الصورة تعبّر عن الأشخاص وتحدثنا بلغتها الخاصة. تصوير: سالم خميس

سهيل سمعان: التصوير لغة مــختلفة للحوار

ليست مهنة التصوير مجرد توثيق للحظة معينة، أو رصد محايد لوجوه الناس والأشياء، فالمصور البارع هو الذي يظهر جمال ما يلتقط، ويخلد صورة معبرة قادرة على التحدث بلغتها الخاصة، وإنطاق ملامح الشخص بجزء من شخصيته. ويعتقد كثيرون أن الصورة المثالية هي التي تخفي العيوب، وتتخير أجمل ما في الإنسان وتركز عليه، لكن إخفاء العيوب، ولاسيما الخلقية، ليس مهمة سهلة، فهو يحتاج الى مصور بارع قادر على استخدام الإضاءة على النحو المطلوب، وكذلك على جعل الشخص الذي امامه يرتاح مع نفسه، كي تكون الصورة واقعية، وأكثر تعبيراً عن الشخصية.

وقال المصور اللبناني المقيم في دبي، سهيل سمعان، إنه «ليست هناك امرأة لا تتمتع بقدر من الجمال، لكن المهم ان تعرفه، وأن ترضى عنه، فهذان العاملان يؤديان الى بروز الجمال في الصورة»، مشيراً إلى أن ما نشاهده حولنا من مظاهر جمالية أمور متغيرة، وأوضح «اختلفت معايير الجمال عبر السنين، فقد كانت عيون المرأة تشبه بعيون المها لشدة جمالها، والمرأة الممتلئة الجسم كانت تعد الاكثر جمالاً، فيما اليوم اصبحت المرأة النحيلة هي المميزة».

ورأى ان «الجمال في النهاية يعتبر شيئاً نسبياً، وأرى جمال المرأة في راحتها ورضاها عن نفسها وطبيعيتها».

وأضاف سمعان «من الطبيعي ان يرى كل منا الجمال على طريقته، وشخصياً لا اعدل في الصور؛ لان الغرض من التصوير هو ان أنظر الى الشخص وأعرفه». وقال إن من أهم العوامل التي تساعد على إبراز الجمال في الصورة «التواصل بين المصور ومن يصوره؛ فهذه العلاقة تجعل الصور جميلة، ومع الوقت يتعلم المصور الكثير عن الناس، فالتصوير ليس لإبراز الجمال وإنما لإبراز الشخص من دون تزييف، والانفتاح على العالم يجعلني كمصور متمكن من كيفية التعامل مع الناس، ولكن هناك اشخاصاً لا يمكنني ان أخترق داخلهم، ولا يمكنني التعاطي معهم بسهولة».

تعديل الجمال

واوضح سمعان انه لا يستخدم تقنية «الفوتوشوب» في حال كان يأخذ صوراً شخصية، وقال «لا أستخدم هذه التقنية الا عندما اصور عارضة أزياء لإعلان؛ لانه حينها يجب عليّ ان اجعل الصورة تبدو كاملة من دون وجود أي شائبة او عيب». وتابع ان «جمال المرأة في طبيعتها هي، وبالتالي هذا ما أركز عليه لأبرزه». وذكر أن الخطوات التي يجب على الفتاة ان تأخذها كي تبدو جميلة في الصورة «ان ترتاح مع نفسها، وأن تدرك عيوبها وتتخطاها، لأن كل منا يرى في داخله عيوباً والناس لا تراها؛ لأن هذه العيوب تربكه وحده، والآخرون لا يلتفتون اليها».

وبيّن كيفية تعاطيه كمصور مع بعض العيوب التي تكرهها النساء من خلال اختيار زاوية التصوير «فعادة تكره فتيات ان يُصورن بسبب الانف الطويل، وفي هذه الحالة كمصور أحرص على ان تكون الصورة للوجه من الامام، وليس من الجانب، ثم ان جميع البشر يملكون عيناً اكبر من الاخرى، لذا أحرص على ان التقط الصورة من ناحية العين الصغيرة كي نقوم بالموازنة».

أما تغطية الشعر الكثيف على الجبين «فتكون باستخدام شعر المرأة نفسه لتغطيته. فمسألة تخطى العيوب تكون من خلال الجمال الطبيعي». لافتاً إلى أن الماكياج الذي يستخدم لإخفاء بعض العيوب مهم، وأضاف «لكنني كمصور أرى جمال المرأة من دون ماكياج، وبالنسبة إليّ الصورة العفوية هي الاكثر تعبيراً عن الشخص وطبيعته».

