تحدّت الصورة النمطية وخاضت مشواراً فنياً طويلاً لتعلُّم العزف على آلة القانون
العازفة الإماراتية سمية بوخشم تهجر القانون إلى «آلة القانون»
بزيِّها الإماراتي الذي يعكس هويتها، نجحت الموسيقية الإماراتية الشابة سمية إبراهيم بوخشم في تقديم نموذج مستقبلي ناجح للمرأة الإماراتية الطموحة الباحثة عن التميز، وذلك بعد قرارها تحدي الصورة النمطية للمرأة التقليدية وانخراطها في مشوار فني طويل وشائك لتعلم العزف على آلة القانون المعقدة والصعبة، بعد سنوات قضتها في الجامعة لدراسة القانون، وبتعلمها فنون هذه الآلة الشرقية ترجمت عشقها القديم للنغم، وشغفها اللامحدود بتمثيل المرأة الإماراتية المبدعة والمحاربة من أجل تحقيق ذاتها.
عشق الموسيقى
رغم العشق الذي ألف بين قلبها وبين النغم، ونشأتها في بيئة متذوقة للفن، فإن سمية لم تتوقع أبداً أن يحملها شغفها نحو تجربة المعاهد الموسيقية ولا خطوة تعلم أصول العزف الموسيقي.
وقالت سمية لـ«الإمارات اليوم»: «انطلق عشقي للموسيقى وإحساسي باللحن الموزون الذي يلامس الروح منذ فترة الطفولة، فدفعني نحو المواظبة على الاستمتاع بسماع مختلف القطع الموسيقية، ولم أتوقع حينها أن أقدم يوماً على تعلم العزف، خصوصاً في ظل بعض القيود، حيث كان هناك عدم تقبل مجتمعي لفكرة دخول الفتاة عالم الفن، الأمر الذي جعلني بداية غير قادرة على اتخاذ أي خطوة عملية في هذا المجال».
صدفة جميلة
بالتوازي مع شغف الموسيقى، لم تتوان سمية بوخشم لحظة في التخطيط المحكم لمشوار المستقبل، فقد استكملت بنجاح دراستها الثانوية وصولاً إلى المرحلة العليا وحصولها على الشهادة الجامعية في القانون، ومن ثم قررت سمية الاندماج بثبات في معترك الحياة المهنية لتواصل تجربتها في «بلدية دبي» لمدة 10 سنوات كاملة، قبل أن تدفعها ظروفها الخاصة إلى تقديم استقالتها للتركيز على مشاغل أخرى وصفتها قائلة: «في البداية استمالني شغفي بالأشغال اليدوية وإتقاني لعدد منها إلى تجربة بعض أعمال الصوف، وعينات السيراميك، وتنسيق الورود، وغيرها من الإنجازات التي وإن أشعرتني بالارتياح برؤية إبداعاتي فإنها لم تكن للأسف كافية لإشعاري بالسعادة».
وأضافت: «بالتوازي مع ذلك نزعت لفترة ما نحو استخدام آلة (الأورغ) المتوافرة في البيت، لمحاولة عزف بعض المقطوعات التي أستقيها من موقع الفيديوهات العالمي (يوتيوب)، ولا أنكر سعادتي الكبيرة بهذه التجارب الذي كانت تعيدني كل مرة نحو عشقي الأول، ومن ثم قررت تعلم آلة الكمان في أحد معاهد الشارقة لكنني لم أستكمل الخطوة بسبب انتشار الجائحة والحجر الصحي العام، إلا أنني لم أيأس وظللت باحثة عن أفق جديد لحلمي إلى أن لمحت على منصات التواصل الاجتماعي صفحة أكاديمية الفجيرة للفنون الجميلة التي قلبت صدفة اكتشافها موازين تجربتي بالكامل».
