بدائل السكّر.. الإفراط يفسد «طعم الحياة»

ا لمـُحليات الاصطناعية تترك اثراً خطيراً على الصحة.                     أرشيفية

اعتبر مختصون أنه على الرغم من الخدمات التي تقدمها المحليات الاصطناعية، لاسيما لمرضى السمنة والسكري وأصحاب الحميات الغذائية، بديلاً للسكر الطبيعي، إلا أنها تشكلٍ خطراً كبيراً يترك آثاراً تراكمية على الصحة، محذرين من الإفراط في تناولها بجرعات كبيرة، إذ تؤدي إلى ان يتم امتصاصها بشكلٍ سريع، وطرحها بشكلٍ بطيء، ما يستدعي سنوات للتعرف إلى أعراضها الخطرة على المدى الطويل.

وقالت اختصاصية التغذية، وفاء عايش، إن «أكثر من 6000 منتج غذائي ما بين مشروبات ومأكولات تحتوي على المحليات الاصطناعية التي هي عبارة عن مجموعة كبيرة من المواد الكيميائية الاصطناعية، تعد إضافات غذائية تعطي تأثيراً مشابهاً لطعم السكر الطبيعي على وجه التقريب، لكنها أقل محتوى من السعرات الحرارية بكثير»، مشيرة إلى أنها تختلف كيميائياً عن السكر، ولذلك فهي لا تتسبب في المشكلات التي يسببها، ومنها تكاثر البكتيريا سريعاً في الفم عند تناول المواد السكرية، مفرزةً أحماضاً تتلف طبقة المينا التي تغطي الأسنان.

وأضافت لـ«الإمارات اليوم» عن الأسباب التي أدت إلى استخدام المحليات الاصطناعية «فرض التزايد المطرد في معدلات السمنة في العالم العمل على تطوير المحليات الاصطناعية والحرص على استخدامها، إلى جانب الرغبة في التقليل من فرص الإصابة بتسوس الأسنان، واستخدامه بديلاً للسكر عند مرضى السكري، ومن ثم تولدت رغبة الكثيرين في الحفاظ على رشاقتهم، باتباع حميات غذائية تستبعد المواد السكرية التي تعمل مع الوقت على زيادة الوزن».

أنواع متعددة

وأضافت عايش «تتعدد أنواع المحليات الاصطناعية وأهم أنواعها ما يصنّف أنه (محليات عالية الدرجة من القوة)، والتي تهيأ بطريقة صناعية خاصة قبل استخدامها، كي تعطي طعماً مقارباً لطعم السكر الطبيعي أو (السكروز) كما يسمى علمياً»، لافتة إلى أنه تتوافر أربعة أنواع من المحليات الاصطناعية هي الأشهر والأوسع إنتاجاً وانتشاراً من قبل شركات المنتجات الغذائية، واستخداماً من قبل الناس وهي (سايكلامات)، و(سكرين) ذات العبوات الوردية اللون، و(أسبرتام أو كاندريل) الزرقاء، والصفراء (سكرالوز أو سبلندا)، وهو أكثر حلاوة من السكر بـ600 مرة، وأهم هذه المحليات حالياً (أسبرتام أو كاندريل)، و(سكرالوز أو سبلندا).

وأفادت بأن «كل واحدة من هذه المحليات على حدة تشكل خطراً كبيراً على صحة الإنسان فكيف إن وجدت معاً، وإجمالاً هذه المواد وما ينتج عنها من مركبات أخرى لها تأثير تراكمي خطر، لأنه يتم امتصاصها بشكلٍ سريع، وطرحها بشكلٍ بطيء، لذا فإن آثارها الجانبية لا تظهرُ فوراً، لكن تكون على المدى البعيد»، موضحة «قد تمرّ خمس أو 10 سنوات لكي تظهر الأعراض القاتلة في بعض الأحيان، وإن أكثر الناس عرضة للإصابة بأمراض كالسرطان هم الذين يتناولون هذه السلع الغذائية التي تدخل فيها المحليات أو الأقراص نفسها وبكميات كبيرة». وأردفت «فمريض السكري مثلاً الذي قد يتناول أكثر من 20 حبة يومياً، لوحظ فيه ضعف في التحكم بالأنسولين، وعدم فعالية الأدوية الخافضة للسكري الموصوفة له، كما تؤدي إلى إصابة شبكية عينه بالعمى، وإصابته بأمراض عصبية وأحياناً الإصابة بالتشنجات والشلل».