وليس من الضروري أن ينظر الشخص للكاميرا كي يتمكن سمعان من تصويره بطريقة جميلة، اذ يطلب من الناس الذين لا يرتاحون مع الكاميرا أن يقوموا بتنفيذ اعمال يحبونها، وهذا الوقت يكون بالنسبة اليه هو الافضل كي يلتقط الصورة المناسبة على حد تعبيره، وقال «لهذا فإن اصعب صورة تكون مع الشخص الانطوائي، في حين ان أسهل صورة تكون مع الشخص الذي لا يخجل من عيوبه ويرتاح معها».

وأفاد بأن تصوير الرجل لا يختلف كثيراً عن تصوير المرأة، مستدركاً أنه توجد بعض الفروق التي يركز عليها المصور «فجمال المرأة يكمن في الالتفافات الخاصة بجسمها، فيما جمال الرجل يبرز من خلال الخطوط المستقيمة في جسده ووجهه، لكن التعامل معهما للصورة لا ينبني على هذه المعادلة». ولخص العوامل المهمة لنجاح الصورة في «الاضاءة، والمصور البارع الذي يعرف كيف يعمل على الاضاءة، ثم تأتي عوامل الطبيعة كالغبار والرطوبة في حال كانت الصورة في الطبيعة، والتعامل مع الناس وسرعة التقاط الصورة في حال كان التصوير لكائنات غير بشرية».

بين المرأة والجماد

وذكر سمعان، الذي يمتلك خبرة واسعة في تصوير الاشياء الجامدة، الى جانب خبرته في تصوير الجمال أنه التقط صوراً وثائقية، وأشياء جامدة كثيرة، وقدمتها في معارض، ومنها السيارات، وأضاف «أرى مجال الابداع مفتوحاً ولا حدود له؛ لان التصوير لغة للتعبير عن النفس، وشخصياً أعبر عن نفسي بالتصوير من دون الكلمات». وأوضح أن الاختلاف بين تصوير المرأة والجماد يكمن في أن «الجماد يتمتع بوجود روح داخله، وبالتالي الفرق يكون أن المرأة أحدثها، ولكن الجماد هو الذي يخاطبني، وإن كانت هذه المخاطبة غريبة، لكنها ضرورية كي انجح في تقديم الصور».

ورأى أن تحقيق النجاح في التصوير ليس سهلاً، كونه كالطب ـ وفق سمعان ـ وأكد أن «التخصص في التصوير من الاشياء المهمة، وليس سهلاً أن يبرع المصور في مختلف مجالاته، ولكن كوني كنت أعلم التصوير تمكنت من دخول هذه المجالات كلها، فالتعليم يمكّن المصور من فهم المجال الذي يصوره كثيراً». وكان لسمعان خبرة مع تصوير جمال دبي؛ حيث تشارك و10 مصورين في تصوير مناظر دبي، وقال «عرفت دبي قبل أن تصبح كما هي عليه اليوم، فقد أتيت الى دبي منذ 18 سنة، وأشتاق الى دبي القديمة، وأصور الكثير من الاماكن التراثية، وهذا أكثر ما أحبه فيها».

رفيق الكاميرات

قال المصور سهيل سمعان إن الكاميرا أكثر من رفيق بالنسبة إليه، فأينما يذهب تكون معه. لكنه حين يقرر أن يخرج مع عائلته يتركها بعيدة عنه، وعلى الرغم من ذلك فهو يستخدم كاميرا الموبايل للتصوير؛ لأن التصوير يعيش بداخله، فقد أحب المهنة منذ ان كان طفلاً، ودرسها في فرنسا، وعلمها في الجامعة. وانتقل الى دبي بعد ان تخصص في التصوير، ولم يعمل في هذا المجال في وطنه لبنان.

ماكياج الصورة

قالت خبيرة التجميل، تيري الين، ان الماكياج من الامور الاساسية لكي تكون الصورة مميزة. موضحة أن «البودرة من الامور الاساسية التي يجب ان يضعها الرجل ايضاً قبل التقاط الصورة؛ كونها تعمل على تصفية البشرة». وأضافت عن ميزات ماكياج المرأة «ليس من الضروري ان تكون الالوان متجانسة مع بعضها، فهذا ليس جميلاً في الصورة، كما ان تجانس لون الملابس مع الماكياج ليس من الامور الجيدة، فالعمل على تنسيق الالوان يعتبر افضل من اختيار لون واحد»، مؤكدة ضرورة مزج الالوان، او ان تظهر على الوجه بطريقة غير منفصلة، واختيار درجات معينة منها.

وتابعت الين ان «الماكياج خاص بالصورة، فيجب ان يكون قوياً كي يظهر، واختيار ألوان ظل العينين يعتبر من الامور المهمة، فالسيدات اللواتي يملكن عيوناً ملونة عليهن الابتعاد عن ظل العينين الذي يشبه لون أعينيهن، فإن كانت العيون زرقاء فيستحيل وضع اللون الازرق، فلن يكون جميلاً على الاطلاق، بل يمكن وضع الاسود لابراز اللون الداخلي للعين».

الأكثر مشاركة