العملات القديمة.. حكايا عن «أم صلعة» و«الشايــب»

يعقوب يوسف: الهواة يحتاجون إلى التخصص في عملية الجمع. تصوير: عمران خالد

لم يقتصر الشغف الكبير لدى الإماراتي يعقوب يوسف بجمع العملات الورقية والمعدنية والطوابع البريدية، عند مجرد إنشاء أول منتدى خاص بها في الدولة والخليج، تحت عنوان «منتدى الإمارات للعملات والطوابع»، بل عبر مرحلة الهواية إلى التخصص والتعمق، عبر إعداده بحثاً خاصاً عن العملات التي تم تداولها في الإمارات من عام 1600 إلى عام ،1973 والذي اشتمل على ذكريات وحكايا من الزمن الجميل، وسياحة زمنية ترتبط بعملات عتيقة تداولها الإماراتيون قديماً، وأطلقوا عليها أسماء طريفة، فعملة الملكة فكتوريا صارت روبية «أم البنت»، بينما العملة التي حملت صورة الملك والإمبراطور إدوارد السابع الذي كان أصلع أطلق عليها العامة «أم صلعه»، في حين صارت لديهم روبيات الملك جورج الخامس الذي كان أشيب الرأس روبيات «الشايب».

وقال يوسف لـ «الإمارات اليوم» عن بدايات تعلقه بالعملات «منذ 10 سنوات، تحديداً في عام ،1999 لعبت المصادفة دوراً كبيراً في ولادة هوايتي المتمثلة في جمع العملات والطوابع البريدية، في أثناء زيارتي لسوق (العرصة) التراثي في الشارقة، والتي تعد من أقدم الأسواق في الدولة، وتضم مجموعة متنوعة من المقتنيات القديمة والنادرة، ولفتني فيها العملات القديمة الخاصة بالدولة». وأضاف «أعجبت بالعملات التي وجدتها، وقررت اقتناء أول فئة لأول إصدار في الإمارات لعام ،1973 وهي فئة الدرهم، والتي كانت عملة ورقية، وذهبت بها إلى والديّ اللذين ما أن وقعت عيناهما عليها، حتى أخذا يسترجعان ذكريات الماضي، وتحديداً تاريخ العملات فيها».

 مسكوكات أموية


على الرغم من تخصص المواطن يعقوب يوسف، في جمع كل ما يتعلق بدولة الإمارات من عملات، وطوابع بريدية، وعملات تذكارية، وأظرف رسائل قديمة، وبطاقات الهواتف، فإنه حرص على أن يقتني مجموعة من المسكوكات الإسلامية، موضحاً أنه يمتلك مجموعة خاصة تتكون من 2000 قطعة من المسكوكات الإسلامية القديمة، التي تعود لعصورٍ مختلفة كالعصر الأموي، والعباسي، والفاطمي، والمماليك، إلى جانب مجموعة من الدراهم الساسانية المعربة، مشيراً إلى أن أول قطعة امتلكها في هذه المجموعة مسكوكة من الفضة تعود إلى عهد الوليد بن عبدالملك، وضربت في دمشق في عام 91 هـ.


مرحلة انتقال
وانطلق يوسف عبر تلك الزيارة وحكايات الوالدين عن قصص العملات التي وجدها إلى عالم العملات القديمة، موضحاً أنه قرر أن يقتني الفئات الأخرى القديمة، فذهب لجمع فئة الخمسة والـ10 والـ50 درهماً، ليمتلك بذلك مجموعة إصدارات دولة الإمارات كاملة لعام ،1973 وقال «أصبحت أمتلك حالياً 35 مجموعة لإصدارات الإمارات منذ 1973 حتى يومنا، باستثناء فئة الـ1000 التي أمتلك منها 10 مجموعات، ومن ثم جمعت الإصدارات الأولى لدول الخليج كذلك، ومن ثم بدأت في عملية جمع الطوابع البريدية التي تُعنى بدولة الإمارات والخليج كذلك، إلا أنني متخصص الآن في جمع العملات والطوابع البريدية الخاصة بدولة الإمارات فقط».

