بعض خلايا المخ تظل حية ساعات أو أياماً بعد الوفاة
«صحوة الموت».. تحت مجهر العلماء
بعيداً عن التفسيرات الفلسفية والأدبية، استحوذت فكرة صحوة الموت على اهتمام العلماء مؤخراً، لاسيما بعد التقدم الكبير الذي قطعه العلم في إنعاش مصابي الحوادث بعد أن أوشكوا على مفارقة الحياة.
ويقصد بصحوة الموت حالة الصفاء الذهني واستعادة القوى العقلية والجسمانية التي تنتاب شخصاً ما قبيل وفاته، بعد رحلات من المرض والمعاناة قد تصل إلى حد الغياب عن الوعي لفترات طويلة.
ويقول سام بارنيا طبيب الحالات الحرجة في مركز لانجون الطبي التابع لجامعة نيويورك الأمريكية: «في عام 1959، توصل العلم إلى طريقة لإنعاش القلب بعد توقف النبض، وهو ما يطلق عليه علمياً مصطلح (الإنعاش القلبي الرئوي)».
ويؤكد بارنيا في تصريحات للموقع الإلكتروني «ساينتفيك أمريكان» المتخصص في الأبحاث العلمية، أن كثيراً من خلايا المخ تظل على قيد الحياة بعد ساعات بل وأيام من الوفاة، ما يدحض المفاهيم السابقة بشأن الحدود الفاصلة بين الموت والحياة.
ولاشك في أن التقدم العلمي في المجالات الطبية وبخاصة طب الأعصاب، فضلاً عن تغير مفاهيم الأطباء، قد أحدث ثورة في طريقة فهمنا للموت. وقد عكف الباحث كريستوفر كير، مدير مركز رعاية المسنين والرعاية التلطيفية في بافالو بولاية نيويورك، على دراسة حالات الصفاء الذهني التي تنتاب المئات من المصابين بأمراض عضال في المراحل الأخيرة من حياتهم. ويقول إن هذه الحالات «عادة ما تحدث في الأيام القليلة الأخيرة قبل الوفاة».
ويقوم أندرو بيترسون المتخصص في مجال أبحاث الوعي والأخلاقيات الحيوية بجامعة جورج ميسون، بتعريف هذه الظاهرة بأنها «استعادة الوظائف الذهنية مثل القدرة على الحديث والتواصل مع الآخرين بشكل غير متوقع». ويقول إن أهم ما يلاحظه أقرباء المريض في هذه المرحلة، هو ما يطلق عليه «عودة الشخص إلى سابق عهده». واستطرد أن «المسألة لا تتعلق بإدراك البيئة المحيطة فحسب، بل إن المريض - وهو على حافة الموت - يدرك علاقته بالآخرين، وأحياناً يستخدم أسماء تدليل ويطلق بعض النكات».
ويقول بيترسون: «نحن لا نعرف في الواقع ما الذي يحدث داخل المخ أثناء الوفاة ويؤدي إلى حدوث هذه الصحوة».
وبحسب دراسة أجراها فريق بحثي من جامعة ميتشجن الأمريكية ونشرتها الدورية العلمية «بروسيدنجز أوف ناشونال أكاديمي أوف ساينسس» (PNAS) الشهر الماضي، لاحظ العلماء فورة في النشاط العقلي المنتظم لاثنين من بين أربعة مرضى في حالة غيبوبة بعد فصلهم عن أجهزة التنفس الصناعي. وترتبط هذه الدراسة ببحث سابق يعود تاريخه إلى عام 2013، حيث قام فريق من الباحثين بدراسة النشاط العقلي لمجموعة من فئران التجارب بعد حقنها بمواد سامة تؤدي إلى توقف القلب. ووجد الباحثون زيادة في موجات جاما داخل المخ في الدقائق التي تسبق نفوق الفأر مباشرة. وعادة ما تقترن هذه الموجات في الذهن بحالات التيقظ والانتباه واستدعاء الذكريات.
ويؤكد بارنيا أن حالات الصفاء الذهني التي تحدث للمصابين بالسكتات القلبية الذين يوشكون على الموت «تختلف عن الهلوسات أو الأحلام». ورغم أنه لا يوجد حتى الآن تفسير مكتمل لظاهرة الوعي الذي يسبق الوفاة، فإن العلم الحديث يرسم صورة للوفاة باعتبارها عملية نشطة ومركبة، وأهم من ذلك كله «ذات صبغة إنسانية».
حالات الصفاء الذهني التي تحدث للموشكين على الموت «تختلف عن الهلوسات أو الأحلام».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news