«مهرجان مترو دبي».. السفر على وقع الموسيقى
سبعة أيام من السفر بين الإبداعات الشجية وعوالم الاكتشافات الموسيقية الفريدة، عاشها مرتادو «مترو دبي»، في تجربة فنية استثنائية، اختبروا تفاصيلها عبر لحظات من المتعة الخالصة، والتفاعل المباشر مع الأنغام الحيّة، التي غمرت أرجاء خمس محطات رئيسة في مدينة دبي، لتكرّس طقساً استثنائياً من البهجة والحماسة، وكرنفالاً من المفاجآت اليومية التي استقطبت جموع العاشقين للموسيقى والنغم، فاكهة الفنون، لتعدهم بلقاء ثلة من المبدعين والعازفين الذين أتقنوا مزج الحلم بالواقع، في قطع من المعزوفات المتنوعة والألوان الموسيقية.
مبدعون وموسيقيون من الإمارات وقارات العالم، تجاوز عددهم الـ20 مبدعاً، استطاعوا خلق حالة فنية متفردة عنوانها «مهرجان مترو دبي للموسيقى» في نسخته الرابعة، ليؤسّسوا لثقافة إبداعية جديدة، ويسجلوا بالنغم والإيقاع، وبالشراكة مع هيئة الطرق والمواصلات في دبي، احتفالات الذكرى السنوية الـ15 لانطلاق «مترو دبي»، التي ينظمها «براند دبي»، الذراع الإبداعية للمكتب الإعلامي لحكومة دبي.
نهج دبي الإبداعي
وفي السياق، قالت مهرة عبدالله، مدير مشروع «مهرجان مترو دبي للموسيقى»: إن «محطات المترو المخصصة للفعالية، شهدت تفاعلاً كبيراً من روّاد المترو في دبي، حيث تحولت إلى مراكز حية للفنون والموسيقى والعروض التي تسلّط الضوء على تنوع وثراء المشهد الإبداعي في دبي»، مشيرة إلى أن النجاح الذي حققه المهرجان في نسخته الرابعة هو «شهادة على جاذبية دبي لأصحاب المواهب والمتميّزين في المجال الإبداعي».
وأضافت: «سعداء بالمردود الإيجابي الكبير للمهرجان الذي يعبر عن التزام (براند دبي) بترجمة نهج دبي الإبداعي إلى مبادرات وبرامج ومشروعات، تعكس روحها النابضة بالحياة»، مؤكدة مواصلة الجهود لترسيخ مكانة دبي المتنامية مركزاً عالمياً للفنون الإبداعية والاجتماعية.
أصوات «عضوية»
الجمهور عاش، أول من أمس، تجربة اكتشاف استثنائية بكل المقاييس، مع إيقاعات «طبول الأنابيب» الحية للموسيقار والملحن والمنتج الموسيقي لورينزو مينا، صاحب المشاريع الموسيقية التجريبية الفريدة المعروفة تحت اسم «غلو» و«إل لورين»، والتي يوظف فيها مبتكرها، آلات مصنوعة يدوياً من مواد معاد تدويرها مثل الأنابيب البلاستيكية وأواني الطهي، لإنتاج أصوات «عضوية»، وإيقاعات جميلة، تجمع بين الطبول الإلكترونية والأصوات الطبيعية التي نجحت بامتياز في بث الحياة في أنفاق «مترو دبي»، لتجذب انتباه مستخدميه. وحول هذه التجربة، وحضوره في المهرجان، تحدث لورينزو قائلاً: «لطالما جذبتني منذ الصغر أصوات الأشياء من حولي، لتتحول إلى نوع من الهوس الذي نجحت مع مرور الوقت في تحويله إلى إبداعات موسيقية مبتكرة، حملتني بين مدن وعواصم عدة حول العالم مثل باريس وبرلين ومدريد وأمستردام وصولاً إلى واحدة من أجمل مدن العالم دبي، للمشاركة في (مهرجان مترو دبي للموسيقى) الذي أعتبره فرصة جميلة لتكريس ضرب من التبادل الثقافي الثري مع تجارب موسيقية مغايرة ضمن جدول المهرجان»، مضيفاً: «سعيد بهذه التجربة التي استذكرت فيها محطات مهمة من تجربتي، وأتمنى أن تتاح لي فرص قادمة لزيارة هذا المهرجان المملوء ليس فقط بالمفاجآت وإنما بعناصر الجذب الاستثنائية التي حرص القائمون على اختيارها بعناية فائقة».
