الكـــرش.. مرض الوجبات السريــعة

ألقت الحياة العصرية الحديثة بظلالها على السلوك الغذائي للشباب من الذكور والإناث على حدٍ سواء، فباتوا يعتمدون على الوجبات السريعة، الغنية بالسعرات الحرارية، والكفيلة بمراكمة الدهون في أجزاء مختلفة من الجسم، وتحديداً في منطقة البطن، فضلاً عن بعض العادات الغذائية السيئة، وقلة الحركة والعزوف عن ممارسة التمارين الرياضية، الأمر الذي يؤدي إلى ظهور ما يسمى «الكرش»، الذي يترك آثاراً نفسية وصحية سلبية على الحياة، تستدعي ضرورة اتباع حمية غذائية وتمارين رياضية خاصة، أو تدخلاً جراحياً في بعض الأحيان.

أسباب الكرش


لطيفة راشد

تقول رئيسة قسم التغذية في مستشفى القاسمي لطيفة راشد، إن ظهور الكرش انتشر بين الشباب في الآونة الأخيرة، «نتيجة لتغير أسلوب المعيشة، الذي نجم عنه تغيرات في العادات الغذائية، حيث أصبح الاعتماد الكلي تقريباً على الأطعمة السريعة، التي باتت كالوجبات الخفيفة بين الوجبات الرئيسة»، وتكمل ان هذه الأطعمة السريعة تتميز بارتفاع السعرات الحرارية والدهون فيها، حيث تعتمد معظمها على القلي، واستخدام اللحوم المدهنة، وإضافة الصلصات والأجبان كاملة الدسم، إلى جانب المشروبات المرتفعة السعرات الحرارية كذلك لاحتوائها على السكريات البسيطة»، وتعلق لطيفة «هناك اعتقاد سائد بأن الكرش عبارة عن تجمع غازات أو سوائل، ولكن هو في الأساس عبارة عن تجمع الدهون في الجدار الأمامية للبطن، أسبابه عدة ومن أهمها، الإسراف في تناول الطعام، الذي يؤدي إلى كبر حجم المعدة، وزيادة سعتها، وبالتالي سهولة ترهل العضلات الأمامية للبطن، كما يؤدي إلى زيادة في السعرات الحرارية المتناولة وبالتالي تراكم الدهون في البطن وفي أجزاء مختلفة من الجسم»، وتكمل «السبب الآخر هو قلة الحركة والخمول وبالتالي ترهل العضلات، حيث أصبح الاعتماد في التنقل على السيارة حتى في أقصر الطرق، وعلى الألعاب الالكترونية والتلفاز في شغل أوقات الفراغ، والاسلوبان لا يعملان على صرف الطاقة المخزونة، بل زيادتها، وخصوصاً اذا تم تناول الوجبات الخفيفة إلى جانبهما، فضلاً عن عزوف الشباب عن ممارسة الرياضات المختلفة التي تعمل على تقوية العضلات».

الأطعمة المسببة

وتؤكد لطيفة ان «تناول أي نوع من أنواع الطعام بكميات كبيرة، تفوق حاجة الجسم من السعرات الحرارية، يجعله يتراكم على صورة دهون في أجزائه المختلفة ومنها الكرش، كما أن تناول الطعام بكميات كبيرة يعمل على ترهل عضلات البطن لزيادة حجم المعدة، وغالباً الأطعمة المرتفعة السعرات الحرارية تساعد على زيادة الوزن، وظهور الكرش، كالأطعمة المقلية والدهنية والحلويات».

وعن وسيلة القضاء على الكرش، تؤكد لطيفة ان الحمية الغذائية تعتبر من أهم الوسائل للقضاء على الكرش، ولابد من اتباع حمية غذائية خاصة لصرف كميات الدهون المخزنة في الجسم، وليس كميات الطعام المتناولة»، وتكمل «لأن الكرش ينتج عن ترهل عضلات البطن، لذا لابد من تقويتها من خلال التمارين الرياضية الخاصة بها، ولكن في حال عجزت الحمية الغذائية، والرياضة الخاصة، عن القضاء على الكرش، يلجأ إلى التداخل الجراحي، وغالباً ما يكون عند الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة، ويكون مؤشر كتلة الجسم لديهم أعلى من 40».

كم الوقت؟

ولا يمكن تحديد الوقت الذي نحتاجه للقضاء على الكرش، كما تقول لطيفة «حيث يعتمد ذلك على وزن الشخص، والوزن المراد التخلص منه، وعدد السعرات الحرارية المتناولة خلال اليوم، فمثلاً عند خفض 500 سعرة حرارية عن عدد السعرات الحرارية المتناولة خلال اليوم ينخفض الوزن من نصف كيلوغرام إلى كيلوغرام واحد خلال الأسبوع، أي نحو كيلوغرامين إلى أربعة كيلوغرامات في الشهر»، وتكمل «كما يعتمد على حجم الطاقة المصروفة أي عدد السعرات الحرارية المصروفة خلال ممارسة الرياضة، وهذا يختلف حسب نوع الرياضة، وسرعتها، ومدة ممارستها، والعضلة المتأثرة منها، وكلما زادت السرعة والمدة وكانت من النوع الذي يركز على تحريك عضلات البطن ستكون المدة أقل».

