمارات بسجل حافل في هذا المجال، من خلال مبادرات رائدة تعكس القيم الراسخة للحفاظ على البيئة والتقاليد المجتمعية، وغيرها من القيم التراثية الأصيلة.

وتولي الإمارات أهمية كبيرة لإطلاق مبادرات طموحة لحفظ التنوّع البيولوجي، باعتبارها تمثل حلولاً ملموسة يحتاجها العالم للتخفيف من ظاهرة التغيّر المناخي، خصوصاً مع قرب انعقاد «COP28»، الذي يسهم في تقديم رؤية واضحة وإجراءات عملية لحماية النظم البيئية، إضافة إلى تعزيز وتوحيد العمل العالمي للحدّ من تدهور التنوّع البيولوجي، وحماية النظم الإيكولوجية التي تدعم الأمن الغذائي والمائي والصحة للمليارات من البشر، فضلاً عن تقليل فقدان المناطق ذات الأهمية العالمية للتنوّع البيولوجي.

وتتمتع الإمارات بمجموعة من الأنظمة الإيكولوجية والمواطن الطبيعية والكائنات البرية والمائية، التي تشكل تنوّعاً بيولوجياً متكيفاً مع البيئات والظروف المناخية، وبناءً عليه اتخذت الدولة إجراءات عدة للمحافظة على هذا التنوّع البيولوجي، إلى جانب تنفيذ مجموعة واسعة من البرامج والمبادرات الخاصة، في سياق الاستراتيجية الوطنية للتنوّع البيولوجي، والاستراتيجية الوطنية لمكافحة التصحر، والاستراتيجية الوطنية لاستدامة البيئة البحرية والساحلية، وغيرها.

وتهدف الاستراتيجية الوطنية للتنوّع البيولوجي بصورة رئيسة إلى التصدي للأسباب الكامنة وراء فقدان التنوّع البيولوجي عن طريق دمج قيم التنوّع البيولوجي في جميع قطاعات الدولة، وخفض الضغوط المباشرة على التنوّع البيولوجي وتعزيز الاستخدام المستدام، وتحسين حالة التنوّع البيولوجي عن طريق صون النظم الإيكولوجية والأنواع والتنوّع الوراثي، وتعزيز المنافع للجميع من التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية، إضافة إلى تعزيز التنفيذ من خلال التخطيط التشاركي وإدارة المعارف وبناء القدرات.

وانطلاقاً من أهمية مكافحة التصحر في حفظ التنوع البيولوجي، أعدت وزارة التغيّر المناخي والبيئة، بالتعاون والتنسيق مع شركائها الاستراتيجيين، أول استراتيجية وطنية لمكافحة التصحر في عام 2003، وتم تحديثها وتطويرها في 2014، كما اعتمد مجلس الوزراء العام الجاري الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التصحر 2022-2030، التي تتضمن 33 مبادرة رئيسة قصيرة وطويلة المدى، وأجندة عمل وطنية حتى 2030.

البيئة البحرية والساحلية

حظيت البيئة البحرية والساحلية في الإمارات باهتمام كبير، وتعدّدت المبادرات لحماية البيئة البحرية وثرواتها، من أبرزها الاستراتيجية الوطنية لاستدامة البيئة البحرية والساحلية، التي تهدف إلى زيادة مستوى الوعي بمفاهيم البيئة البحرية والساحلية، وإدماج هذه المفاهيم في عمليات التخطيط وصنع القرار، والاهتمام بالممارسات والاستخدام المستدام للموارد الطبيعية البحرية في تطوير السياسات والتشريعات المحلية والوطنية، إضافة إلى تحسين حالة التنوّع البيولوجي عن طريق حماية الموائل والأنواع والتنوّع الوراثي، وتأهيل الأنظمة البيئية الساحلية المتدهورة، وزيادة نسبة المناطق الساحلية والبحرية المحمية، وإنشاء شبكة للنظم الإيكولوجية وإدارتها بصورة فاعلة.

المحميات الطبيعية

تتعدد جهود الإمارات على صعيد حماية وتعزيز التنوّع البيولوجي، بما في ذلك إنشاء المحميات الطبيعية والتوسع فيها، إذ تحتضن الدولة 49 محمية طبيعية، تمثل نحو 15.53% من إجمالي مساحة الإمارات، وتنقسم هذه المحميات إلى 16 محمية بحرية، و33 محمية برية.

وفي إطار مبادراتها للحفاظ على التنوّع البيولوجي وحماية الأنواع المهدّدة بالانقراض، أولت الإمارات برامج إكثار الأنواع المهدّدة بالانقراض أهمية بالغة، إذ نجحت في توفير مراكز الإكثار ذات السمعة المرموقة على الصعيدين المحلي والعالمي.

وعزّزت الإمارات طموحها لتوسيع غطاء غابات القرم (المانغروف)، من خلال زيادة هدف زراعة أشجار القرم من 30 مليوناً - التي أُعلن عنها سابقاً ضمن التقرير الثاني للإسهامات المحددة وطنياً وفقاً لاتفاق باريس للمناخ - إلى 100 مليون شجرة بحلول 2030، إذ تلعب غابات القرم دوراً مهماً في حماية سواحل الإمارات من ارتفاع مستويات سطح البحر، والعواصف الشديدة، وتوفير الموائل الطبيعية للتنوّع البيولوجي. وعلى الجانب التشريعي أصدرت الإمارات العديد من التشريعات الخاصة بحماية تنوّعها البيولوجي.

مسيرة عمل

عبر جهودها في مسيرة العمل العالمي لحماية التنوّع البيولوجي، انضمت الإمارات عام 1990 إلى اتفاقية تنظيم الاتجار في أنواع النباتات والحيوانات المهدّدة بالانقراض، تبعها عام 1998 الانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، كما انضمت الدولة عام 2000 إلى الاتفاقية الدولية المتعلقة بالتنوّع البيولوجي وبروتوكولاتها الخاصة بالسلامة الأحيائية من الموارد المحورة وراثياً، وبروتوكول التقاسم العادل الناشئ عن الموارد الوراثية، والاتفاقية الخليجية للمحافظة على الحياة البرية عام 2004، إضافةً إلى ذلك انضمت الدولة إلى الاتفاقية الدولية للأراضي الرطبة عام 2007، والمعاهدة الدولية للأنواع المهاجرة عام 2018، والاتحاد الدولي لصون الطبيعة عام 2020، وغيرها من التحالفات العالمية.

• الإمارات حصدت المركز الأول عالمياً في مؤشرات المحميات البحرية، وخدمات النظام الإيكولوجي

• 100 مليون شجرة قرم تستهدف الإمارات زراعتها بحلول 2030.

• 49 محمية طبيعية، تمثل 15.53% من إجمالي مساحة الإمارات.

.

الأكثر مشاركة