الدراما العراقية في رمضان.. مخدرات وهموم زواج القاصرات
بعد 27 عاماً على عرضه للمرة الأولى، يعود مسلسل «عالم الست وهيبة» الذي حظره النظام العراقي السابق، إلى الشاشة في أحداث مشوقة، محورها الجريمة والمخدرات، بعدما كان يتناول قصص الفوضى والفقر في ظل العقوبات الدولية.
وفي جزئه الثاني الذي كتبه أيضاً الكاتب العراقي المقيم في هولندا صباح عطوان، تعود شخصيات من هذا المسلسل البوليسي لتكمل القصة التي بدأت في عام 1998، مع جيل جديد. ويقول مخرج العمل سامر: «المسلسل يتناول قضايا تدور حالياً في المجتمع، هي انعكاسات لما آلت إليه نتائج الحروب». وألقت الحروب بظلالها لعقود على حياة العراقيين، التي كانت لها تداعيات قاسية مثل انتشار الفقر.
في السنوات الأخيرة، عادت الدراما العراقية لتلتقط أنفاسها في أعمال تناولت خصوصاً مراحل العنف. أما في العامين الأخيرين، فقد شهدت الصناعة التلفزيونية العراقية غزارة في الإنتاج، وتحولاً في المضمون، في بلد يتعافى من النزاعات.
ويشرح الناقد الفني مهدي عباس أن مسلسلات هذا العام «يميّزها الموضوع، فقد تركّز معظمها على مواضيع اجتماعية ومشاكل خطرة تواجه المجتمع»، مثل تعاطي المخدرات والبطالة والطلاق وغسل الأموال.
«المخدرات»
ويرى مخرج الجزء الثاني من «عالم الست وهيبة» أن الحروب والنزاعات «أنتجت طبقة متضرّرة، وأخرى مستفيدة من الفوضى». ويتحدث عن «تفشّي تجارة المخدرات والحشيش والكريستال.. واستغلال الشباب ليكونوا ضحايا يسيرون في طريق مظلمة».
حظي الجزء الأول من المسلسل الذي عُرض في 1997 بشهرة واسعة بين العراقيين، فقد تطرّق حينها إلى المعاناة الاقتصادية في ظل العقوبات الدولية والأزمات الاجتماعية الناجمة عن الفقر. وتتمحور الأحداث على وهيبة، وهي ممرضة تتولى مساعدة جيرانها.
مُنع حينها المسلسل بعد عرض 17 دقيقة منه فقط، لتخوّف نظام صدام حسين آنذاك من أن يثير غضب الناس الرازحين تحت الفقر، لكن المسلسل عُرض بعد سنة عقب فوزه بجائزة في مهرجان القاهرة في وقت الظهيرة للحد من المشاهدات.
في الجزء الثاني ترث حفيدة وهيبة التي سُمّيت باسم جدّتها، مهمة إعانة الناس.
وتعمل الشابة طبيبة نفسية، وتقطن مع جدتها التي عادت لتؤدي دورها الممثلة فوزية عارف.
ويقول الممثل زهير محمد رشيد الذي يؤدي دور علاء، أحد أفراد شبكة تجارة المخدرات، خلال تصوير لقطة من الفيلم في مرأب قديم في منطقة الشيخ عمر في بغداد: «كل شيء في هذا العمل قريب من الواقع الاجتماعي العراقي بنسبة كبيرة جداً، الثراء السريع وأحد مصادره المخدرات، وما يحيط بها من عواقب ونهايات مأسوية».
ويضيف: «نحاول التذكير بها والتحذير منها، هذه هي رسالة العمل». وكانت صوّرت في المكان نفسه مشاهد من الجزء الأول.
«قصص واقعية»
وتزخر الشاشات العربية خلال شهر رمضان بالمسلسلات والبرامج التي تجتمع العائلات لمشاهدتها بعد الإفطار.
وعلى الرغم من القفزة التي شهدتها الدراما العراقية في العامين الأخيرين، لكن لايزال الإنتاج محصوراً في الإطار المحلي، وغير قادر على منافسة الدراما السورية والمصرية والأعمال العربية المشتركة التي تهيمن على الشاشات العربية، لاسيما خلال موسم رمضان.
ويعزو كاتب مسلسل «عالم الست وهيبة» ذلك، إلى افتقار الدراما العراقية حتى الآن إلى «مضامين كبيرة وصنعة احترافية على صعيد الكتابة».
وهناك مسلسلات اجتماعية أخرى تعرض على الشاشة العراقية هذا العام، بينها مسلسل «انفصال» الذي يتحدّث عن قضايا الطلاق وزواج القاصرات.
ويقول كاتبه نهار حسب الله يحيى «استند المسلسل إلى قصص واقعية تابعت فصولها في العديد من المحاكم. حاولنا فيه كسر المحاذير، وطرح تلك القضايا بشكل جريء».
في المقابل، يتطرق مسلسل «ناي» للمخرج ملاك علي إلى قضايا الشباب الجامعيين في الكليات والمعاهد الفنية وطموحاتهم ومستقبلهم.
وتقول الفنانة سوزان الصالحي التي تؤدي دور البطولة فيه: إن المسلسل ينظر إلى «واقع الطلاب في كليات الفنون وطموحهم في الحصول على الفرصة».
جدل
يثير «عالم الست وهيبة» بعض الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، على خلفية إعادة إحدى الشخصيات التي يُفترض أنها فارقت الحياة في الجزء الأول. وأعرب الكاتب عن اعتراضه على تعديلات قال إنها طرأت على نص الجزء الثاني من مسلسله بعد عرضه.