مصبح الكعبي: مصادفة جعلتني «الشيف الإماراتي الأول»
من دون تخطيط مسبق، اقتحم المواطن مصبح طارش الكعبي مجال الطبخ قبل نحو سبع سنوات، متحدياً ثقافة العيب التي تقلل من قيمة عمل الإماراتي في هذا المجال، مثبتاً قدرته على تحقيق التميز والنجاح في مجال جديد ـ إلى حد كبير ـ على مواطنين كثيرين، لينال بذلك لقب الشيف الإماراتي الأول، طامحا في افتتاح مطعم خاص يقدم الأكلات الإماراتية المميزة في المطبخ المحلي الذي يرى الكعبي أنه يضارع المطابخ العالمية.
وقال رئيس الطهاة في فندق كمبينسكي مول الإمارات، مصبح طارش الكعبي، «لم أتوقع في يومٍ من الأيام أنني سأمتهن الطبخ، على الرغم من أنني كنت المسؤول والمشرف على عمليات الشواء والطبخ في رحلات التخييم برفقة أصحابي، واعتدت دخول المطبخ برفقة والدتي وأختي».
وأضاف لـ«الإمارات اليوم»: «تُعد ثقافة العيب في مجتمعنا، والتي تنظر بازدراء لاقتحام الرجل لهذه المهنة وتقلل من قيمتها، عائقاً كبيراً أمام رغبة بعض الأشخاص في دخول هذا العالم، بالإضافة إلى أن عمليات الطهو خاصة بالمرأة، نظراً إلى أنها ربة المنزل التي تشرف على ذلك»، مشيراً إلى أنه من دون تخطيطٍ مسبق، زار أحد معارض التوظيف التي أقيمت في قرية المعرفة، في أثناء عملية بحثه عن وظيفة، وأضاف «اكتشفت بمحض المصادفة وجود شاغر (شيف) في مجموعة فنادق جبل علي، فوجدت نفسي أقدم عليه، ما شكل مفاجأة كبيرة للمسؤولين هناك، حيث لم يصدقوني. وليتأكدوا من جديتي في اتخاذ القرار أخضعوني لتسع مقابلات اجتزتها بنجاح».
وتابع «بعد فترة تدريب استمرت لمدة ثلاثة أشهرٍ في مجموعة فنادق جبل علي، أثبت فيها جديتي وتعلمت من خلالها فنون الطهو ومهاراته، باشرت العمل (شيف) بشكل رسمي، لأكون بذلك أول شيف إماراتي».
صعوبات
وقال الكعبي « تمثلت الصعوبات التي واجهتها في طول المدة التي أقضيها في المطبخ، وتستمر لساعات طويلة جداً، أدركت من خلالها الفرق الكبير بين مطبخي الفندق والمنزل، اللذين يختلفان عن بعضهما جملةً وتفصيلاً»، منوها بأن هذا الاختلاف لا يتمحور في التصميم والأدوات والأجهزة المستخدمة فقط، بل في أساسيات العمل التي تقوم على السرعة والدقة في الوقت نفسه، ما يحتاج إلى تدريبٍ عالٍ، لاسيما مطبخ الفندق لأنه مسؤول عن إعداد كميات كبيرة من الأطباق في فترة زمنية محددة، ولا يملك الوقت الكافي لإعادتها إذا أخطأ في المقادير، كما هو الحال في مطبخ المنزل حسب الشيف الإماراتي.
ولفت إلى أن صعوبات خارجية واجهها تمثلت في موقف أهله وأقاربه، وقال «ظللت لثلاثة أشهر خلال بداية تدريبي لم أدخل المنزل، وانقسم أهلي وأقاربي وحتى أصدقائي، بين مؤيد ومعارض، فللأسف لم يتقبل كثيرون منهم فكرة دخول مواطن هذا المجال، كأنه عيب أو حرام يتنافى مع طبيعة الرجل، إلا أنني أصررت على موقفي كعادتي، فلم أتنازل يوماً عن قرارٍ أخذته عن إيمان وقناعه».
وتابع «بعد الضجة التي أتبعت اقتحامي لهذا المجال، كوني أول شيف إماراتي، بدأت تتغير فكرة كثيرين ممن عارضوني شيئاً فشيئاً، حتى أصبحت اليوم المتذوق الرسمي للأطباق التي تعدها أخواتي، والمرجع الأساسي للوصفات والمقادير، والدليل الأول للاستفسارات والإرشادات».
