«التلفريك» يحلق في سماوات مختلفة.. من الجبال إلى المدن

في أحد مصانع النمسا، يجمع ألبرت جوشوم، قطع «الكابل سي1» المستقبلي، أول تلفريك في منطقة «إيل دو فرانس» (باريس وضواحيها)، وهي وسيلة نقل معروفة في الجبال ترى مستقبلاً زاهراً لها في المدن على خلفية تغيّر المناخ.

وقال المسؤول البالغ من العمر 34 عاماً في فولفورت بمنطقة فورارلبرغ الخضراء: «نقوم حالياً بعملية التجميع»، وهو «فخور» بكونه جزءاً من المشروع للمنطقة الباريسية.

وفتحت مجموعة «دوبلماير» المصنفة الأولى عالمياً في هذا المجال، أبواب موقع إنتاج تلفريك المدن لوكالة «فرانس برس».

وبعد سان دوني بجزيرة لا ريونيون وفي تولوز، وهي مشروعات نفذتها الشركة الفرنسية المنافسة «بوما»، جاء دور المنطقة العاصمة، فبحلول عام 2025 سيتم ربط كريتاي بفيلنوف سان جورج عن طريق مقصورات التلفريك التي تمر فوق المنطقة، وهي رحلة مسافتها 4.5 كيلومترات على خمس محطات لربط 20 ألف نسمة بالمحطة الأخيرة على خط المترو رقم (8).

وستكون المقصورات قادرة على استيعاب 10 أشخاص كل 30 ثانية تقريباً، أو 1600 في الساعة.

منخفضة الكلفة

كان هذا الخيار الأفضل وفقاً للوران بروست، مدير «إيل دو فرانس موبيليتيه» (IDFM)، الهيئة المنظمة للنقل العام في منطقة «إيل دو فرانس»، مضيفاً أن «النقل عبر (الكابل) وسيلة نظيفة وصامتة ومنتظمة».

وأوضح أنه «من خلال تجاوز العقبات، مثل خطوط القطارات ومحاور الطرق، تشكل هذه الوسيلة الحل المثالي لمعالجة الصعوبات اليومية، التي يواجهها السكان مع الازدحام المروري والخيارات المحدودة. وبالتالي فإن التلفزيك خيار ذكي في المناطق غير الساحلية والوعرة، ولكنها ليست ذات كثافة سكانية كافية لربطها بمترو الأنفاق، وهي وسيلة منخفضة الكلفة».

ورأت الخبيرة حنان بنغالو، وهي من مؤسسي شركة IMTER الاستشارية للتخطيط، أن الاستثمار عن كل كيلومتر يقل عن سبعة ملايين يورو، مقابل أكثر من 20 مليوناً لخط «الترامواي».

وأضافت أنه «حل مبتكر يستخدم القليل من الأراضي وسريع التشغيل، لأنه لا يتطلب أعمالاً ضخمة، مع إتاحة التخلص من الكربون، إذ تمثل وسائل النقل 35% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في فرنسا».

وبالطبع هناك عوائق، فإضافة إلى الخوف من المرتفعات، يرفض السكان أحياناً العبور فوق المنازل. وتبقى الإجراءات الإدارية معقدة.

حتى لو كان معظم المسار صامتاً، فإن الضجيج الناتج عن أبراج المرور يمكن أن يكون مزعجاً، كما الحال مع تغيّر المناظر الطبيعية، وعلى المسارات بين المحطات أن تكون مستقيمة. كما جرى التخلي عن مشروعات كثيرة في السنوات الأخيرة، مثلما حدث في عام 2022 في ليون مع رفض السكان لهذه الخطة.

لكن أكثر من 80 مدينة اتخذت هذا القرار في أنحاء العالم، إذ لم تعد مقصوارت التلفريك «مقتصرة على منتجعات التزلج»، على حد قول الخبير.

تحد

تأسست مجموعة «دوبلماير» قبل 130 عاماً، ويعمل فيها 3400 موظف في نحو 50 دولة، ويمثل التنقل في المدن الآن 20% من حجم أعمالها. المجموعة التي بنت «أول مصعد تزلج لها في جبال الألب عام 1937»، لا تسجل حالياً طلبات أقل في الجبال، رغم ارتفاع حرارة الأرض الذي يهدد بعض منتجعات التزلج، وفق المسؤول عن التطوير التجاري العالمي، رينهارد فيتز، مضيفاً: «نعلم جيداً أن الأمور تتطور في المدن، وواكبنا هذا التطور من خلال توسيع عروضنا لتشمل المناطق الحضرية أولاً في سويسرا وإيطاليا ثم في الجزائر - حيث يُعتبر التلفريك مناسباً تماماً مع وعورة الأرض - قبل نحو 15 عاماً».

في المناطق المأهولة، غالباً ما تكون تقنية «الكابل» الواحد الأخف وزناً، كافية في حال عدم هبوب رياح عنيفة.

وأوضح أن «الطريق لايزال طويلاً للإقناع، فصُنّاع القرار لايزالون متمسكين بشدة بوسائل النقل العام التقليدية، وفي كثير من الأحيان، لا يتم أخذ التلفريك في الحسبان في مرحلة التخطيط، لذلك نأمل أن تكون الأمثلة كخط المنطقة الباريسية بمثابة حافز في أوروبا وخارجها».

•  80 مدينة اتخذت هذا القرار في أنحاء العالم.

لوران بروست:

• «النقل عبر (الكابل) وسيلة نظيفة وصامتة ومنتظمة».

الوجهة المقبلة

بعد مقصورات التلفريك في المكسيك، أو تلك التي تربط مدينتي لاباز وإل ألتو في بوليفيا، قد تصبح الهند بمدنها الكبرى المزدحمة، الوجهة المقبلة.

الأكثر مشاركة