الإفراط في استخدام التكنولوجيا يؤثر في الصحة
«السموم الرقمية» مرض يصيب الجالسين أمام الشاشات
يشير مصطلح «السموم الرقمية» المنحوت حديثاً، إلى التأثيرات السلبية الناتجة عن الإفراط في استخدام التكنولوجيا، والتي يمكن أن تؤثر في صحتنا النفسية والجسدية، وتشمل هذه التأثيرات السلبية الكثير من الأعراض، ما يتطلب تبني استراتيجيات وطرق لتخفيف هذه الآثار، أبرزها استراتيجية «الديجيتال ديتوكس» أو التخلص من السموم الرقمية، والتي تتضمن الابتعاد عن الشاشات، وقضاء الوقت في ممارسة أنشطة مختلفة بعيداً عن التكنولوجيا.
فترات راحة
وتشمل «السموم الرقمية» كل الأضرار التي تلحق بصحتنا نتيجة الاستخدام المفرط للتكنولوجيا، حيث ينصح الأطباء بتحديد أوقات معينة لاستخدام الشاشات خلال اليوم، كما يُنصح بتبني فترات «خالية من التكنولوجيا» أثناء وجبات الطعام أو قبل النوم، لتقليل التعرض المستمر للأجهزة، وأخذ فترات راحة قصيرة بين استخدام الشاشات أو ممارسة «الديجيتال ديتوكس» التي تُعد خطوة فعالة لتحسين الصحة الرقمية، سواء بالابتعاد كلياً أو جزئياً عن الشاشات، وتبني طرق مناسبة للتخلص من هذه السموم، كتخصيص عطلات نهاية الأسبوع أو أيام محددة في الشهر للابتعاد عن الأجهزة الإلكترونية، ما يساعد في تقليل الاعتماد على التكنولوجيا، وتجديد النشاط الذهني، إضافة إلى تحسين جودة النوم.
التخفيف من الشاشات
يعد الاستخدام المفرط للأجهزة الرقمية نوعاً من الإدمان، ورغم أنه لم يُصنف رسمياً بعد، فإن خطره كبير ويؤثر بشكل عميق في الصحة النفسية والجسدية، ووفق الدكتورة ميادة عبدالله باناجة، استشارية الطب والعلاج النفسي، فإن الاستخدام المتزايد للشاشات يُظهر علامات واضحة على الإدمان، أبرزها ظهور أعراض انسحابية عند محاولة تقليل وقت الشاشة، تشمل التغيرات في المزاج والقلق المستمر، ما يعكس التحديات الكبيرة التي يواجهها الأفراد في محاولة إدارة التعرض للشاشات.
من جانب آخر، يؤثر التعرض المستمر للشاشات سلباً في جودة النوم، ويزيد مشكلات القلق والاكتئاب، ما يُبرز الحاجة الملحة إلى تبني استراتيجيات فعالة للتقليل من هذه الآثار، حيث تشير باناجة إلى أن ممارسة «الديجيتال ديتوكس» أو التخلص من السموم الرقمية، يعد خطوة جيدة تسهم في تحقيق أثر إيجابي للصحة النفسية، لاسيما عند تبنّيها لمدة ثلاثة أيام على الأقل، لتحقيق فوائد ملموسة وتحسين الصحة العامة. وأضافت أن تطبيق هذه الاستراتيجية بانتظام، سواء كان الانقطاع عن الشاشات جزئياً أو كلياً، يمكن أن يساعد في تحقيق توازن أفضل بين استخدام التكنولوجيا والحياة اليومية.
تجربة شخصية
من جهتها، أشارت صانعة المحتوى، مريم المجد، إلى التحديات الكبيرة التي تواجهها في الابتعاد عن الشاشات، خصوصاً بسبب طبيعة عملها التي تتطلب استخداماً مكثفاً للشاشات، حيث تعد هذه الفئة من الأفراد، كصناع المحتوى الرقمي والإعلاميين، أكثر عرضة للصعوبات المرتبطة بتقليص وقت الشاشة، ما يجعل من الصعب عليهم تحقيق التوازن بين العمل والحياة الرقمية. وقالت مريم المجد لـ«الإمارات اليوم»: «أقضّي ما بين ثماني و10 ساعات يومياً أمام الشاشات، وهذا يشمل العمل على تحرير الفيديوهات والكتابة وإدارة الحسابات، إضافة إلى التفاعل المستمر مع المتابعين. وبحسب سجلات screen time على هاتفي، فإن بعض الأيام قد تصل فيها المدة إلى 12 ساعة، خصوصاً عند التحضير لحملات أو إطلاق مشاريع جديدة».
وتواجه مريم تحديات كبيرة بسبب التعرض الطويل للشاشات، ما يؤدي إلى ضغوط نفسية وتوتر، وتضيف: «واجهت شخصياً الكثير من الضغوط النفسية بسبب التعرض الطويل للشاشات، وأحياناً أشعر بالإرهاق الذهني والتوتر بسبب الاستمرار في العمل والتفاعل الرقمي، ولكنني حرصت على تبني خطة (التخلص الرقمي) بشكل دوري، حيث أخصص أوقاتاً لأخذ استراحة بعيداً عن الأجهزة. فعلى سبيل المثال، أخصص نهاية الأسبوع للابتعاد تماماً عن الشاشات، وقضاء الوقت مع العائلة أو في الأنشطة الخارجية». وتؤكد مريم أهمية تحقيق التوازن بين العمل والصحة، وتضيف: «التكنولوجيا جزء أساسي من حياتنا اليومية، ووسيلة لتحقيق النجاح في مجالات عدة، لكن من المهم أن ندرك أن صحتنا النفسية والجسدية تأتي أولاً، لذلك أنصح الجميع بتحديد أوقات معينة للابتعاد عن الشاشات، والتركيز على الأنشطة التي تجلب الراحة والاسترخاء».
• الابتعاد الكلي أو الجزئي عن الشاشات يسهم في تعزيز الصحة النفسية وجودة النوم.
أمراض رقمية
يؤدي الاستخدام المفرط للأجهزة الرقمية إلى أضرار مختلفة وإلى مشكلات صحية جسدية مثل: إجهاد العين والصداع، وآلام الرقبة والظهر. وإضافة إلى ذلك، يؤدي نمط الحياة الخامل المرتبط بقضاء وقت طويل أمام الشاشات إلى السمنة، ومشكلات صحية أخرى. كما تؤثر السموم الرقمية سلباً في الصحة العقلية والعاطفية، إذ يؤدي التعرض المستمر لمنصات التواصل الاجتماعي، والألعاب عبر الإنترنت، والتفاعلات الافتراضية إلى الإدمان والعزلة الاجتماعية، والشعور بالانفصال عن الواقع، ما يزيد مستويات القلق والاكتئاب.
«الرهاب الاجتماعي»
قالت استشارية الطب والعلاج النفسي،الدكتورة ميادة عبدالله باناجة، إن زيادة معدلات التعرض للشاشات تسهم في ارتفاع مستوى الرهاب الاجتماعي بين الأفراد. وأوضحت أن التفاعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي أصبح أسهل من التفاعل الوجاهي المباشر، ما يعزز التواصل الرقمي، لكنه قد يزيد من صعوبة التواصل المباشر والتفاعل الاجتماعي، ما يؤدي أيضاً إلى تفاقم الرهاب الاجتماعي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news