«بيوت العريش».. ذكريات الطيبين تحت ظلال الشجرة الأم

على مر التاريخ، ارتبط الإنسان العربي بالنخلة التي كانت مصدراً للخير وسط حياة شاقة شحيحة الموارد، إذ شكلت «الشجرة الأم» مصدراً للطعام والمواد التي يصنع منها أدوات تساعده في العمل والمعيشة، كما اتخذ منها مسكنه، إذ يعد بيت العريش من أبرز نماذج العمارة التقليدية في الإمارات والمنطقة، وهو نمط يعتمد بشكل رئيس على سعف النخيل كمادة مهمة للبناء.

وكانت مباني العريش تستأثر بنحو 80% من المساكن في دولة الإمارات حتى في عهود ماضية، غير أنها تكاد تختفي اليوم تماماً؛ كما تذكر المعمارية البريطانية ساندرا بيسيك في كتابها «العريش.. العمارة بسعف النخيل»، متوقفة فيه أمام نماذج مهمة منها النموذج الأولي لأبنية العريش البيئية في قلعة الموقب في ليوا، لافتة إلى أن العمارة التقليدية بسعف النخيل وفّرت الملجأ من المناخ شديد القسوة السائد في الإمارات وشبه الجزيرة العربية على مر القرون.

وكانت أهمية بيوت العريش أو (العرشان) قديماً تزداد في فترة المقيظ، إذ كانت ملجأ الأسر للاحتماء من الحر اللاهب والشمس الحارقة والتمتع بنسمات الهواء الباردة المتسللة عبر سعف النخيل، وإلى جانب دورها المعماري، كانت وسيلة لتقوية العلاقات بين أبناء المنطقة، الذين كان يساعد بعضهم بعضاً في بناء العريش للأسر، وكانت ظلال سعف النخيل تحتضن جلسات يسودها الود والمحبة والسوالف الطيبة مع دلال القهوة العربية الأصيلة، وكانت النساء يتجمعن تحت ظلال العريش لقضاء الوقت في ممارسة الحرف التقليدية مثل السدو» و«التلي» و«سف الخوص» وغيرها.

وأكد العديد من الدراسات الحديثة، أهمية بيوت العريش وغيرها من أنواع العمارة التقليدية، باعتبارها شاهدة على قدرة سكان المنطقة على التأقلم مع البيئة والاستفادة من موارد الطبيعة رغم شح هذه المصادر في تلك الفترات، إلى جانب ما تتسم به هذه العمارة من توافق مع معايير الاستدامة.

وفي الوقت الحالي ورغم تطوّر الحياة، لم يختفِ بيت العريش في مجتمع الإمارات، فكثيراً ما تقوم الأسر بتشييده بجوار أو داخل ساحات البيوت الحديثة في فصل الصيف للاستمتاع بظلاله وجلساته مع الأهل والأصدقاء واستعادة ذكريات الماضي.

كما يكثر الطلب عليه في المناسبات الوطنية والمهرجانات والفعاليات التراثية. أيضاً اتجه بعض أصحاب المشاريع إلى استلهام أجواء العريش في تنفيذ مشاريعهم مثل المشاريع السياحية والترفيهية والمطاعم والمحال التراثية وغيرها، تعبيراً عن الاعتزاز بهذا الإرث، والحرص على صونه والحفاظ عليه. علاوة على حضور نماذج من بيوت العريش بشكل دائم في المهرجانات التراثية التي تنظم على امتداد دولة الإمارات، وتجتذب الزوّار.

• %80 من المساكن في الإمارات قديماً كانت تنتمي إلى هذا النمط.

• رغم تطوّر الحياة، لم يختفِ بيت العريش في مجتمعنا، فكثيراً ما تقوم الأسر بتشييده بجوار المنازل الحديثة أو داخلها.

• منازل «صديقة للبيئة» وفّرت الملجأ من المناخ، وكانت وسيلة لتقوية العلاقات بين أبناء المنطقة.

• مشاريع حديثة استلهمت أجواء بيوت العريش، تعبيراً عن الاعتزاز بهذا الإرث والحرص على صونه والحفاظ عليه. 

الأكثر مشاركة