«دبي للأزياء».. منصة خبرات ومواهب صاعدة
احتشد اليوم الثالث من أسبوع دبي للأزياء بعروض عديدة في جدول زمن ضيق، لم يحمل اسماً عربياً واحداً، وافتتح مساء أول من أمس بأسماء شابة وموهوبة استطاعت أن تجد مكاناً لها عبر فئة «المواهب الصاعدة» التي يخصصها الأسبوع للموهوبين من المصممين الشباب لعرض أعمالهم، مقدمة في هذا العام مجموعة من ست مصمّمات من أوروبا وآسيا، تفاوتت أعمالهن بين مميزة مبتكرة، وغير ناضجة بعد.
وضمت عروض اليوم الثالث، وقبل الأخير من أسبوع دبي للأزياء الذي أقيم في غودولفين أبراج الإمارات، واختتم أيامه مساء أمس، 11 عرضاً، ستة منها لـ«المواهب الصاعدة»، إضافة إلى عرضين لكل من المصمم الهندي الشاب أمبر فيروز، والمصممة الهندية تشارو باراشار، والمصمم الباكستاني أمير عدنان، وأخيراً المصمم الهندي المشارك في عرضين مختلفين سابقين خلال العروض، حسين شهريار ياسين.
وبدأت عروض المواهب الصاعدة بالمصممة الباكستانية الشابة نوشين أكثر، ويمكن وصف مجموعتها، ذات الـ12 تصميماً، بالأكثر تميزاً بين زميلاتها، كونها استطاعت أن تقدم أفكاراً بأسلوب راقٍ وهادئ، سواء من خلال الألوان التي بدأت نظامية ومكبوتة بالأبيض والأسود، مدخلة بالتدريج «باليتة» ألوانها التي تنفجر لاحقاً عبر تصاميمها الملونة، كاسرة بذلك روتين ورسمية الأنظمة التي عبرت عنها من خلال أحد الفساتين الذي صممت منطقة الصدر فيه على شكل «بار كود»، أو العلامة المرمزة السوداء بخطوط طولية تحمل رموزاً عدة تحتها والتي عادة ما توضع على المنتجات حاملة تفاصيل عن المنتج وسعره إلكترونياً، بينما توسع الفستان تموجاً بألوان زاهية قامت برسمها شخصياً، لينتهي بها الحال مستخدمة ألواناً فاقعة وزاهية من الشيفون، وحرير الشيفون، وعدد من الخامات الأخرى.
وعلى الرغم من تميز أغلب العروض، إلا أن مجموعة الهولندية نويل آدام لم تكن في المستوى المتوقع، وسواء كان الأمر سوء اختيار الخامات، أو سوء تنفيذ القصات بالطريق التي تجعلها أكثر تناسباً وأجساد العارضات وقياساتهن، إلا أن المجموعة افتقرت إلى النضج الكافي.
عباءة رومانية
وجاء العرض الثالث من «المواهب الصاعدة» مريحاً وجميلاً، بمجموعة عباءات استوحت المصممة الباكستانية هوما قمر خطوطها من الملابس الرومانية القديمة، حيث ركزت على فكرة تجمع القماش وانخراطه بين الأكمام والجذع.
واستخدمت المصممة أفكارا في التطريز والمشغولات، حيث زيّنت بعض التصاميم بفكرة الرقبة الفرعونية المستديرة، وزينت عباءات أخرى بقلائد نحاسية كبيرة، زينت فتحة العباءة شديدة الاتساع، إضافة إلى تميز زينة وتطريزات الأكمام التي تنوعت بين القابضة للرسغ بمشغولات ذهبية، وبين الراسمة لدوائر تتسع تدريجياً من الكريستال الأبيض على عباءة بقصة «الفراشة»، وإضافة زينة أخرى كالأساور الرومانية التي تزين زند المرأة.
