السيارات القديمة.. تخليد متحرك للزمن الجميل

تصوير: يونس الأمير

جمعت مظلة الشغف بهواية اقتناء السيارات الكلاسيكية، كثيراً من المهتمين بهذه الهواية، خلال استضافة نادي ومتحف الشارقة للسيارات القديمة، أخيراً، نادي «إكزو كلاس» للسيارات، حيث تحولت الطرقات الداخلية لنادي الشارقة، ومواقفه، إلى شاهد متحرك على عصور سابقة، وتزينت بسيارات مميزة بعراقة جمالها الكلاسيكي، جلبها أصحابها من محبي مركبات الزمن الجميل، إذ تحول تجمع أعضاء الناديين إلى عرض للمركبات القديمة، والتحدث عن ميزات كل منها، وتبادل الخبرات حول كيفية التعامل مع السيارات الكلاسيكية.

وقال رئيس مجلس إدارة نادي ومتحف الشارقة السيارات القديمة، أحمد محمد الجروان، إن «النادي رغب في إقامة تجمع يعد الأول من نوعه بين أعضاء النادي ومحبي السيارات القديمة، في أجواء كانت النية في أن تكون عفوية وغير متكلفة، تجمع هواة السيارات وتحقق التواصل بينهم»، مشيرا إلى أن استضافة أعضاء وأفراد من نادٍ آخر للسيارات، أمر يعزّز الهدف الرئيس للنادي، من خلال نشر الوعي بهذه الهواية، وتعزيز الاهتمام بها بين الأفراد.

وتابع لـ«الإمارات اليوم»: «من خلال الحدث، استطاع النادي أن يحقق الهدف ببساطة عبر جلب الشباب المهتمين بهذه الهواية ومقتني السيارات القديمة، أو الراغبين في ذلك، وتحقيق أجواء من التواصل المباشر بينهم، ومع الإدارة، والتعريف المباشر بخدمات النادي».

وأضاف «بمجرد شرح خدمات النادي، استطعنا أن نحصل على طلبات التسجيل والعضوية، ما يشير إلى مدى حاجة الشباب ومحبي السيارات الكلاسيكية لمكان وسقف يجمعهم، ويعينهم على الاستمرار في هذه الهواية بالطريقة الصحيحة والمناسبة».

 الجمال الكلاسيكي

أشار عميد كلية الفنون والتصميم في جامعة الشارقة، البروفيسور حسن عبدالله، إلى أنه من خلال تجوله في المتحف، وتتبعه لفعاليات النادي، خرج بكثير من التساؤلات التي تصلح لتتحول إلى برامج فنية يمكن أن يتم تطبيقها لطلبة الجامعة بالتعاون مع النادي، مضيفاً «انبهرت بأنواع السيارات المعروضة، التي يعود بعضها إلى عام ،1917 ذات تصاميم قديمة، أساسية ومبدئية، قامت عليها لاحقا صناعة السيارات، وما نراه الآن من تصاميم، فهذا الجمال الكلاسيكي القديم للتصميم هو الأساس والأصل، ونحن الآن نتعايش مع نسخته وشكله المتطورين».

ونبه إلى أن هناك الكثير من العناصر التي يمكن أن تطرح عند النظر لهذه السيارات منها «مفهوم التصميم، إضافة إلى الراحة، والمقارنة بين القديم والحديث في هذا الخصوص، ومدى تطور التصميم في مقابل الراحة بين القديم والحديث، والعكس»، إضافة إلى الجانب الصديق للبيئة الذي يعد أحد أهم الموضوعات التي يتم التركيز عليها حاليا، ومدى صداقة القديم مع البيئة مقارنة بالحديث من السيارات، حيث لطالما ارتبطت زيارة سرعة السيارة بانبعاث المزيد من الغازات السامة، ورأى أن تلك الموضوعات يجب أن تطرح، وقد تجد الكلية إجابتها من خلال النادي.



