حفاوة بالعمل خلال عرضه في «مهرجان الجونة»

أبطال «وداعاً جوليا»: الفيلم بوابة السينما السودانية إلى العالم

صورة

باهتمام غير عادي، حظي عرض «وداعاً جوليا» في مهرجان الجونة السينمائي، إذ قوبل بحفاوة خاصة من نقاد وسينمائيين خلال مهرجان الجونة، معتبرين أنه بوابة السينما السودانية إلى العالم.

ويعود نجاح الفيلم - الذي حصد إلى الآن أكثر من 14 جائزة - إلى طرحه لواقع السودان في مرحلة التقسيم، عبر أحداث درامية تجمع بين القالب الإنساني والسياسي. يجسد الفيلم ملامح من الواقع السوداني بتلك المرحلة الحرجة، إذ يتناول المخرج محمد كردفاني وعبر لغة سينمائية كلاسيكية محملة ببعض الرموز، الانفصال في مقاربة تجمع بين صوت الغناء وصوت الرصاص، ويقدم كل ما يحمله الانفصال من أوجاع وأزمات عبر قصة أسرتين، أسرة أكرم (نزار جمعة) الشمالي المتعصب وزوجته منى (إيمان يوسف)، العاشقة للغناء، والتي تصدم طفلاً ويطاردها والده حتى يرديه زوجها قتيلاً، فتحاول تعويض زوجته وابنه بأن تحتضنهما.

وتتصاعد في الفيلم الأحداث الدرامية التي تبرز العلاقات الزوجية الهشة، الكذب، التعصب، العنصرية، ليختتم المخرج فيلمه بالتصويت على الموافقة على الانقسام، ومشهد الطفل وهو يحمل سلاحه رغبة في الثأر من العائلة التي قتلت والده.

بين الجمال والتمثيل

وعلى هامش عرض العمل في مهرجان الجونة السينمائي، التقت «الإمارات اليوم» أبطال الفيلم، وقالت الفنانة سيران رياك، الحائزة لقب ملكة جمال جنوب السودان، والتي قدمت دور جوليا في الفيلم: «تتميز شخصيتي بكونها قوية وعطوفة وبسيطة وجميلة في الآن ذاته، وقدمت (جوليا) وفقاً لدورها كأم مستعدة للتضحية كثيراً من أجل أسرتها، وكانت قراراتها، بما فيها البقاء في منزل من قتلوا زوجها، تتحدد من كونها تريد الحفاظ على العائلة».

وأضافت حول انتقالها من عالم الجمال إلى التمثيل: «شكل تتويجي بلقب ملكة جمال تجربة مهمة بالنسبة لي لاسيما أنني كنت سفيرة لبلدي من خلال الجمال، ولكني اليوم من خلال انتقالي إلى التمثيل لا أمثل السودان فحسب، بل يمكنني أن أمثل أي شخصية تنتمي إلى أي بلد».

واعتبرت سيران رياك أن النجاح الذي حققه الفيلم، والجوائز التي حصدها، وكذلك تمثيله السودان في الأوسكار، حلم كبير بالنسبة إليها، موضحة أنها توقعت النجاح الباهر لفيلم «وداعاً جوليا». وأعربت عن سعادتها باختيار المخرج محمد كردفاني لتكون جزءاً من هذا العمل.

هذه التجربة الأولى في التمثيل تطلبت من سيران رياك التدريب مع مجموعة من الأساتذة، إذ كشفت لـ«الإمارات اليوم» أنها خضعت للكثير من التحضير في السودان قبل أن تباشر التصوير، مشيرة إلى أنها ستواصل العمل في التمثيل وستحرص على أن تقدم رسائل مهمة من خلال السينما، لاسيما أن الفيلم محمل برسالة تؤكد أهمية العائلة.

وحول التحديات التي واجهتها في تقديم الدور، نوهت بأنها تلخصت في تخوفها من عدم فهم الجمهور للشخصية، خصوصاً أنها تحمل الكثير من التقلبات في المشاعر، ولكن من خلال التدريبات واعتمادها على ذكريات شخصية تعود لأيام الانفصال بين الشمال والجنوب، تمكنت من تقديم كل المشاعر والأحاسيس المطلوبة منها.

تحقيق رغبة قديمة

من جهتها، قالت الممثلة إيمان يوسف - التي تؤدي دور منى؛ الزوجة التي تركت عشقها للغناء بسبب زوجها المتشدد - عن عملها الأول في «وداعاً جوليا» إنها كانت تغني منذ الصغر، ولكن التمثيل كان رغبة قديمة بداخلها، مشيرة إلى أن التحدي الأساسي الذي واجهها خلال التصوير، تمثّل في الشخصية التي لا تشبه شخصيتها الحقيقية.

وأشادت بتجربتها مع المخرج محمد كردفاني الذي قدم لها الدعم الكبير، سواء أثناء التصوير أو حتى من خلال ورشة التدريب التي قدمت في السودان، والتي كانت مهمة من أجل تقديم الدور وفق مدرسة التمثيل التلقائي، خصوصاً أن الفيلم قدم بشكل عفوي وبسيط، بعيداً عن الدراما، واصفة الشخصية بالصعبة ولكنها قدمت لها الكثير. وأعربت عن سعادتها لعرض الفيلم في مهرجان الجونة السينمائي، بعد عرضه في العديد من الدول، نظراً لأن العرض الإقليمي مهم لأي فيلم، لاسيما إن كان يطرح مشكلات واقعية وحقيقية وتتطلب المعالجة.

من ناحيته، أكد الممثل نزار جمعة - صاحب دور الزوج أكرم في الفيلم - أن الشخصية التي لعبها تتسم بكونها تمثل الرجل التقليدي، وهو أقرب لليمين، وعنصري ومضطهد للمرأة، ويحاول التعاطف مع طفل الخادمة لأنه لم يرزق بأطفال.

واعتبر أنه محظوظ بكون الشخصية بقيت معه عامين متتاليين، والمخرج هو نفسه المؤلف، ما أوجد مساحة كبيرة للنقاش خلال العمل، معتبراً أنه كان يفترض تقديم هذا الفيلم منذ فترة طويلة، لأن الشعب السوداني بحاجة إلى هذه الرسائل، وهناك حاجة إلى المزيد من هذه الأعمال التي تبرز الحقائق لتفادي بتر الوطن.

ونوه جمعة بأن «وداعاً جوليا يطرح مشاعر التفكك والعنصرية، والتي تصل بالناس إلى مرحلة من التآلف مع الأحداث، ولذا قد نجد الفرح والحزن والموت والحياة في الوقت عينه، وهذا يؤدي إلى فقدان الإنسانية على نحو بطيء والتحول إلى كائنات غريزية»، معرباً عن سعادته بأن الفيلم «شكل بصمة اليوم في عالم السينما السودانية، إذ شهدت هذه الصناعة محاولات وفي ظروف أسوأ، وربما أسعفنا الظرف والحظ بتقديم هذا العمل ليحظى بمحبة الجمهور».

تويتر