انطلاقاً من دبي
من جهتها، لم تخفِ الموسيقية الكولومبية، كارين مولينا، التي سافر على أنغام قيثارتها عشاق التحف الموسيقية الشرقية المنتقاة بعناية لجمهور دبي، سعادتها بهذه الفرصة التي اعتبرتها «استثنائية» لطرح تجربتها الفنية لأول مرة على نطاق واسع لجمهور المهرجان، مؤكدة «متحمسة وفخورة بهذه الخطوة التي أتشارك فيها مع عشاق الموسيقى والنغم لحظات استثنائية من البهجة والترفيه في إطار موسع وبحضور جمهور عالمي متنوع، الأمر الذي أعتبره إضافة كبيرة لتجربتي الفنية، وخطوة رائدة ستكون نقلة نوعية على الصعيد الفني، باعتبار ما ستفتحه لي من آفاق للتعرف إلى أنماط موسيقية مختلفة، ستسهم حتماً في تطوير رؤيتي الموسيقية». وتابعت كارين: «أشكر القائمين على المهرجان على هذه المساحة الرائعة التي أفردوها لنا في إطار (خارج عن الصندوق) بين ثنايا محطات (مترو دبي) لطرح تجاربنا على الملأ، والذي من شانه أن يكرّس دفعة قوية للكثير من التجارب الموسيقية الجديدة، لتكريس حضورها بجدارة في المجال، والارتقاء بتجاربها الفنية انطلاقاً من دبي، المدينة العالمية الأكثر ألقاً».
عين على أصحاب الهمم
منذ اللحظات الأولى لعبورك السلالم المتحركة المؤدية إلى «المترو» في «مول الإمارات»، تأسرنا أنغام البيانو، فلا تترك لنا خياراً إلا الإذعان لبوحها الغامر، الذي يأخذ مجامع القلوب ويأمر ساعة الزمن بالتوقف، للذوبان في سحر اللحظة، والسفر في تفاصيلها، احتفاء بأنامل العازف الإماراتي أحمد الهاشمي الذي ينتمي إلى أصحاب الهمم.
وهو عازف بيانو وملحن إماراتي موهوب مصاب باضطرابات طيف التوحد، لكنه لفت بإبداعه الموسيقي انتباه أعداد كبيرة من مستخدمي «مترو دبي» كواحد من نجوم النسخة الرابعة من المهرجان، فهو ظاهرة استثنائية، حيث لا تقتصر موهبته على عزف النوتات الموسيقية العالمية، وتأليف مقطوعاته الخاصة فحسب، بل يمتلك قدرة فريدة ونادرة في التعرف إلى النوتات بمجرد سماعها، من دون الحاجة إلى النظر إلى مفاتيح البيانو.
والهاشمي أحد الشباب والكفاءات الإماراتية المتميّزة، حيث شارك في أكثر من 100 فعالية فنية داخل الإمارات، وأول شاب إماراتي يقدم عروضاً دولية في العديد من الدول، مثل السعودية، ومصر، ولاتفيا، وكندا، وكوريا، وأذربيجان، وتونس، محققاً الفوز في العديد من المسابقات الموسيقية العالمية، ليصبح رمزاً للأمل والإبداع في عالم الموسيقى.
الهاشمي عبّر عن حماسته البالغة لاختبار تجربته الجماهيرية الأولى في «مترو دبي»، والتي اعتبرها «مصدر سعادة لها عميق عظيم الأثر في قلبه، ولقاء استثنائياً بهؤلاء المارين في زحمة الحياة اليومية، ممن يجدون القدرة على التوقف، للاستمتاع بهذه المساحة العابرة من الحلم برفقته».