ثقافة الاقتناء

وقال نائب رئيس مجلس إدارة نادي ومتحف الشارقة للسيارات القديمة مدير عام بلدية الشارقة، صلاح طاهر الحاج، إن «أهمية المشاركة والتواصل مع محبي ومقتني السيارات القديمة ستأتي عبر تعزيز ثقافة الاقتناء ونشرها بين الشباب، حيث نحرص من خلال هذه الفعاليات على خلق الرابط بين الشباب تحديدا وبين تاريخ السيارات وما كانت عليه»، موضحا أنه «على الرغم من أن تاريخ السيارات في الإمارات ليس ببعيد جدا، ويعود إلى نحو 60 أو 70 عاما مضت لا أكثر، إلا أن وجودها ارتبط ببناء الدولة ونهضتها، وارتبط مع أولى مراحل التطور التي شهدتها».

وأشار إلى أن اهتمامه بالسيارات نشأ منذ طفولته، التي عاشها حول ومع السيارات، حيث يعد والده طاهر محمد شريف، من أوائل التجار الذين جلبوا السيارات إلى الدولة منذ بداية الخمسينات من القرن الماضي، وكانوا وكلاء لها في الدولة، مضيفاً «منذ صغري كنت أعيش مع والدي يومه في العمل وبين السيارات وتعاملاتها، وفي ذلك الوقت كان إصدار لوحات السيارات وأرقامها يصدر لدى والدي، حيث كانت تتراص لوحات الأرقام في إحدى زوايا مكتبه، بانتظار أن تسجل لسيارات، كما كان تجلب السيارات ليتم إصلاحها وصيانتها في ورشته، وكنت دائما ملازما له»، موضحا أن «في تلك الفترة لم يكن من السهل واليسير شراء سيارة، وكان الأمر مقتصرا على النخبة وأعيان المدينة».

واستطرد الحاج «ملازمتي الدائمة لوالدي حوّلت السيارات إلى شغفي وهوسي، وتعلمت منذ أن كنت في العاشرة، كيفية فتح ماكينة سيارة بالكامل وإصلاحها وإعادة تركيبها وتشغيلها»، ويحتفظ الحـاج بأربـع سيارات كلاسيكية، أحدها من نوع «مرسيدس» عام ،1958 و«فولكسفاغن» عام ،1972 و«رولز رويس» عام ،1971 إضافة إلى «لاندروفر» عام ،1952 مشيرا إلى أن الاهتمام بالسيارات في السابق كان يعتمد بالشكل الأساسي على الحاجة لها وما تقدمه من وظائف لصاحبها، حيث كانت سيارة «لاندروفر» الانجليزية من أكثر السيارات طلبا في السابق، وهي من السيارات الخفيفة، إضافة إلى سيارة «بدفورد»، و«فورد بور واغن»، وهما من السيارات الثقيلة، وتعدان من أوائل السيارات التي دخلت إلى الدولة، واستمر الاعتماد عليها فترة طويلة من الزمن.

بين الهواية والاستثمار

في المقابل بدأت هواية عضو النادي أحمد راشد الماجد، من عام واحد، بعد أن تعرف إلى أعضاء إدارة النادي، واستشعر الشغف والاهتمام الكبيرين بهذا النوع من السيارات، وبدأ اهتمامه الشخصي يتطور بها، وصار يمتلك 15 سيارة كلاسيكية من مختلف الأنواع التي تراوح فتراتها بين فترة السبعينات والثمانينات من أنواع يابانية نادرة، مشيرا إلى أن اقتناء السيارات القديمة، «يجمع بين الهواية والاستثمار، والمعرفة أيضا، حيث يتمكن المرء من التعلم والتعرف إلى ثقافة السيارات، وتاريخها ومفهومها وتصميمها ومقدرتها وإنتاجيتها، وكل ما يتعلق بها، ما يضيف أو ينتقص من قيمتها التاريخية والمادية».

