«بينالي أبوظبي للفن العام».. دروب لاستكشاف المدينة الحقيقية

مثل معرض مفتوح ومساحات مشرعة على الإبداع؛ تحولت شوارع وحدائق ومرافق العاصمة أبوظبي بالتزامن مع انطلاق النسخة الافتتاحية من «بينالي أبوظبي للفن العام»، الذي يقام في الفترة من 15 نوفمبر 2024 حتى 30 أبريل 2025، بمشاركة أكثر من 70 فناناً من دولة الإمارات والعالم.

لا يسعى بينالي أبوظبي، عبر الأعمال الفنية التي تتوزع في مدينتي أبوظبي والعين، إلى عرض إبداعات فنية من مختلف دول العالم، أو تعزيز الذائقة الفنية لدى أفراد المجتمع فقط، ولكنه يهدف بشكل رئيس إلى تحفيز الجمهور لاستكشاف مفاهيم المكان العام والفن العام وتفاعل الإنسان مع محيطه الاجتماعي والبيئي وتأثير البيئة على المجتمع، واستكشاف المدينة الحقيقية من خلال الفن، معتمداً في ذلك على أربعة عوامل رئيسة، هي: البيئة، والمجتمع، والمدنية، والأصالة.

كما يطرح البينالي في هذه النسخة العلاقة بين تغير شكل الحياة في المدينة وتطورها عبر تسليط الضوء على معالجة التحدي المتمثل في الحفاظ على القيم التقليدية وسط النمو الحضري والتنويع الاقتصادي من خلال فهم الطابع الفريد لمدينة أبوظبي، حيث تحدد الظروف البيئية طرق تعامل الناس مع بعضهم بعضاً وأماكن تجمعهم ومناسباتهم، بما يجعل البينالي بمثابة منصة لإعادة تصور مفهوم المكان العام، ودراسة علاقته مع التراث العمراني للمدينة والممارسات المجتمعية للمقيمين فيها، مسلطاً الضوء على التحدي المتمثل في التكيف مع الظروف البيئية للمكان مع الحفاظ على تقاليد وعادات سكانه، خصوصاً أن فرادة التكوين الثقافي لإمارة أبوظبي تكمن في كونه نسيجاً متنوعاً شكلته عوامل عدة فرضتها السياقات البيئية والمجتمعية والطبيعة المحلية والتخطيط العمراني على امتداد العقود الخمسة الماضية، ما يضيف لمفهوم المكان العام أبعاداً تتعلق بالهوية والانتماء والتعايش وجوانب أخرى للبحث وإعادة تصور المكان.

ويمثل بينالي أبوظبي أول بينالي للفن العام تم تصميمه للمشاة، في حين يرسم امتداده بين مديني العين وأبوظبي لوحة تجمع الماضي والحاضر، فتقدم العين لمحة عن الماضي التراثي في حقبة ما قبل اكتشاف النفط، في حين تمثل أبوظبي المرحلة المعاصرة لحقبة ما بعد اكتشاف النفط.

محطة الحافلات

ومن النقاط الأساسية في دروب البينالي في أبوظبي، محطة الحافلات في وسط المدينة، والتي تم تصميمها في 1989، وتخدم المدينة منذ تسعينات القرن الماضي، نظراً للقيمة المعمارية والاجتماعية الكبيرة، حيث تتميز بهيكلها المعماري الأفقي وسط عمودية المباني الشاهقة المحيطة بها، بالإضافة إلى كونها مكاناً يجتمع فيه الناس من أطياف مختلفة.

وتحتضن المحطة أعمال عدد من الفنانين منهم الفنانة الإماراتية زينب الهاشمي صاحبة العمل الفني «توازن»، والذي يقوم كما أوضحت لـ«الإمارات اليوم» على المزج بين العناصر الطبيعية والصناعية، ويستلهم تصميمه من محطة الحافلات وموقف سيارات الأجرة، حيث يتكون من كتلة خرسانية يغطيها العشب، بما يبرز التباين بين الطبيعة والتطور والتدخل البشري، وضرورة العمل على تحقيق التوازن بينهما. والفكرة نفسها كانت محور عمل الفنان البرازيلي هنريك أوليفيرا والذي يحمل عنوان «عبث الطبيعة» ويمثل مجسماً ضخماً لشجرة جافة ملقاة على الأرض، مصنوعاً من الأخشاب المعاد تدويرها، في إشارة إلى ما يسببه الطموح البشري من اضطراب للطبيعة. وتحتضن المحطة أيضاً عملين للفنان الإندونيسي أيكو نوجروهو، الذي يطرح في أحدهما التحديات البيئية التي تواجه النباتات والحيوانات في بلده، والآخر يمثل تحية لجهود الطبقة العاملة في المدن، وما تعانيه من ضغوط الحياة اليومية.

دروب للتواصل الإنساني

ويضم المجمع الثقافي عدداً من الأعمال الفنية منها عمل الفنان الإماراتي محمد الاستاد المستلهم من مشروعه «دانات الشواطئ»، الذي يقوم على الجمع بين الفن المعاصر والفن المبني على عناصر الطبيعة من خلال دفن الأقمشة في رمال الشاطئ فترة، ما يسمح للعوامل الطبيعية بخلق أنماط وتدرجات لونية فريدة. وكذلك عمل مرتبط بمبادرة «لود ناد يتو» الفلبينية بعنوان «في بحث عن أثر»، تهدف لتكوين روابط عفوية بين أفراد المجتمع عبر ورش عمل يصنع فيها المشاركون أشكالاً من الطين الملون يتم عرضها كهدايا تذكارية تجسد تجاربهم وأفكارهم.

وتشمل دروب بينالي أبوظبي العديد من المواقع الأخرى تتسم جميعها بأنها مراكز لتواجد عدد كبير من الأشخاص من أعمار وفئات مختلفة، مثل كورنيش أبوظبي، والحدائق العامة كحديقة البحيرة، والحديقة الرسمية، والحديقة الحضرية، وحديقة العاصمة. إلى جانب سوق السجاد، والمسرح الوطني، ووسط المدينة، ودرب واحة العين.

زينب الهاشمي:

. عملي «توازن» يبرز التباين بين الطبيعة والتطور والتدخل البشري، وضرورة العمل على تحقيق التوازن بينهما.

. 70 فناناً من دولة الإمارات والعالم يشاركون في أول بينالي للفن العام تم تصميمه للمشاة.

الأكثر مشاركة