وعلى الرغم من فترة طويلة أمضاها الجمهور لمشاهدة عروض «المواهب الصاعدة» التي أصابت بعضه بالتململ، إلا أن عرض البريطانية ديبورا سيموكس أعاد الانتباه والتأثير في الجمهور، بإضاءته الأولية الحمراء، وموسيقاه الصاخبة، وانطلاقة ممثلة بفستان أحمر حريري، تجري بتخبط على منصة العرض، لتسقط في نهايته فترة طويلة، وتبدأ المجموعة بالظهور، متميزة بخطوطها نظيفة التنفيذ، وقوالب الجذع المحددة لخطوطه بدقة، وتنانيره المسرحية المنتفخة الشبيهة بتنانير عارضات الباليه ولكن بألوان صارخة ظهر فيها الأحمر بكثرة.
ونجحت الباكستانية نجيبة باندور في تقديم مجموعة وصفتها بـ«البريطانية الخالصة»، نظراً لدراستها أربع سنوات من تصميم الأزياء في بريطانيا، استطاعت من خلالها تقديم مفهوم مختلف ومتطور للقمصان والسراويل
واستخدمت الإيرانية لادان يادولاهفاند بتكرار فكرة الشماغ في مجموعتها، وهي فكرة مكررة بكثرة في عروض السنوات السابقة، وفي الأسواق ومجموعاتها خلال المواسم السابقة، إلا أنها وفقت بتقديم قطع كثيرة ذات تنفيذ جيد، عدا عن فساتين بدت خطوط خياطتها غير مستقيمة في أماكن عدة.
أمواج فيروز
لا يمكن وصف مجموعة المصمم الهندي أمبر فيروز ذات الـ33 تصميماً سوى بالاستثنائية، وهو ما يتحدى فيه ذاته في كل موسم من أسبوع الأزياء، مقدماً مجموعة كاملة من فساتين تم تفصيلها بتقنية الـ«باياس»، أو تقنية زوايا النسيج المتناظرة بزاوية 45 درجة، والتي يعرف صعوبة تنفيذها، وندرة استخدامها بين المصممين الشباب، وهي تقنية توفر كماً كبيراً من التموجات غير المسبوقة للفساتين، ومع استخدامه لخامات مثل البوليستر المائي، شديدة الخفة والانسدال، والأورغانزا الحريرية، والشيفون، قد يبدو تحقيق تقنية الـ«باياس» في التفصيل شبه مستحيل.
وكعادته، يفضل فيروز التلاعب المغوي بين تموجات الخامات وانحناءات الجسد، بقصات تنوعت بين القصيرة من الأمام الطويلة بأذيال من الخلف، والطويلة الكاشفة عن ساق واحدة وكتف واحدة، أو من خلال تحويل أذياله إلى جوانب الفستان، بينما يستخدم فكرة السراويل المتصلة بالقمصان والمتوارية تحت طبقة من القماش المنسدل المخروط على الأرداف، أو من خلال فساتين شديدة القصر، منتفخة كالبالون قليل الهواء، بطبعات هندسية ملونة، تربط على العنق بإغواء ونعومة.
عدا عن الفساتين الطويلة والقصيرة، مترفة الخامات، فذة التنفيذ، قدم فيروز سراويل طويلة ضيقة معروفة باسم «القلم» لضيقها الكامل، وتميزت بتداخل متقن لخطوط من اللون الكريمي، ترسم السروال الأسود رسماً يحدد خطوط الساق بإغواء ويزين منطقة ربلة الساق بأزرار جانبية، بينما تزينها من الأعلى سترات قصيرة شبيهة بسترات المصارع الأسباني، ولكن أكثر هدوءاً، وهي المجموعة التي يعتبرها فيروز تجارية، وسهلة الارتداء وغير غالية مقارنة ببقية مجموعاته، وبين بأنه أخرجها «أملاً في الوصول إلى حلول يومية للمرأة، ذات الوزن الكبير، خصوصاً وأنها تنساب على الجسد، وتظهر مميزاته، وتخفي عيوبه».
في المقابل، قدمت مصممة الأزياء الهندية سلمى خان مجموعة بسيطة نهارية من الفساتين القصيرة والطويلة هادئة التأثير، باستيلية الألوان، بطبعات نباتية وزهرية، تخفف من وطأة موسم الخريف والشتاء، وما صاحبه من أزمة اقتصادية بدت مصدراً لإلهام خان التي فضلت هذا الموسم أن تعتمد الخامات والتصاميم البسيطة الجاهزة، بعيداً عن المعتاد لها من فساتين سهرة وزفاف.