ترى أن مفهوم الاستدامة أصبح مرتبطاً بالفن والتراث والثقافة
الزينة لوتاه تستعيد قصص الأجداد بالرمال واللبان والخشب
من قلب الثقافة الإماراتية ومن البيئة المحلية، اختارت المصممة الإماراتية الزينة لوتاه ثلاث مواد، هي الرمال والصمغ العربي (اللبان) والخشب، لتصنع منها تصميماتها التي تسعى لتعكس من خلالها تراث الأجداد وقصصهم التي تركوها ومازالت تتردد في وجدان أبناء الوطن من جيل لجيل.
وأوضحت لوتاه، لـ«الإمارات اليوم»، أن مفهوم الاستدامة أصبح مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالفن والتراث والثقافة، لأن الاستدامة تستهدف الحفاظ على الثقافة المحلية والتراث، والبناء عليهما للمستقبل وللأجيال المقبلة بأساليب صديقة للبيئة، وهو ما يبرز في اهتمام دولة الإمارات بالاستدامة كمفهوم عام في مختلف القطاعات. لافتة إلى أن الفن يسعى لتوصيل فكرة الاستدامة بطريقة مختلفة وعصرية تجذب الناس، وفي الوقت نفسه يروي قصص الأجداد والحافظ عليها من النسيان، وهو هدف مهم جداً للفن ودوره في المجتمع بشكل عام، ومهم لها ولمشروعها بشكل خاص.
مواد صديقة للبيئة
وأضافت الزينة لوتاه: «اتجهت للتعامل مع ثلاث مواد هي الرمال والصمغ العربي (اللبان) والخشب، وكل مادة من هذه المواد لها مواصفات تجعلها مختلفة عن غيرها من المواد الأخرى الشبيهة بها، منها أنها عناصر موجودة في الطبيعة ومتوافرة وسهلة الوصول لها، ويمكن إعادة تدويرها بسهولة، إلى جانب أنها متجذرة في التراث الإماراتي، واعتاد الأجداد استخدامها في مجالات عدة. فالمشروع الذي أعمل عليه مستلهم من إرث ثقافتنا والبيئة المحيطة بنا والأشياء التي نشاهدها ونستخدمها في الحياة اليومية، وتجعلنا نفكر في الأجداد وما تركوه من إرث، وفي الأجيال المقبلة، وكيف ستتعامل مع هذا الإرث». موضحة أنها تعمل على استخدام المواد الثلاث لخلق روابط بينها للحصول على مادة بديلة للإسمنت وتتميز بكونها صديقة للبيئة ومستمدة منها.
زمالة مختبر المواد
وأشارت الزينة لوتاه، التي درست العمارة والفنون والتصميم في الجامعة الأميركية في الشارقة، إلى أن فكرة توظيف هذه المواد في الفن والعمارة أهّلها للانضمام للنسخة الثانية من برنامج زمالة مختبر المواد، التابع لعام الاستدامة في دولة الإمارات، والذي يتولى دعم تجارب الفنانين والمصممين في مجال إعادة صياغة أساليب الإنتاج والتصميم، ويركز هذا العام على ابتكار المواد، ويستلهم فكرته من التراث الغني لدولة الإمارات، والمزج بين الحرف والابتكار والمهارة. لافتة إلى أن الانضمام للبرنامج يساعدها على استكمال تجاربها للتوصل لمادة متعددة الاستخدامات وأكثر ارتباطاً بالبيئة من الإسمنت، وهي تجارب مكلفة وتحتاج إلى جهد ووقت ومواد عديدة بالإضافة إلى أنها تتضمن معادلات وتركيبات كيميائية، وهو تخصص لم تدرسه، حيث يتيح لها البرنامج التعامل مع أشخاص لديهم خبرة في هذا المجال للاستفادة من تجاربهم وخبراتهم.
مشاركات متميزة
وعن مشاركاتها السابقة، أشارت لوتاه إلى أنها شاركت في العديد من الفعاليات الكبرى في الدولة، من أبرزها أسبوع دبي للتصميم، وقدمت عملاً يستلهم التصاميم المعمارية التي تتميز بها منطقة الخليج، مثل البراجيل، مع تنفيذها بطريقة عصرية وجديدة تتماشى مع الطابع العام للعصر الحالي، كما قدمت مجسماً من الخشب المعاد تدويره، يجمع بين العمارة والفن والمعاني الإنسانية، ومدى تجذر الإنسان في بيئته. أيضاً شاركت في مهرجان سكة الفني، فقدمت عملاً استخدمت فيه الخشب، عكس تاريخ منطقة الشندغة ودبي بشكل عام في قطاع التجارة البحرية، حيث كانت موانئها مقصداً للسفن التجارية من مختلف أنحاء العالم، وجسد العمل الشندغة وبيوتها وطرقاتها بطريقة عصرية وألوان لافتة تجذب الانتباه. كما قامت بتجارب لتوظيف الصمغ العربي في أعمال فنية بطرق مختلفة، لكنها تحتاج إلى مزيد من التجارب في هذا المجال.
صدق العمل الفني
اعتبرت الزينة لوتاه أن الفنان لكي يكون متميزاً في ما يقدمه، عليه أن يهتم بالصدق في العمل الفني، والتفكير والعمل المستمر لخلق أفكار ونماذج جديدة ومختلفة عن السائد، بعيداً عن الاستسهال والتكرار لما هو مطروح على الساحة من قبل، إلى جانب السعي إلى تطوير مهاراته في استخدام التقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي لرفع جودة أعماله ومجاراة تطورات الواقع من حوله، مشيرة أن التقنيات الحديثة تتيح لها تقديم الثقافة المحلية والتراث بأسلوب عصري حديث، وهو ما يحافظ عليهما من النسيان، وهو هدف رئيس لها ولمشروعها الفني.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news