وأضاف أنه «من خلال النادي، استطاع محبو السيارات، الحصول على المرجع والمظلة المناسبة لهوايتهم، خصوصاً من التسهيلات المميزة التي يقدمها النادي من تسجيل وترخيص للسيارات، إضافة إلى الصيانة والتصليح والاستشارات الفنية».

الحال ذاتها مع عضو النادي حمدان بن حمودة الكتبي، الذي يمتلك معرضاً للسيارات، وبدأ هوايته منذ شهر واحد فقط، بتشجيع من مدير النادي مبارك الجناحي، وأصبح يمتلك ثماني سيارات قديمة، عرض ثلاثاً منها خلال اللقاء.

وخلال جولة «الإمارات اليوم» في النادي والمتحف بمرافقة مديره مبارك حسن الجناحي، الذي بدا شغفه الشديد بالسيارات القديمة وتعلقه بها واضحاً، عبر شرحه لأنواعها، وتنويهه إلى صيانة هذه السيارة أو تلك، مشيرا إلى سيارة «فورد» من عام ،1921 التي كانت تبدو كما لو كانت صنعت للتو، والتي قام مهندسو وميكانيكيو النادي بصيانتها وإصلاحها بالكامل، حيث استطاع بفضل ذلك صاحب السيارة وعضو النادي عمر سعيد راشد الفوز بميداليتين ذهبيتين على السيارة في مسابقة «برج دبي كلاسيك شو».

وشرح عمر راشد ميكانيزم تشغيل ودوران سيارته، مشيرا إلى أن قيادتها تختلف عن بقية السيارات، «فدواسة البنزين على اليسار وليس اليمين، ودواسة المكابح على اليمين، بينما تعمل دواسة صغيرة بينهما على تحريك السيارة إلى الخلف، كما تتميز السيارة بمسكة أمامية دائرية لتشغيل السيارة في حال انتهاء البطارية، ومصباح يعمل على غاز الكيروسين، في حال لم تعمل المصابيح بسبب البطارية أيضا».

وأوضح مدير نادي «إكزو كلاس» للسيارات في دبي، إريك هافنر، أن «التعاون والتواصل مع نادي ومتحف الشارقة، يأتيان لتعزيز وتبادل الخبرات»، مضيفا «هذا الأمر يعيننا على تكوين شبكات اتصال كبيرة بين محبي السيارات وجمعهم في مكان واحد وتحت مظلة واحد»، مؤكدا أن خدمات نادي الشارقة مميزة، لافتا إلى أن الشارقة استطاعت أن تنال السبق بمراحل عدة في مجال السيارات القديمة والمحافظة عليها، من خلال حصول النادي على تصريح لتسجيل وترخيص السيارات القديمة فيها، الأمر الذي لم يتحقق بعد في أماكن أخرى.

وأشار إلى أن نشر الوعي بأهمية السيارات القديمة والنادرة أمر مهم، «وأنه يجب أن نأخذ على عاتقنا واجب إنقاذ السيارات القديمة التي تزيد على 25 عاماً من التلف والإعـدام، وأنا أجـد أن التواصـل والتعـرف إلى أعضـاء ومحـبي السيارات وإدارات النـوادي يعيننا على تحـقيـق هـذا الهدف.

 فريق الورشة

يعد أعضاء النادي وإدارته، قسم الورشة والصيانة، الأهم في النادي، بفريق عمله الخبير، وعلى رأسه كل من مهند رسول، وعماد محمد، وسيد مصطفى، الذي يطلق على نفسه لقب «سيد السمكري»، والذين يعملون على صيانة سيارات الأعضاء والمتحف، حيث يقومون بفك السيارات بالكامل، والعمل على إصلاح وصيانة أو إعادة تصنيع كل قطعة فيها، ليعاد تركيبها مجدداً، وبينما يضطرون أحيانا لانتظار قطع الغيار من الخارج، يعملون أحيانا على جلب الصور الحقيقية لقطع السيارات وشكل السيارة القديم الأساسي، لصنع قطع مماثلة تنقص السيارات.

  

تويتر