وشدد يوسف على حاجة كل هاوٍ ومحترف إلى التخصص في عملية الجمع، «حتى لا يشعر بالتشتت والضياع وتغيب هويته». وقال عن انتقاله من مجرد هاوٍ إلى باحث في تاريخ العملات القديمة «لرغبتي في التعرف إلى تاريخ العملات التي استخدمها سكان الإمارات قديماً، ارتأيت إعداد بحثٍ خاص عنها، بالتعاون مع عضو الجمعية الملكية البريطانية للمسكوكات في لندن، ومدير بيت الشيخ سعيد سابقاً، اكتشفت من خلاله مجموعة متنوعة من العملات، تم استخدامها في الإمارات قبل قيام الاتحاد». مشيراً إلى أن منها ما يشبه صنارة الصيد المعروفة بالأرين أو (الملوية)، وطويلة الحسا التي تشبه ملقاط الشعر، اقتصر تداولها على الموانئ فقط، كعملة بحرية تجارية، و(التلر) النمساوي المعروف بـ(ريال ماريا تريزا) وأطلق عليه العامة (الريال الفرنسي)، إلى جانب العملات الصفوية والقاجارية الإيرانية التي استخدمت كفئاتٍ له.

واستطرد «استخدم الإماراتيون أيضاً الروبيات الهندية وفئاتها، والتي اعتمدت كعملة رسمية للإمارات والخليج في عام ،1830 وروبيات الملكة فكتوريا التي استخدمت بين عامي 1837 و1901». وأفاد أنه في عهد الملك جورج استخدمت أول عملة ورقية في الإمارات وفي الخليج، وامتنع الناس في بادئ الأمر عنها، لتعودهم على استخدام العملات المعدنية، خصوصاً النقدية منها، ومن ثم تقبلوا استخدام الاثنتين معا.



وقال يوسف «في ،1936 تم استخدام روبيات الملك جورج السادس، وكان شاباً وأطلق العامة عليها (روبية أم الولد)، وتم تداولها حتى استقلال الهند عن الحكم البريطاني. وفي 1950 تم استخدام العملات الهندية الجديدة في الخليج». لافتا إلى أنه نظراً لطبيعة العلاقة التي تربطهم، وافقت الحكومة الهندية الجديدة على استخدام عملاتها الجديدة في الإمارات والخليج بشكلٍ عام حتى ،1950 وكانت تحمل شعار الهند الجديدة، وهي الأسود الثلاثة. ولجهل العامة بالشعار الجديد، أطلق عليها روبيات (أم صنم)، وظل النقد الموحد بين الهند ودول الخليج حتى .1959

روبيات خليجية
ونجح المنتدى الإلكتروني للشاب الإماراتي يعقوب يوسف في جمع هواة ومحترفين في جمع العملات والطوابع من مختلف الدول العربية والخليجية، وقال «في ،1959 أصدرت الحكومة الهندية عملات ورقية خاصة بالخليج، عرفت بروبيات الخليج، وظل هذا الإصدار الخليجي يتداول حتى ،1966 وفيه قررت الحكومة الهندية تخفيض قيمة الروبيات الخليجية، ما انعكس سلباً على التجار في الخليج، لذا قرروا الاستغناء عن الروبيات الهندية الخليجية». وأضاف « في ،1966 قررت قطر ودبي وبقية الإمارات الشمالية استخدام العملات السعودية والنقد المدني البحريني، بينما قررت أبوظبي استخدام الدينار البحريني بشقيه الورقي والمعدني إلى حين إصدار عملة موحدة».


وأكمل «في العام نفسه، صدرت وحدة نقدية اقتصادية، ضمت حكومتي قطر ودبي، بإصدار عملات تحمل اسم قطر ودبي، واستخدم النقد الجديد في قطر ودبي وبقية الإمارات الشمالية بينما احتفظت إمارة أبوظبي بالدينار البحريني، وظلت تستخدمه حتى 1973». لافتا إلى أنه في 1973 بعد قيام الاتحاد، كان لابد من إصدار مجلس النقد عملة موحدة تضم الإمارات السبع، وظلت تتداول حتى 1982 الذي تم فيه إصدار عملات جديدة، حيث تم تغيير أشكالها بالكامل من مصرف الإمارات المركزي.

تويتر