فيصل الريس.. ضوء ومشاعر «من خلف الزجاج»
من مشاهد الحياة اليومية في الشوارع، مروراً بالأماكن والمدن، والطبيعة، وثّق الفنان الإماراتي فيصل الريس جماليات عدة عبر كاميرته في الإمارات وخارج الدولة، معتمداً على دمج الضوء بالمشاعر في كيفية التقاط الصور. وتميزت مسيرة الفنان المفاهيمي التي تمتد لأكثر من 20 عاماً، وصولاً إلى تمثيله الدولة في معرض الفنون البصرية الدولي في باريس بتجربة حملت عنوان «من خلف الزجاج».
شارك فيصل الريس ممثلاً دولة الإمارات، في معرض الفنون الدولي في باريس الذي يقام منذ عام 1864، ويعتبر هذا المعرض واحداً من أقدم المعارض الفنية العالمية، وقال فيصل لـ«الإمارات اليوم»: «تمت دعوتي من سفارة دولة الإمارات بفرنسا، للمشاركة في هذا المعرض العريق، وهي السنة الأولى التي يخصص فيها المعرض جناحاً خاصاً للتصوير»، وأضاف شاركني في هذه التجربة كل من: جلال بن ثنية، علا اللوز، فاطمة البدور، والدكتورة كريمة الشوملي.
حواجز بين البشر
وأكد الريس أنه بعد إضافة التصوير إلى هذا المعرض الدولي العريق، تم اختياره من الإمارات للمشاركة في عمل مشروع بعنوان «من خلف الزجاج»، موضحاً أن العمل يحمل عنوان «العين»، ويطرح من خلاله فكرة العلاقات الاجتماعية، والحواجز المعنوية بين البشر، ومنها حاجز اللغة والدين والثقافات والأعراق، والتي جميعها تؤثر على نحو مباشر وغير مباشر في العلاقات الإنسانية، إذ تفرض هذه الحواجز الكثير من التشوهات في بعض العلاقات، وتخلق مسافات بين البشر. ونوه بأن العمل الذي شارك به، تم تصويره في الاستوديو، وليس عملاً خارجياً، وقد حرص من خلاله على طرح الأسئلة الإنسانية، كي يترك للمتلقي فرصة تقديم الأجوبة.
«متاهة الأرواح»
وإلى جانب عمله في باريس يقدم الريس عملاً تركيبياً في جزيرة السعديات، يحمل عنوان «متاهة الأرواح»، ويطرح من خلاله العديد من الأسئلة حول وجود الأرواح التائهة بين البشر، ويحاول العمل الفني معالجة مفهوم إيجاد الأسس لإدراك الروح، كما أنه يؤسس للمفاهيم المرتبطة بالحب والاحترام والحكمة، كي يتعرف الإنسان على نفسه بعمق.
واعتبر الريس أن الفن لابد أن يعالج القضايا الاجتماعية والإنسانية، معتبراً أن العمل الفني الذي لا يحمل فكرة ورسالة مؤثرة سيبدو فقيراً من الناحية الفنية، فالفن لابد أن يؤسس للأسئلة ويحل بعض القضايا، مشبهاً الفن البصري بفن الكاريكاتير الذي كان يقدم الحلول للعديد من القضايا السياسية، مؤكداً أنه لابد من اختزال الأفكار كيلا يكون العمل رتيباً ومملاً، وقادراً على ترك الأثر في الذاكرة.
وسائط فنية
تتنوّع الوسائط الفنية التي يستخدمها الريس في أعماله، ولفت إلى أنه يختار الوسائط الفنية تبعاً للمشروع ومتطلباته، إذ يكتفي في بعض المشاريع الفنية باستخدام الصوت فحسب، فيما يتجه في بعض الأعمال إلى الاعتماد على أكثر من وسيط فني، وهذا ما يجعل أعماله التركيبية مختلفة كثيراً عن أعماله التصويرية. ورأى أن الالتزام بوسيط فني واحد سيحد من الحالة الإبداعية لدى الفنان، في حين أن الإلمام بالعديد من الأدوات، سيجعله يتناغم في كيفية استخدام الأدوات، تماماً كالموسيقار الذي يتقن العزف على أكثر من آلة.
ارتباط بالأماكن
ارتبط فيصل الريس بتصوير الأماكن، ولفت إلى أنه يحمل ارتباطاً وثيقاً بالأماكن والشوارع التي يصورها وتحديداً في الدولة، إذ يقوم بزيارتها في كل أسبوع ويلتقط صوره فيها، موضحاً أنه أصبح جزءاً من هذه الأماكن، ويلتقط الصور حيث إن الموجودين في الأماكن التي يصورها لا يشعرون بوجوده. وأكد أن ما يميز الشوارع في دبي هي أنها تحمل الكثير من الجنسيات، ولهذا يترك الكاميرا تتحدث، لاسيما أن طريقة التصوير تكون مخفية. وشدد الريس على أن خور دبي هو المكان الأقرب إلى قلبه، مشيراً إلى أنه يتميز بكونه منطقة قديمة وحيوية، وتحمل الكثير من الجنسيات، ويلتقط فيها الكثير من الصور بشكل تلقائي، ودون قيود.
عرض الأعمال
أكد الفنان فيصل الريس أن الفنان يواجه صعوبة إلى حد ما بعرض أعماله، مشيراً إلى أن الإمارات دولة متميزة على الصعيد الفني، وهناك أكثر من 100 غاليري فيها، وأن الهيئات الثقافية تقدم الدعم الكبير للفنانين، ولكن يبقى الفنان بحاجة لطرق الكثير من الأبواب كي يتمكن من عرض أعماله. واعتبر أنه من الضروري أن يقوم الفنان بتطوير أدواته وأعماله، دون أن تشكل صعوبة عرض الأعمال عائقاً بالنسبة له في تطوير نفسه وأدواته، فضلاً عن الثقافة الفنية التي اعتبرها مهمة لأنها تنعكس على الأجيال القادمة. وأوضح أن الفنان لا يجب أن يضع نفسه في إطار المنافسات، فالفن ليس منتجاً بل هو عبارة عن مشاعر يقدمها الفنان، ويجب ألّا يكون هاجس الفنان كيفية عرض أعماله، مثنياً على الدعم الذي يقدم من خلال بعض المنصات ومنها مهرجان سكة للتصميم والفنون، معتبراً أن التوعية على نحو أكثر مطلوبة ومهمة.