مشروع عالمي للاستماع إلى سيمفونية الشعاب المرجانية
يتساءل البعض بشأن مغزى أصوات القرقعة والفرقعة والاحتكاكات التي تدوي على مدار الساعة داخل الشعاب المرجانية، لكن علماء السمعيات البحرية، يؤكدون أن هذه الأصوات تعكس طبيعة الحياة، ومدى ازدهارها داخل الشعاب، وقد تساعد هذه الأصوات أنواع الأسماك المختلفة على التعرف إلى البيئة المحيطة بها، مثل يرقات الأسماك الصغيرة التي تخرج للحياة في المياه المفتوحة بالمحيطات والبحار ثم تتلمس طريقها عبر أصوات الشعاب حتى تصل إليها، باعتبارها بيئتها الطبيعية التي تعيش فيها عبر دورات حياتها المختلفة.
وتقول الباحثة إيسلا كيسي دافيدسون المتخصصة في مجال السمعيات الإحيائية البحرية بجامعة كورنيل الأميركية، إن الدراسات الحديثة أثبتت أن الشعاب المرجانية نفسها تعتمد على الأصوات، لتحديد أفضل الأماكن الصالحة لنموها.
وأضافت دافيدسون أنه مثلما يعتمد البشر وفصائل الحيوانات على الأصوات كوسيلة للتواصل والتعرف إلى البيئة المحيطة، يحدث الأمر ذاته في أعماق البحار، لكن الاختلاف يكمن في أن الكائنات البحرية، تعتمد على أنواع وأنماط مختلفة من الإشارات الصوتية، كما تستخدم وحدات استشعار مختلفة، لرصد هذه الأصوات وتفسيرها، لاسيما أن الأصوات تكون أسرع بواقع خمس مرات في أعماق البحار مقارنة بسرعة انتقالها في الهواء.
وذكرت أنها تشارك حالياً في مشروع بحثي عالمي يشارك فيه المئات من علماء السمعيات الإحيائية من مختلف أنحاء العالم، بمناسبة اليوم العالمي للمحيطات، وهو «مشروع مراقبة السمعيات السلبية في المحيطات»، ويهدف هذا المشروع باختصار إلى الاستماع إلى أصوات البحار، والربط بين هذه الأصوات، وسبر أغوارها، ما يساعد في تفسير أنماط حياة الكائنات البحرية التي تعيش داخل الشعاب المرجانية. وأضافت أن عدد المشاركين في المشروع هذا العام يزيد على 180 باحثاً يستمعون إلى أكثر من 400 بقعة بحرية في مختلف أنحاء العالم.
وتابعت أنه في إطار المشروع يتم التباحث بشأن كيفية الاستماع إلى أصوات الشعاب المرجانية، حيث إن البعض يفضلون الاستماع إلى هذه الأصوات في سياق موسيقي من أجل الانسجام معها، وتحقيق شكل التفاعل المطلوب، وأوضحت أنه تم بالفعل هذا العام إشراك عدد من الموسيقيين من بينهم موسيقي مرموق من كولومبيا يُدعى أليخاندرو بيرنال، حيث استمع إلى جميع الأصوات التي تم تسجيلها من الشعاب المرجانية، وصنع منها سيمفونية صوتية أصلية كنوع من المشاركة أو الانخراط في هذه المبادرة. ووصفت دافيدسون هذا المشروع بأنه عملية مراقبة سمعية سلبية، بمعنى أن الباحثين لا يحاولون إضفاء أي تغييرات على البيئة البحرية التي يستمعون إليها، بل يكتفون بمجرد الاستماع.