مختصون: «المعجم التاريخي للغة العربية» يصون إرث الضاد للأمة العربية
أكد مختصون ممن أسهموا في إنجاز المعجم التاريخي للغة العربية أهمية هذا المعجم الكبير، باعتباره إنجازاً لكل العرب يحقق نقلة نوعية في توثيق اللغة العربية ويخدم الأجيال الحالية والمستقبلية، مشيرين إلى أن المشروع ضم فريق عمل يتكوّن من 780 مشاركاً من المحررين والمدققين والمشرفين والإداريين، من 20 مؤسسة عربية، ما بين مجمع لغوي وجامعة ومركز، ليحقق توثيقاً شاملاً من خلال 127 جزءاً تحتوي على 12 ألفاً و141 جذراً، و348 ألفاً و406 شواهد من القرآن الكريم والحديث النبوي والشعر والنثر، بمجموع يقدر بنحو 14 مليون كلمة.
جاء ذلك خلال مؤتمر خاص للإعلان عن إنجازات المعجم التاريخي للغة العربية، عُقد ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب 2024، بمشاركة عضو مجلس أمناء مجمع اللغة العربية، محمد حسن خلف، والأمين العام لمجمع اللغة العربية المدير التنفيذي للمعجم، الدكتور امحمد صافي المستغانمي، ومقرر عام الفريق الأردني، الدكتور محمد السعودي، وبحضور الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب، أحمد بن ركاض العامري، وعدد من رؤساء وممثلي مجامع اللغة العربية.
وأشاد المتحدثون بجهود صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، لإنجاز مشروع المعجم التاريخي للغة العربية على الرغم من التحديات التي واجهته، مؤكدين أن دعم سموه غير المحدود وتوجيهاته باستخدام أحدث التقنيات كان لهما الدور الحاسم في تسهيل وتسريع إنجاز المشروع، ما يعكس رؤيته الثاقبة للحفاظ على اللغة العربية وتطويرها، وإيمانه بأهمية هذا المشروع للأمة العربية جمعاء، وأوضحوا أن هذا الإنجاز يشكل إرثاً لغوياً وحضارياً للأجيال المقبلة، ويضمن للغة العربية مكانة رائدة بين لغات العالم.
وعبّر عضو مجلس أمناء مجمع اللغة العربية، محمد حسن خلف، عن فخره بهذا المشروع الذي يسهم في حفظ اللغة العربية وموروثها الثقافي، وبيّن خلف أن المعجم التاريخي ليس مجرد توثيق للكلمات، بل هو تتبع لجذورها منذ استخدامها الأول في عصر ما قبل الإسلام وصولاً إلى العصر الحديث، وأوضح أن أهمية هذا المشروع تكمن في كونه أول معجم تاريخي شامل للغة العربية، مؤكداً أن تنفيذ المعجم لم يكن ممكناً لولا توجيهات صاحب السمو حاكم الشارقة، بتوظيف أحدث التقنيات لتحقيق الإنجاز بسرعة وكفاءة.
وأوضح الأمين العام لمجمع اللغة العربية المدير التنفيذي للمعجم، الدكتور امحمد صافي المستغانمي، أن الأمر الذي حال دون إنجاز مشروع بهذا الحجم سابقاً، تمثّل في ضخامته، والحاجة إلى التقنيات الحديثة التي وفرت إمكانية تحقيق هذا الإنجاز في وقت قصير اليوم، وأضاف: «الفرق بين المعاجم العامة والمعجم التاريخي يكمن في أن الأولى تضع معاني ودلالات كل كلمات العربية، في حين أن المعجم التاريخي يرصد تطورات هذه الكلمات من أول استخدام لها في النقوش والمخطوطات القديمة، وصولاً إلى العصر الحديث»، مشيراً إلى أن المعجم التاريخي يضم ألفاظاً من القرآن الكريم والأحاديث النبوية والشعر العربي، ما يجعله سجلاً تاريخياً لألفاظ اللغة العربية، ويتيح توثيق معانيها وتطوراتها بمرور الزمن.
كما تطرّق مقرر عام الفريق الأردني، الدكتور محمد السعودي، إلى أهمية المعجم في خلق لغة مصطلحية جديدة في العلوم والفكر والثقافة، وأكد الدور الأساسي للعلماء والخبراء الذين عملوا بجهد كبير لإنتاج هذا المعجم، وأشار إلى أن المعجم التاريخي يُعد مصدراً قيّماً للتفاعل مع الثقافات الأخرى، ويعزز الحضور العربي في المحافل العلمية العالمية، مؤكداً أن اللغة العربية ستظل تتطور، وأن المعجم سيخضع لمراجعات دورية تضيف المفردات الجديدة وتوثّق التغيرات الدلالية.
وأكد المتحدثون أن من أبرز أهداف المشروع نشر هذا الإنجاز بين الأجيال الشابة، حيث يتوافر المعجم التاريخي الآن من خلال تطبيق إلكتروني يسهّل البحث، إلى جانب موقع المعجم الإلكتروني، وموقع مجمع اللغة العربية بالشارقة، ولفتوا إلى أن صاحب السموّ حاكم الشارقة أطلق كذلك مشروع «المعجم GPT»، الذي يستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي لتسهيل التعامل مع المعجم، ويتيح للجميع التفاعل والوصول إلى المعاني والمفردات بكل سهولة، ما يعزز مكانة اللغة العربية ويجعلها متاحة للجميع بطرق عصرية.
يشار إلى أن إنجاز المعجم التاريخي للغة العربية مرّ بمراحل امتدت سبع سنوات، ففي 18 ديسمبر 2016 أصدر صاحب السمو حاكم الشارقة، مرسوماً بتأسيس مجمع اللغة العربية في الشارقة، بهدف تنسيق الجهود لإطلاق المعجم التاريخي، وفي 10 مايو 2017 عقد سموّه اجتماعاً مع رئيس اتحاد المجامع العلمية واللغوية وأعضائه، ورؤساء المجامع اللغوية العربية في القاهرة، حيث أقر تشكيل اللجان والمراحل الأساسية للمشروع، وفي 18 ديسمبر 2018 أعلن سموه البدء في تحرير المعجم التاريخي، وشهد عام 2020 إصدار أول ثمانية مجلدات تجريبية، وتتابعت الإصدارات ليتم الإعلان في سبتمبر 2024 عن الانتهاء من طباعة المعجم في 127 مجلداً.
. المعجم يقدّم توثيقاً شاملاً من خلال 127 جزءاً تحتوي على 12 ألفاً و141 جذراً، و348 ألفاً و406 شواهد من القرآن الكريم والحديث النبوي والشعر والنثر.