الآثار السلبية

وعن الآثار السلبية للكرش في الصحة، تقول لطيفة «فضلاً عن الضرر النفسي، يترك الكرش آثاراً وخيمة على صحة صاحبه، حيث يكون أكثر عرضة لأمراض القلب من الأشخاص الذين يعانون من السمنة في أجزاء أخرى من الجسم، إلى جانب الجلطات، وخصوصاً جلطة الدماغ والسكري والضغط، وبعض أنواع السرطانات، ونتيجة لذلك ترتفع نسبة الوفيات بينهم أكثر من غيرهم.

وتعلق «وهنا لابد من معرفة المعدل بين قياس الخصر إلى الورك، وذلك بقسمة طول الخصر على الورك، وإذا كان ناتج القسمة للرجال أعلى من واحد فهذا يعني أنه عرضة للإصابة بالأمراض المزمنة، وخصوصاً أمراض القلب، وللنساء إذا كان المعدل أعلى من 0.8 فهذا يعني أنها عرضة للإصابة بالأمراض المزمنة».

وتتابع «وبصورة عامة فالسيدات اللواتي يبلغ قياس خصرهن أكثر من 35 إنشاً، أو الرجال الذين يزيد قياس خصرهم على 40 إنشاً، هم أكثر عرضة للآثار السلبية للكرش».

هناك مجموعة من الاعتقادات الخاطئة بشأن ظهور الكرش ومنها كما تذكر لطيفة «شرب الماء بكثرة، في حين لا يحتوي الماء على أي سعرات حرارية، بحيث يتحول الفائض منه إلى دهون متراكمة، وأن الأرز هو السبب الرئيس لظهور الكرش، كما لا توجد علاقة بشرب الخل، أو عصير الجريب فروت أو ربط البطن بالتخلص من الكرش».

الحامل والأطفال


عائشة الصيري

وتقول اختصاصية التغذية في دائرة الصحة عائشة الصيري «يظهر الكرش نتيجة زيادة ترسب الدهون في المنطقة من أسفل الصدر في الجدار الأمامي للبطن حتى منطقة الحوض، وضعف عضلات البطن والظهر، وهى عادة تكون نتيجة السمنة المفرطة الناتجة من العادات الغذائية غير السليمة العشوائية للحامل وعدم ممارسة التمارين أثناء الحمل، كما أن للحمل والولادة المتكررة دوراً في ضعف عضلات البطن، فضلاً عن أن المرأة في الحمل وبعد الولادة تكتسب وزناً إضافياً»، وتعلق الصيري «وإذا لم تقم بالإرضاع، وبممارسة التمرينات الرياضية الخاصة بمنطقة البطن بعد الولادة، فإنها تصبح معرضة للزيادة في الوزن وترهل عضلات البطن مكونة ما يسمى الكرش المسترخي».

وتؤكد الصيري ان الأطفال قد يصابون بالكرش نتيجة لزيادة الوزن عن المعدلات الطبيعية كما هو الحال بالنسبةلبعض البالغين، أو لعدم القيام بمجهود عضلي لتقوية عضلات البطن، إلى جانب العادات الغذائية الخاطئة للطفل السمين، كما تلعب الوراثة دوراً كبيراً مسببة ضعف عضلات البطن الوراثي».

وعن دور المشدات والمساج وحمامات البخار (السونا) في تخفيف الكرش، تقول الصيري ان كثرة ارتداء المشدات (الكورسيه) لإخفاء الكرش ومنطقة البطن، يؤدي إلى حدوث ضعف عضلات جدار البطن نتيجة عدم حركتها، وبالتالي يحدث ترهل في هذه المنطقة».

المساجات والتدليك

تقول اختصاصية التغذية في دائرة الصحة عائشة الصيري إن التدليك أو المساج «قد يقضي على كرش المدلك نفسه فهو الذي يبذل مجهوداً، لكنه لا يفقد صاحب الكرش أي غرام من دهون الكرش، وذلك لعدم بذله لأي مجهود وحركة أثناء عملية التدليك»، وتكمل «ليس لحمامات البخار أو الساونا دور فعال في علاج الكرش أو التخسيس، وما يحدث فيها أن الشخص السمين المصاب بالكرش يفقد بعض الكيلوغرامات من سوائل جسمه عن طريق العرق وليس الدهون، وبمجرد أن ينتهي من هذا الحمام، يقبل على شرب الماء بكثرة لتعويض ما فقده الجسم من ماء فيستعيد وزنه الأصلي من جديد».

الأكثر مشاركة