ماء ونار وخلجان هادئة وفيضانات زرقاء متلألئة

جزر إيولايان.. قطعة من الجنة على الأرض

صورة

يصف البعض جزر إيولايان التي تقع قبالة ساحل صقلية في البحر التيراني بأنها قطعة من الجنة على الأرض؛ إذ تجتمع بها العناصر المتضادة التي يصعب التوفيق بينها مثل الماء والنار، لترسم لوحة طبيعية بديعة تصور مشهد انبعاث الحمم البركانية من الفيضانات الزرقاء المتلألئة.

ويحظى بركان «سترومبولي» بأهمية كبيرة ويصل ارتفاعه إلى 900 متر.

وقال العالم بالمعهد الإيطالي للجيوفيزياء والبراكين بوريس بنكيه «يثور هذا البركان بصورة منتظمة، وفي بعض الأحيان ترتفع غيوم صغيرة من الرماد فوق فوهة البركان كأنه يرسل إشارات دخان إلى البراكين الأخرى في الجرز المجاورة، إذ ترتفع الحمم البركانية إلى السماء في جبل إتنا».

وغالباً ما تنساب الحمم البركانية على الجانب الشمالي لبركان «سترومبولي» في منطقة «شيارا دل فوكو»، وقد تصل هذه الحمم البركانية إلى الساحل وتختفي في البحر، على غرار ما حدث في صيف 2019.

بينما قال القبطان جياني أرينا: «لقد كان مشهداً لا يُنسى عندما تدفقت الحمم البركانية من البحر مع غروب الشمس».

ويرافق القبطان والمرشد جياني المجموعات السياحية، التي لا تجرؤ على القيام بهذه الرحلة بمفردها أو لا يمتلكون التراخيص اللازمة، على اليخت الشراعي لشركة «صن سايل» في بورتوروسا.

ويتمتع القبطان جياني، المولود بقرية للصيادين بالقرب من ميسينا، بمعرفة كبيرة بجزر الأرخبيل السبعة: فولكانو وليباري وسالينا وسترومبولي وباناريا وفيليكودي وأليكودي، ولذا يرشد السياح إلى أبعد شواطئ السباحة وأجمل طرق التنزه والتجول سيراً على الأقدام، بالإضافة إلى الخلجان الهادئة والمنعزلة والموانئ البديعة.

وتكثر أعداد السياح بشدة في ذروة الموسم السياحي خلال الصيف؛ إذ تنقل الطائرات السياح من روما وميلانو إلى هذه الجزر، وينعم أفراد عائلة بولجاري بالحياة الحلوة في الفيلا الخاصة بهم في القرية الصغيرة «جينوسترا» في سترومبولي.

«باناريا»

ويعيش الكثير من المشاهير وصفوة المجتمع في جزيرة «باناريا» المجاورة، والتي يسكنها نحو 200 شخص فقط في فصل الشتاء.

وأضاف القبطان جياني أرينا: «تكون الجزر في أفضل حالاتها قبل ذروة الموسم السياحي في الصيف وبعده، عندما تكون الأجواء لاتزال دافئة، حتى إن الرحلات الطويلة، التي تمتد لمسافة 50 كيلومتراً في البحر، مثلاً من سترومبولي الواقعة في الشمال الشرقي من الأرخبيل حتى جزيرة سالينا في الوسط ومروراً بجزيرة باناريا، تعد رحلة نهارية مريحة بالنسبة للمحترفين».

وتزداد سرعة اليخت مع هبوب الرياح الشديدة في الأشرعة البيضاء، ويتم اختراق البحر التيراني بسرعة كبيرة، وفي هذا المشهد البديع تظهر السماء باللون الأزرق والجزر البركانية باللون الرمادي والبني.

«سالينا»

وتعد جزيرة سالينا ثاني أكبر جزيرة في جزر إيولايان أو الجزر الإيولية كما يسميها الإيطاليون، وأكثرها خضرة، وتمت تسمية الجزر على اسم «إيولوس»، إله الرياح عند اليونانيين.

وقد تهب الرياح في هذه المنطقة بشدة لدرجة يتم معها إيقاف خطوط العبّارات، وغالباً ما يتم الوصول إلى هذه الجزر، الواقعة على مسافة 30 إلى 80 كيلومتراً من مدينة ميلاتسو الساحلية في صقلية، بواسطة العبّارات، والتي تنطلق مرات عدة في اليوم.

وأشار القبطان جياني إلى أن التنقل بين هذه الجزر بواسطة القوارب الشراعية يعد تجربة رائعة وليست باهظة الكلفة كما يظن كثيرون، إذ يمكن مع بداية سبتمبر استئجار قارب بطول تسعة أمتار لشخصين نظير 2200 يورو لمدة أسبوع، وإذا لم يتمكن السياح من توجيه اليخت بأنفسهم، فإن تكاليف القبطان تصل إلى 1600 يورو إضافية.

لؤلؤة ساطعة

وتعتبر جزيرة سالينا بمثابة اللؤلؤة الساطعة في جزر إيولايان، بسبب المشاهد البانورامية في كابوفارو، والمنتجعات الراقية والمطاعم الأنيقة وقرى الصيد سانتا ماريا ومالفا. ونظراً لأنه لا يمكن الوصول إليها بسرعة مثل جزيرة ليباري، التي تعد أكبر جزيرة في الأرخبيل، فإن جزيرة سالينا تمتاز بالهدوء مقارنة بالجزر الأخرى.

وفي جزيرة سالينا صور الفيلم الرومانسي «ساعي البريد» الحائز جائزة الأوسكار عام 1994، وهو ما أكسب المناظر الطبيعية في جزيرة سالينا شهرة عالمية بفضل القصة المروية بطريقة ساحرة وشاعرية.

وخلال أحداث الفيلم ظهرت دراجة «ساعي البريد» في الكثير من الأماكن في الجزيرة.

وقال القبطان جياني: «ليس هناك جزيرة أجمل من سالينا لعشاق الرومانسية الحالمة».


وكأنها سطح القمر

وعلى الجانب الآخر تعد جزيرة ليباري الرئيسة أكثر صخباً وازدحاماً، خصوصاً في البلدة القديمة أسفل القلعة، ودائماً ما يذهب السياح بواسطة العبارات من ميلاتسو إلى زيارة جزيرة فولكانو، التي تقع في الجنوب، ويتجولون وسط المناظر الطبيعية، التي تشبه سطح القمر حتى الوصول إلى فوهة البركان المثيرة للإعجاب.

ويتوافر أمام السياح في شمال شرق صقلية الاستمتاع بزيارة مدينة تاورمينا وجبل إتنا القريب.

وأكد عالم البراكين الألماني بوريس بنكيه أنه لا يوجد بركان مثل هذا البركان، والذي يعتبر أعلى بركان نشط في أوروبا؛ إذ يصل ارتفاعه إلى 3357 متراً، وأصبحت ثوراته معتدلة نسبياً في الآونة الأخيرة.

القبطان جياني:

«ليس هناك جزيرة أجمل من سالينا لعشاق الرومانسية الحالمة».

• تكثر أعداد السياح في ذروة الموسم خلال الصيف، إذ تنقل الطائرات الزوار من روما وميلانو إلى هذه الجزر.

تويتر