سحر القانون
مباشرةً بعد هذا الاكتشاف السعيد قررت سمية تولي زمام الأمور وتحقيق خطوة سباقة ستكون فارقة في المستقبل، إذ أكدت: «بعد انفراج الحظر وعودة الحياة تدريجياً، قررت التنقل لزيارة الأكاديمية واكتشاف تفاصيلها، وبالتالي إصلاح آلة الكمان التي أملكها، إلا أنني فوجئت أثناء تجوالي بين ثنايا المكان ودخولي أولى قاعات الدروس الموسيقية بالأنغام المنبعثة آنذاك من آلة القانون الساحرة التي لف صداها قلبي واخترقت روحي، وقتها فقط أيقنت أنني وجدت ضالتي، وقررت التخلي عن تعلم آلة الكمان للاستمرار في تعلم القانون الذي جاوزت فيه اليوم أربع سنوات من التجربة».
تحديات
وحول تحديات تعلم العزف والتنقل مرتين أسبوعياً من الشارقة إلى الفجيرة وأحياناً يومياً للتمارين والبروفات الموسيقية، أكدت العازفة سمية إبراهيم بوخشم جاهزيتها الكاملة وحماستها بهذا التحدي الذي يبقيها دوماً قريبة من أحلامها، مدافعة عن شغفها بالموسيقى والنغم، مشيرة في الوقت نفسه إلى براعتها الواضحة في تحدي صعوبة هذه الآلة التي تتطلب زمناً من الجهد والمثابرة وممارسة التمارين باستمرار، ونجاحها مع الوقت في تعلم ضوابطها واستيعاب مكوناتها المتشعبة بسرعة فائقة وصولاً إلى حصولها على «بطاقة الفنان»، وتحقيق التميز المرتقب الذي تحاكي فيه سمية اليوم أقدم الخبرات الموسيقية في المجال بشهادة أساتذتها.
مشاركات واسعة
بموهبتها في العزف على آلة القانون، خطفت الإماراتية سمية إبراهيم أنظار الجمهور في مجمل مشاركتها الفنية العديدة مع الأكاديمية داخل وخارج الدولة في فعاليات متنوعة أبرزها النسخة الـ19 من حفل «غلوبال فيوجن» الموسيقي السنوي، وأمسية شاعر الوطن علي الخوار التي نظمتها جمعية دبا للثقافة والفنون والمسرح، ثم اليوم المفتوح للإبداع والابتكار في عام الاستدامة في أبوظبي، وحفل الكونغرس العالمي للهيئة الدولية للمسرح بالفجيرة.
وانضمت سمية إبراهيم بوخشم إلى معظم فعاليات ومشاركات أكاديمية الفجيرة للفنون الجميلة وقوافلها الفنية المتجولة بين مناطق الإمارات، وصولاً إلى تمثيل دولتها في الخارج في احتفالاتها باليوم الوطني الإماراتي الـ51 في سفارة الدولة في كوريا الجنوبية، التي اعتبرتها وسام شرف ومصدر فخر واعتزاز للمرأة الإماراتية التي اعتبرتها سفيرة لوطنها.
الموسيقى العربية أولاً
بين تجارب عزف الموشحات العربية وأصعب المقطوعات الموسيقية الشرقية وصولاً إلى تجارب أشهر أغاني سيدة الغناء العربي الراحلة أم كلثوم، نجحت عازفة القانون الإماراتية سمية إبراهيم في تنويع تجربتها الموسيقية وتنمية قدراتها الفنية، وصولاً إلى تحقيق حلمها بالاحتراف أولاً وبالدفاع عن حضور الموسيقى العربية في مشهد الفن حول العالم، الذي تتمنى سمية أن تكون إحدى المساهمات الفاعلات في جهود إحيائه وصيانته، متوجهة بالشكر إلى أكاديمية الفجيرة للفنون الجميلة على مساهماتها الرائدة في هذا المجال ودعمها للمواهب الصاعدة بشكل محترف.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news