«مضخــة الأنسـوليـن».. العـلاج الأكثر تطوراً لمرضى السكري

طرأت تغيرات كبيرة على طرق استخدام الأنسولين في علاج داء السكري، منذ بداية الألفية الثالثة حتى يومنا هذا، تمثل آخرها في ابتكار «مضخة الأنسولين»، التي تعد الطريقة الأكثر تطوراً لتوفيره بشكل دقيق، وقابل للتعديل، ليحل بديلا فريدا للحقن اليومية المتعددة والضرورية لعلاج المرض.

ويقول أخصائي أمراض الغدد الصماء والسكري في المستشفى الأميركي، الدكتور محمد بلال الشماع «تعد معالجة مرض السكري عن طريق (مضخة الأنسولين) التي توفر الأنسولين على مدار الساعة مثل البنكرياس السليم المسؤول عن إنتاج هذا الهرمون، وهي الطريقة الأكثر تطوراً لتوفيره بشكل دقيق وقابل للتعديل»، ويوضح أنها «تتيح للمريض إمكانية التحكم بضخ الأنسولين، أو التوقف عن ذلك، بغية إعادة مستويات السكر (الغلوكوز) في الدم إلى حالتها الطبيعية». 

وعن فوائد ومميزات المضخة، يقول الشماع «تستعمل المضخة الأنسولين السريع التأثير، الذي يمتصه الجسم بشكلٍ أكيد، فيسهل بذلك عملية الضبط السليم لمستوى الغلوكوز»، ويكمل «ولأنها تحتوي على تقنيات حديثة سهلة البرمجة، تتيح لمستخدميها برمجة جداول جرعات أساسية مختلفة طوال النهار، تتلاءم مع وجبات الطعام، ومواعيد التمارين الرياضية، وأساليب وحاجات الحياة الأخرى».

دواعٍ ومحاذير
ويؤكد الشماع أن مضخة الأنسولين لن تحقق وظائفها على أكمل وجه، ما لم يكن المريض ملماً بطريقة استخدامها، ولديه الرغبة الكاملة والقدرة الكافية على ذلك»، الأمر الذي يستدعي «ضرورة التدريب لمدة تتراوح ما بين أسبوع إلى أسبوعين، حول برمجة وتشغيل جهاز المراقبة، والاستجابة لحالات الإنذار، وغيرها، إلى جانب تنظيم زيارات مستمرة لأخصائي التغذية للتعرف إلى عدد السكريات الموجودة في الوجبات الغذائية، والتي يحتاجها  في عملية برمجة جداول الجرعات في المضخة». ويعلق  «لابد أن يتمتع المريض ببصر  وسمع جيدين، حيث إن ضعفهما أو غيابهما، لايسمح بالتعرف الكامل والصحيح إلى الإشارات والإنــذارات التي تصـدرها المضخة»، لذا لا يسمح باستخـــدامها قبل موافقة الطبيب.

وعن طريقة عمل مضخة الأنسولين تقول مديرة وحدة «ميدترونك مينيميد» المختصة بداء السكر، نبال صبان «تحتوي مضخة الأنسولين على خزان يتسع لكمية من الأنسولين كافية ليومين أو ثلاثة، يتم حقنها بواسطة أداة التشريب، المؤلفة من أنبوب يدخل تحت الجلد في منطقة البطن».  وتوفــر المضخة بشكل تلقائي معدلاً ثابتاً من الأنسولين، يسمى (المعدل الأساسي)، لإبقاء مستويات الغلوكوز في معدلها الأنسب في الأوقات ما بين وجبات الطعام، وأثناء الليل»، وتؤكد صبان ان «التحكم شبه الطبيعي بمستويات الغلوكوز، والذي يمكن تحقيقه بواسطة المضخة، قد يؤخــر من ظهور المضاعفات الصحية الناتجة عن داء السكر بمعدل 15 سنة، ويطيــل مدة الحياة بمعدل خمس سنوات»، وتشمل هذه المضاعفات «العمى، وقصور الكليتين، والبتر، والعنة، وأمراض القلب».