ونظراً للسمعة الطيبة التي حققها مع مرور الوقت، أكد الكعبي تلقيه عروض عمل عديدة، مضيفاً «بعد عملي في مجموعة فنادق جبل علي لسنتين تقريباً، انتقلت إلى العمل في فندق جميرا بيتش، لأنتقل بعد سنتين كذلك إلى مركز دبي التجاري العالمي، ومنه بعد سنة إلى فندق كمبينسكي مول الإمارات الذي أعمل فيه اليوم رئيس الطهاة».
وقال عن الأطباق التي يعدها «نظراً لكوني أنتمي إلى منطقة ريفية في الإمارات (حتا)، أتعلق كثيراً بالأطباق التقليدية، وأحرص على التعريف بها، إلا أنني في الوقت نفسه أحرص على توسيع قائمة الأطباق الإماراتية لتواكب نظيراتها في المطابخ العالمية، وتدرج معها في القائمة نفسها، لذا أعمل على تقديم أطباق مبتكرة مستمدة من المطبخ الإماراتي».
وأضاف عن أفكاره المستمدة من المطبخ الإماراتي «أعددت صلصة بيضاء مكونة من حليب الناقة الممزوج بالجبنة، وحزت في المرة الأولى من إعدادها جائزة، شكلت حافزاً كبيراً للابتكار والعطاء المتواصل، وغالباً ما أمزج مجموعة من المقادير، لتنتج طبقاً مبتكراً». ولم تكن هذه الجائزة الأولى للكعبي، إذ خاض مسابقات ظفر فيها على الميداليات الذهبية والفضية.
وعلى الرغم من ذلك، أوضح الكعبي أنه لا يمارس الطهو في المنزل إلا في الإجازات، حيث تتكفل بهذه المهمة زوجته التي يعتبرها طاهية ماهرة، تحسن إعداد الأطباق المختلفة.
وعن إمكانية تقديمه برنامجا تلفزيونيا، مثل نظرائه من الطهاة، أفاد أنه تلقى عروضا عديدة لتقديم برنامج تلفزيوني من قنوات محلية وعربية، إلا أنه رفضها، «لأنها بكل صراحة ذات مردود مادي ضعيف، لا يقدر المهارات التي أمتلكها، ولا يعادل المجهود البدني الذي يتطلبه، وفي الوقت نفسه لا يساوي المردود المخصص لغيري من الطهاة في هذه القنوات»، مستدركاً «رفضي لا ينبع من حسد أو غرور، بل من ثقة كبيرة بالنفس، تؤمن بالمهارات والقدرات التي تمتلكها».
وأضاف «هدفي الأول والأخير إرضاء الناس، من خلال الأطباق التي أعدها ، وأسعى إلى أن يكون لها في المستقبل القريب إن شاء الله مكاناً خاصاً، حيث أطمح إلى افتتاح مطعم إماراتي يقدم الأكلات الإماراتية بطريقة مبتكرة، على غرار المطاعم العالمية»، وتابع «أتمنى من خلال عملي هذا أن أغير الصورة التي رسمت في أذهان بعضهم عن المواطن، أنه مدلل لا يسعى للأعمال التي تتطلب مجهوداً عالياً، وتكونت هذه الصورة للأسف نظراً لتقاعس فئة قليلة عن ذلك».
تمثيل
مثل الشيف الإماراتي الأول مصبح طارش الكعبي، رئيس الطهاة في فندق كمبينسكي مول الإمارات، المطبخ الإماراتي للمرة الأولى في مهرجان «مذاق دبي» منذ انطلاقته العام الماضي، وقال عن مشاركته فيه «لم أتردد ولو لوهلة في المشاركة في فعاليات مسرح الطهاة في «مذاق دبي»، ما إن عرضت علي الفكرة، لاسيما أنها أتاحت لي فرصة تمثيل بلدي للمرة الأولى في هذا الحدث الفريد، مع مجموعة ضخمة من الطهاة العالميين، من خلال تقديمي للمطبخ الإماراتي على الهواء مباشرة، الأمر الذي يعد تجربة فريدة من نوعها، سمحت لي بالتواصل مع الجمهور، من خلال شرح طريقة الإعداد، والإجابة عن الاستفسارات». وأعد الكعبي طبقاً مبتكراً من اللحم والباذنجان وصلصة الطماطم، مع صلصته البيضاء الفريدة المكونة من حليب الناقة والجبن، ونال إعجاب الجمهور الذي أثنى عليه.
|