 
المُحليات الاصطناعية

 أفادت رئيسة قسم التغذية في مستشفى القاسمي لطيفة راشد بأن «استعمال المحليات الاصطناعية أقرّ من قبل الجهات الرسمية المعنية بالأغذية، كإدارة الغذاء والدواء الأميركية، واللجنة المشتركة للخبراء المنبثقة عن منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية، واللجنة العلمية للأغذية التابعة للاتحاد الأوروبي»، مشددة على أنها آمنة الاستعمال ضمن الكميات المحددة، وتدخل في استعمالات كثيرة في أنواع الكعك، والعجائن الحلوة، والتوفو، والمربيات، والجلي، والعلكة».


ونصحت بعدم تناول المحليات من قبل المرضى الذين يعانون من زيادة أو نقص في السكر، والنساء الحوامل والمرضعات والأطفال كذلك، والمرضى الذين يعانون من داء الصرع وأمراض الكبد والكلى والجهاز الهضمي، والمرضى من كبار السن الذين يعانون من ضعف في الذاكرة ولديهم حساسية تجاه مكوناته.

ومن الأمثلة على خطر بعض المحليات الاصطناعية، ذكرت أن (السايكلمات) مثلاً يعتبر أحلى 50 مرة من السكر فهو الأضعف بين المحليات الاصطناعية، ولا تسمح الولايات المتحدة باستخدامه منذ عام 1970 نظراً للدراسات التي أشارت إلى تأثيره في نشوء السرطان، (والأسبرتام أو كاندريل) الذي يعتبر أحلى 160 مرة من السكر العادي. ويشير عدد من الدراسات في الولايات المتحدة كذلك إلى أن الارتفاع في نسبة الإصابة بسرطان الدماغ مرتبطة بشكل مباشر مع بدء السماح بإنتاج وتناول الأسبرتام.

أسباب

وقالت رئيسة قسم التغذية في مستشفى القاسمي لطيفة راشد: «على الرغم من أن أهم أسباب تطوير المحليات الاصطناعية هو المساعدة على تخفيف الوزن، والوقاية من السمنة التي ينتج عنها تلقائياً الوقاية من عدد من الأمراض المقترنة والمرتبطة به، مثل مرض السكري وأمراض القلب والدورة الدموية والنقرس وكذلك السرطان، إلا أن الاستعمال المفرط لبعض هذه المحليات يؤدي إلى فتح الشهية، ما يسهم في زيادة الوزن».

ونبهت إلى أن كثيراً من الدراسات بينت أن أثر المحليات في الوزن يتباين حسب البرنامج الغذائي الموافق لاستعمالها، ونظرة وهدف الشخص المستخدم لها، فبعض الناس يتناولون المحليات ليتمكنوا من تناول كمية أكبر من الغذاء، مشيرة إلى أن بدائل السكر تفيد في ضبط الوزن، وتقلل من متناول الطاقة، إذا ما تمت مراعاة تناول وجبات متوازنة.

ورأت لطيفة راشد أن أفضل أسلوب لاستعمال المحليات في وجبات مريض السكري، هو استعمال خلطات منها بدلاً من استعمالها كلاً على انفراد، وأن يكون استعمال أي مادة بديلة للسكر ضمن التحذيرات والجرعات المقررة، وأن يتم إرشاد المرضى حول كيفية استعمالها.

وعن مخاطر بعض المحليات والبدائل أشارت إلى أن «السكرين» الذي استعمل منذ ما يزيد على 100 عام في عدد من الدول، وفي الولايات المتحدة يستخدمه حالياً أكثر من 50 مليون شخص في المشروبات الخفيفة أو كأقراص محلية مع الوجبات، بينت بعض التجارب في عام 1977 أنه يزيد من خطر الإصابة بسرطان المثانة في الجرذان، فحظر استعماله من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية.

وأكملت «في عام 1991 ألغي حظره مع بقاء جملة تحذيرية تنص على أن (استعمال هذا المنتج قد يضر بالصحة، إذ إنه يحتوي على مادة تبين أنها مسرطنة)، والسبب في إلغاء حظره أن المشاهدات في الإنسان، والتي شملت 9000 حالة، أثبتت سلامته وعدم زيادته لخطر الإصابة بالسرطان إلا في المدخنين المسرفين في التدخين، كما أثبت دراسات أخرى على الإنسان شملت 5000 حالة، أنه لا علاقة بين السكرين والسرطان».
تويتر