قلاع وحصون الإمارات تُحف معمارية تحرس التاريخ
تعد القلاع والحصون معالم بارزة في تراث وتاريخ الإمارات، وشواهد على فترات زمنية من تاريخ المنطقة، ونماذج حاضرة لأنماط العمارة التي سادت في تلك الفترات، ولطبيعة الحياة في ذلك الوقت، حيث استخدم السكان هذه القلاع والحصون للدفاع عن مقارّ إقامتهم، وصد هجمات المعتدين، ولذلك كانت تُبنى عادةً خارج البلد، وتكون المسافة الفاصلة بين برج وآخر قرابة كيلومترين.
ومن حيث الهندسة المعمارية اتخذت الحصون والقلاع أشكالاً هندسية متعارفاً عليها، وغلب عليها الشكل الأسطواني أو المربع أو المخروطي، وكانت تتضمن أبراجاً للمراقبة لرؤية المهاجمين من مسافة كافية. والقلعة أو الحصن عبارة عن بناء مصمت ذي أسوار عالية وجدران قوية، وله أبراج في أركانها فتحات علوية تسمح بإدخال البنادق، وتتكون أحياناً من طابقين، وتحتوي في الداخل على العديد من المرافق الحيوية، بينما اختلفت المواد التي استخدمت في بناء القلاع والحصون باختلاف مواقعها، نظراً لاعتمادها على المواد المتاحة في البيئة المحيطة بها، ففي المناطق الساحلية كانت الحصون تبنى من الأحجار المرجانية التي تُستخرج من قاع البحر، وتغطى الجهة الخارجية من البناء بالجص كما في قصر الحصن بأبوظبي، أما في المناطق الجبلية فكانت الأحجار هي المادة الأساسية التي تستخدم في البناء، في حين كان يتم بناء الحصون والقلاع في الواحات بالأحجار التي كانت تصنع من خليط الطين والقش المجفف في الشمس.
قصر الحصن قلب أبوظبي
وتضم إمارات الدولة العديد من القلاع والحصون، من أبرزها قصر الحصن الذي يقف شامخاً في قلب أبوظبي، والذي يعد واحداً من أعرق المعالم التاريخية فيها، ويتضمن برج مراقبة بُني في تسعينات القرن الـ18 لحماية طرق التجارة الساحلية والمجتمعات المتنامية على الجزيرة. ويتألف قصر الحصن من بناءين بارزين هما: الحصن الداخلي الذي يعود تاريخ بنائه إلى عام 1795 والقصر الخارجي الذي شيد خلال الفترة بين عامي 1939 و1945. وقلعة الجاهلي التي شُرع في بنائها في عام 1891 تحت حكم المغفور له الشيخ زايد الأول، طيب الله ثراه، وشكلت موقعاً نموذجياً للأعمال العسكرية، كونها تقع على مقربة من مصادر المياه وتحيط بها الأراضي الخصبة للزراعة.
«الفهيدي» أقدم مباني دبي
وفي دبي يبرز حصن الفهيدي الذي شيّد نحو عام 1799، ويعد إلى الآن أقدم مبنى قائم في دبي، وشهد العديد من المحطات التاريخية بالإمارة، حيث استخدم مقراً للحكم وسكناً للحاكم قبل انتقال المغفور له الشيخ مكتوم بن حشر آل مكتوم، طيب الله ثراه، إلى منطقة الشندغة، وأعيد استخدام الحصن على فترات متلاحقة ديواناً للحاكم ومقراً للحرس الأميري ومستودعاً للذخائر، وتحول إلى متحف افتتحه المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، عام 1971، كما تُعد قلعة دبا الحصن من أهم الآثار في المدينة، لتؤكد أنها من أقدم مدن الإمارات المأهولة. وبنيت القلعة من الحجارة والطين والجص، ويعلوها برجان: أحدهما من جهة الجنوب الغربي، والآخر في الشمال الغربي، ويتوسط السور من جهة الشمال مربعة، كما توجد مربعة صغيرة في الشمال الشرقي.
في حين شُيد حصن الشارقة عام 1823، ويتكون من ثلاثة أبراج، وطابقين فيهما حجرات كثيرة استخدمت لأغراض متعددة، فيما تمت إعادة بنائه وافتتاحه للزوار عام 1997، ومر بعد ذلك بمراحل ترميم عديدة وافتتح من جديد عام 2015.
هندسة معمارية فريدة
كذلك يعكس حصن عجمان واقع الحياة في عصور مختلفة، حيث كان مقر الحكم في الإمارة، وخط الدفاع الأول عنها، وتحول إلى متحف متكامل يحوي نماذج من المقتنيات الأثرية، والصناعات والمهن التقليدية، وصوراً من الحياة الاجتماعية القديمة، بينما تقع قلعة مصفوت عند الحافة الشمالية لمنطقة مصفوت على بعد 120 كيلومتراً جنوب شرق مدينة عجمان، وبنيت القلعة من الحجارة والطين والخشب المحلي، وهي مكونة من حجرتين وبوابة واحدة، وفي أواخر عام 1940 رممت القلعة ذات الشكل البرجي بطلب من المغفور له الشيخ راشد بن حميد النعيمي، طيب الله ثراه.
وشيدت قلعة فلج المعلا عام 1800 تقريباً في إمارة أم القيوين، وتتكون من بناء مربع الشكل ذي برجين: أحدهما في الجهة الشمالية الشرقية، والآخر في الجهة الجنوبية الغربية. وشهدت القلعة عام 2015 أعمال ترميم شاملة، كما شيد متحف في داخلها يحكي سيرة الأجداد وماضي المنطقة.
وتعتبر قلعة ضاية التي شيدت في القرن الـ16 من أهم القلاع في مدينة رأس الخيمة، وبنيت على قمة تل مرتفع بمواجهة الخليج العربي، وأحيطت بسور صخري مملوء من الداخل بالحصى ليشكل سطحاً مستوياً. ويكشف الشكل المعماري والمكان الذي اختاره أهل المنطقة للقلعة، الآلية الدفاعية التي كان ينتهجها الإماراتيون لحماية أرضهم، حيث تعد القلعة التي رممت في 2001 الحصن الوحيد الذي مازال قائماً على قمة هضبة في الدولة.
وتعدّ قلعة الفجيرة، واحدة من أكثر القلاع فرادة في الإمارات، حيث بنيت على ربوة عالية في منطقة الفجيرة القديمة، ويرتفع بناؤها إلى نحو 20 متراً عن سطح البحر، وشهدت القلعة التي شيدت بين 1500 و1550 ميلادية، الكثير من الظروف التي عرضت جدرانها للانهيار والتلف، ومن 1998-2000 نفذت إدارة التراث والآثار ترميماً شاملاً للقلعة وأبراجها.
القلاع شواهد على فترات زمنية من تاريخ المنطقة، ونماذج حاضرة لأنماط العمارة.
• استخدم السكان هذه القلاع والحصون للدفاع عن مقارّ إقامتهم، وصد هجمات المعتدين.