احتياطات ضرورية
وعن الاحتياطات التي ينبغي الأخذ بها عند استخدام «مضخة الأنسولين»، يقول الشماع «المعالجة بمضخة الأنسولين تستخدم فقط الأنسولين ذا التأثير والمفعول الأسرع، وبالتالي فكل انقطاع في ضخ الأنسولين يسبب انسدادات في أداة التشريب، أو التسربات، أو فقدان قوة مفعول الأنسولين، أو خلل في المضخة»، ويكمل «الأمر الذي قد يؤدي إلى زيادة سكر الدم (الغلوكوز المرتفع)، في غضون ساعتين إلى أربع ساعات»، فضلاً عن أن «الاستخدام المتشدد في ضخ الأنسولين، يؤدي إلى حدوث نقص سكر الدم (الغلوكوز المنخفض)، الذي يجب التنبه إليه قبل الذهاب إلى النوم، أو قيادة السيارة، نظراً لعواقبه الوخيمة في هاتين الحالتين بشكل خاص». 

ويجب أن يحرص المريض على «تغيير أدوات التشريب كل يومين إلى ثلاثة أيام»، كما أن الإدخال غير الصحيح لها يؤدي إلى حدوث بعض الإلتهابات».

تكاليف باهظة 
ويترتـب على استخدام «مضخة الأنسولين»، كما يذكر الشماع«تكاليف باهظة، لاسيما إذا ارتفعت المواصفات التقنية فيها، ففضلاً عن سعرها الذي يصل إلى 22 ألف درهم، يتكبد المريض ما يقارب الـ3000 درهــم، لتغيير مخزون الأنسولين في المضخة، إلى جانب الحاجة إلى تغيير أدوات التشريب كل يومين إلى ثلاثة أيام».

ويضيف الشماع «على الرغم من أن المستشفيات الحكومية باتت تحرص على توفير المضخة لمرضى السكري لديها، إلا أن شركات التأمين تعجز عن توفيرها لمرضى المستشفيات الخاصة، ويقتصر توفيرها على أدوات التشريب فقط، الأمر الذي يعد تهاوناً واضحاً في حياة المريض».

ولا يقتصر استخدام مضخة الأنسولين على المصابين بداء السكري من الكبار فقط، بل تعداه ليشمل الصغار أيضاً، حيث أظهرت الدراسات العديدة المتعلقة بطب الأطفال، كما تقول صبان «أن المعالجة بمضخة الأنسولين تساعد على تحسين مستوى الغلوكوز لدى الأطفال، بالإضافة إلى انخفاض خطر تدني معدل السكر في الدم، وهنا تعلق قائلة «مضخة الأنسولين توفر كميات دقيقة من الأنسولين للجسم، ويمكن للأطفال الاستفادة منها»، ولتفادي العواقب الناجمة عن فضول وشغب الأطفال «زودت المضخة بنابض خاص لمنع الأولاد من استعمالها، ويستطيع الوالدان توفير الأنسولين لهم بواسطة مبرمج له خاصية التحكم عن بعد، يستعمل ذبذبات الراديو للاتصال بمضخة الأنسولين». 

مرض السكري
اجتمعت لجنة خبراء منظمة الصحة العالمية لمرض السكر في جنيف عام 1979، لمناقشة أفضل تعريف للمرض، ووضعت تقريراً فنياً تحت الرقم 646، تضمن تعريفا لمرض السكري وهو «حالة مرضية مزمنة، تنتج عن ازدياد مستوى السكر في الدم، سبب هذه الزيادة قد يكون وراثياً، أوبيئياً، أو نتيجة لعوامل أخرى كثيرة غالباً ما تتضافر مع بعضها بعضاً، وهرمون الأنسولين هو المنظم الرئيس لتركيز الغلوكوز (السكر) في الدم، وهو هرمون تقوم بتخليقه وتصنيعه وإفرازه خلايا تسمى«ب» أو «بيتا» الموجودة في البنكرياس. وقد يرجع ازدياد السكر في الدم إلى عدم وجود الأنسولين، أو نقص إفرازه، أو إلى زيادة العوامل التي تضاد أو تضعف مفعوله. 

اليوم العالمي للسكر 
يحتفل العالم سنوياً في 14 من شهر نوفمبر باليوم العالمي للسكر، وتم اختيار هذا اليوم تحديداً، لأنه يوم ميلاد (فريدريك بانتغ)، الذي توصل إلى الفكرة التي أدت إلى اكتشاف الأنسولين في أكتوبر عام 1921، بالتعاون مع تشارلز بست، للاحتفال بالتقدم الطبي الذي تم إحرازه في مجال عناية وعلاج مرضى السكري، وللفت الانتباه إلى أنه مازال هناك الكثير الذي يمكن عمله من أجل هؤلاء المرضى، والتقليل من مضاعفات المرض وتجنبها بقدر الإمكان. 

الأكثر مشاركة