في الوقت الذي وصفت، إيمان العليلي والدة الهاشمي هذه الخطوة بالقول: «مكنت هذه التجربة الفنية الرائدة أحمد من الوقوف أمام الجمهور، والتعرف إلى المبدعين والموسيقيين المتفردين، ونقل تجربته الموسيقية المتميّزة على آلة البيانو للناس، وقد لاحظ الجميع اليوم سعادته الغامرة بلقاء جماهير الشارع العاشقين للنغم، والذين أهدتهم دبي هذه المرة، أجمل مفاجآتها».
حالة فنية خاصة
تجربة جديدة أخرى، تعرفنا من خلالها إلى آلة «الدربوكة»، لنكتشف مهارة عازفها التونسي جهاد الهمامي، الموسيقي التونسي الحاصل على درجة الماجستير في علوم الموسيقى من المعهد العالي للموسيقى بتونس، والذي لفت إليه الأنظار بإتقانه النادر للعزف على عدد واسع من الآلات الإيقاعية، ما أهله بجدارة لتكريس ضرب من التنويع والمزج بين أنماط متعددة من الموسيقى العربية والأجنبية التي عكس جزءاً منها، خلال عرضه الحي في المهرجان، قائلاً: «أحببت أن أقدم لوحات موسيقية متنوّعة، تمازجت فيها النغمات والمقامات الشرقية التونسية والغربية، من دون أن تفقد كل نغمة أصولها وجماليتها في أذن المتلقي، الذي لفتته اليوم فرادة الأجواء وألوان هذه الواحة الفنية متعددة الظلال»، مؤكداً أن جميع الموسيقيين المشاركين في المهرجان «نجحوا باقتدار في تكريس حالة فنية خاصة، استمدت خصوصيتها من ثقافة وخبرة كل موسيقي، وإرثه الاجتماعي والحضاري الخاص».
جرعة من الفن الراقي
وفي رصدها طقوس المشاهدة، توجهت «الإمارات اليوم» لحنين عادل، السائحة المصرية التي كشفت عن انبهارها بهذه المفاجأة الجميلة المخبأة بين ثنايا المكان، قائلة: «من الرائع الاستمتاع بجرعة يومية من الفن الراقي، خصوصاً إذا كنا من مرتادي المترو المواظبين على التنقل كثيراً في دبي. شكراً دبي على هذه المبادرة السبّاقة والرائعة، لأنها تكرّس حس الفن وروعة الموسيقى في حياتنا اليومية».
وأضافت حنين: «سعيدة بفرصة الاستعاضة عن سماعات هاتفي اليومية التي تصاحبني أنغامها باستمرار، بموسيقى وعروض حية، وأشكال فنية متنوعة لم أعرفها من قبل»، لافتة إلى أنها حرصت طوال أيام المهرجان، على زيارة المهرجان، ونقل تجاربها على صفحاتها على المنصات الاجتماعية، لتشاركها مع الأصدقاء والمتابعين. وقالت: «ليس غريباً على دبي مثل هذه المفاجآت الفريدة والمبادرات الذكية التي جمعتنا اليوم على لغة موحدة، وهي لغة الفن والموسيقى».
موسيقى بلا حدود
خلال الفترة من 21 وحتى اليوم 27 سبتمبر، قدم الفنانون المشاركون إبداعاتهم يومياً من الساعة الخامسة مساء وحتى العاشرة ليلاً في خمس محطات مترو رئيسة، هي: محطة دبي مول، ومول الإمارات، وبرجمان، والاتحاد، ومركز دبي للسلع المتعددة، كما أمتعوا الجمهور بمقطوعات موسيقية على آلات مميّزة من أهمها القانون، ولوحة المفاتيح والطبول والأكورديون والفلوت والكمان والساكسفون والبيانو وآلات الإيقاع المتنوعة الأخرى، إلى جانب العزف على آلات الغيتار الكهربائي، والطبول، والآلات محلية الصنع، وأخرى مستحدثة من جميع أنحاء العالم.
لمشاهدة فيديو «مهرجان مترو دبي»، يرجى الضغط على هذا الرابط.