الخوف والتّغيير للأفضل
التّغيير هو سنّة الحياة ومصلحة ومنفعة المجتمع، وله أثر كبير وعميق في النّفوس يتمّ من خلاله التكيّف مع التّطور الحاصل، ويبدأ التغيير من الفرد أولاً مغيّراً أفكاره ومنتهياً بتطبيقها على أرض الواقع، وكلّما سعى الفرد نحو التّغيير كلما خرج من دائرة الرّوتين المملّ وكأنه يعيش في دائرة مفرغة، وعلى من يرغب بإجراء هذا الحدث المهمّ في حياته ألا يخاف من الفشل أو المعوقات التي قد تعترض طريقه وتثنيه عن تحقيق مطلبه السامي، فالدّافع الدّاخلي يُعتبر بمثابة مضخّة التشجيع والإصرار الذي يعمل عمله الجبّار، مُحدثاً ثورةً كبيرة في التّغيير.
كم من شخصٍ أراد سلك َ طريق التّغيير الإيجابيّ، إلا أنّ خوفه من المجهول جعله يتوانى عن ذلك، ولكن بالعزيمة والإصرار يتحدّى الشّخص المستحيل، وبالمقابل هناك بعض الأشخاص كانوا لا يشكّلون شيئاً في الحياة ثمّ أصبحوا يملكون بصمة خاصة تمّيزهم عن غيرهم، وأيضاً إنساناً فقيراً لا يملك سوى قوت يومه ما لبث أن أصبح رجلَ أعمالٍ مشهور، والمرجع في ذلك يعود للتغيير البنّاء الذي نهجوه في مسيرة حياتهم.
التغيير فكرة عملاقة تستحوذ على العقول، ويجب اتباع السّبل الصّحيحة لطرد كل ما هو سلبيّ، حتى لا ينتج عن ذلك خوف وقلق ونتائج غير جيّدة، وعدم الاستسلام لما يعترض طريق التّغيير، مبدّداً لكل خوفٍ وضعفِ ثقةٍ بالنفس، وبالتّالي تضحياتٍ معنويّة وماديّة.
وليس كل تغيير يقوم به الفرد هو تغييرٌ إيجابيّ، فقد يكون سلبيّاً بعض الأحيان وعواقبه وخيمة، فتحوّل شخصٍ غير مدخّن لمدخّن، أو طالباً مجتهداً في دراسته ثمّ تعرف على أصدقاء سوءٍ فتحوّل لشخص لا مبالٍ بالدراسة والاجتهاد والتفوّق، وغيرها من الأمثلة التي تجسّد التّغيير العكسيّ السّلبيّ، علماً أنّ نتائج ذلك لا تظهر على المدى القريب، لأنّ التّغيير لا يحدث بين ليلة وضحاها، بل بحاجة لبعض المقوّمات التي تّعتبر بمثابة مفتاحٍ يتمّ من خلاله العبور نحو بوابة النّجاح، كأن يبدا الإنسان بتغيير نظرته الشخصية للحياة وثم تتغير وجهة نظره نحو العالم ويتبدّد خوفه الداخلي، ويتحمّل مسؤوليّة قراراته، فيمتلك مقوّمات تجعله شخصاً قويّاً قادراً على إدارة مشاكله باحترافية، منطلقاً من فكرة أنّه يرغب بحياة كريمة كما يريد، لا أن تقوده الحياة كما تريد.
لذا عزيزي القارئ تعرّف على داخلك جيداً وقدّرها خير تقدير، ومن ثمّ كافئها فهي تستحقّ، وانظر لنفسك نظرةَ فخرٍ وعزة، لأنها ستنتقل لمن حولك وسيرونك شخصاً بالغ الأهمية، وذلك نتيجة الصورة التي رسمتها عن نفسك لهم واقتنعت بها أولاً، فكانت رسالة لعقول الآخرين.
من أراد التّغيير يضع لنفسه أهدافاً صغيرة قابلة للقياس والتّحقق، ومن ثم تكبر شيئاً فشيئاً لتصبح أهدافاً كبيرة ذات طابع إيجابيّ، متكيّفاً مع أيّ تغيير وتطوّر من شأنه أن يقود نحو التميّز، فعصر التّغيير المستمر لا يكترث بالخائفين أو المتردّدين، كماء النّهر الجاري في تحوّل وتغيّر دائم، لا يمكنك وضع رجلك في نفس الماء مرّتين، فكما يتغيّر الماء ينبغي عليك التّغيير وعدم الخوف، لأنّ قمّة تأخّر الإنسان تكمن في الخوف، فكن أنت التّغيير الذي ترغب برؤيته في العالم، وكن أفضل ممّا أنت عليه الآن.
بقلم.. مايا الهواري.. اول باحثة دكتوراة في الذكاء العاطفي والقيادة في الوطن العربي