«ثقافة بلا حدود».. 2.1 مليون كتاب لـ42 ألف أسرة

150 مليون درهم موازنة المبادرة. تصوير: شاندرا بالان

تسعى مبادرة (ثقافة بلا حدود) الإماراتية، التي تم اعتمادها أخيراً من قبل منظمة اليونسكو، إلى نشر الوعي بأهمية القراءة والثقافة العامة بين أفراد المجتمع على اختلاف أعمارهم، وتعزيز دورها في عملية النمو الفكري لدى الأطفال، وذلك من خلال العمل على توزيع مكتبة مزودة بمجموعة قيمة ومختارة من (50) كتاباً باللغة العربية في مختلف المجالات على (42) ألف أسرة مواطنة في مختلف مناطق إمارة الشارقة، استفادت منها حتى الآن 149 أسرة، بعد أن أطلقها الدكتور الشيخ سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في أعقاب معرض الكتاب في العام الماضي، برعاية كريمته الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي نائبة رئيسة مجلس إدارة نادي سيدات الشارقة، ورئيسة اللجنة المنظمة للمبادرة.

وفي حوارٍ مع (الإمارات اليوم) قال نائب رئيس اللجنة المنظمة للمبادرة مروان السركال عن استراتيجية عملها، «تعمل مبادرة (ثقافة بلا حدود) التي خصصت لها موازنة قدرها 150 مليون درهم، منذ انطلاقها وفق استراتيجية مدروسة، تسعى إلى تحقيق أهدافها المتمثلة في تعميق المعرفة العامة لدى جميع أفراد المجتمع، ونشر الوعي بين صفوفهم على اختلاف أعمارهم بأهمية القراءة، وتعزيز دورها في عملية النمو الفكري لدى الأطفال». وأوضح السركال « عملت المبادرة من خلال لجانها المتخصصة على إعداد دراسة شاملة لتحديد عدد الأسر المواطنة المستهدفة في إمارة الشارقة، وذلك لتأمين العدد المخصص لها من الكتب، وقد بلغ عددها 42 ألف أسرة»، وتابع «إلى جانب إعداد دراسة لعدد أفراد كل أسرة وفئاتهم العمرية ومستوياتهم الأكاديمية والثقافية كذلك، لاختيار نوع الكتب المناسبة لهم»، وأضاف السركال «كما قامت اللجان المتخصصة بدراسة كافة المناطق في إمارة الشارقة، من حيث توافر المكتبات والمؤسسات الثقافية فيها، وذلك لتحديد الأولوية في عملية التوزيع»، وعلق «ولهذا كانت نقطة انطلاق المبادرة قرية شيص، وقرية نحوه، ووادي الحلو، والتي استفادت فيها 149 أسرة». 

اليونسكو و«ثقافة بلا حدود»

حضر مجموعة من المسؤولين في مبادرة «ثقافة بلا حدود» أخيراً، اجتماعاً في مقر منظمة اليونسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة)، في باريس، تم خلاله عرض المبادرة، وتم عرض فيلم توضيحي خاص بها، والتطرق لأهمية حضور المبادرة في معارض الكتب العالمية، حيث تعد نموذجاً للمقاربة التي يمكن للمؤسسات الثقافية الأخرى تنفيذها. ورحب ممثلو اليونسكو بهذه المبادرة، وتأثيرها الإيجابي في بناء الإنسان، والذي يتماشى مع أهداف اليونسكو، كما أثنت على شموليتها، وأبدت رغبتها في ترجمة التقرير المرفق بها لعدة لغات حية وتعميمها، كما طرحت فكرة تنظيم ورشة عمل حول مشروع «ثقافة بلا حدود» للدول التي بدأت بمشروعات متشابهة تقريباً والوقوف على التحديات وسبل تطويره.

كتب منتقاة

وعن عملية اختيار الكتب، قال السركال «تتم عملية اختيار كتب (ثقافة بلا حدود) بناءً على دراسة محكمة تقوم بها لجنة متخصصة في المبادرة مكونة من ثمانية أشخاص من أهل الاختصاص، لعدد أفراد كل أسرة مستهدفة وفئاتهم العمرية، ومستوياتهم الأكاديمية والثقافية»، وأكمل «ليتم على ضوئها اختيار نوع الكتب التي يتم تزويد مكتبات الأسر المستهدفة بها، والتي تنتمي إلى مجالات مختلفة، ويبلغ عددها الإجمالي (50) كتاباً باللغة العربية في مختلف المجالات، لكل أسرة مهما بلغ عدد أفرادها، كما تحتوي المكتبة على بعض الكتب العالمية ذات الصيت الواسع التي تمت ترجمتها للغة العربية»، ومن هذه الكتب «(فصول من السيرة النبوية)، و(تفسير ابن كثير) و(تفسير منهجي للقرآن)، وفي الأدب (الشوقيات)، ورواية (أحدب نوتردام)، وفي ما يخص الأطفال (أطلس الأولاد)، و(معجم مصور)، وقصة (بدر الليل)»، ونوه السركال «تحرص اللجنة المخصصة لاختيار كتب المبادرة على قراءتها، للتأكد من مضمونها الذي يجب ألا يتنافى مع قيم ومبادئ ديننا الحنيف ومجتمعنا المحافظ».

وأكد نائب رئيس اللجنة المنظمة - مروان السركال الدور الذي تلعبه المبادرة في تشجيع الناشر العربي، قائلاً «هناك تعاون كبير بين مبادرة (ثقافة بلا حدود) وجمعية الناشرين الإماراتيين، التي تمثل حلقة وصل بين المبادرة ودور النشر التي تقوم بتزويد مكتبات (ثقافة بلا حدود) بمجموعة قيمة من الكتب في مختلف المجالات».

مظاهر احتفالية

وذكر المنسق العام للمبادرة راشد الكوس «ترافق عملية توزيع المكتبات على الأسر، مظاهر احتفالية كبيرة أشبه بالمهرجانات الثقافية، تقوم بتنظيمها لجنة الفعاليات التابعة للمبادرة، بالتعاون مع المدارس والمؤسسات المختلفة، تشمل فقرات منوعة يشارك فيها أهالي المنطقة المستهدفة، مثل تنظيم الشعر، وتأدية مشاهد تمثيلية ورقصات شعبية»، وعلق «باستثناء فصل الصيف، حيث ترتفع درجة حرارة الجو التي تحد من تنظيم الفعاليات، إلى جانب عطلة المدارس الصيفية».

ونوه الكوس «تحرص مبادرة (ثقافة بلا حدود)، على أن يشارك أحد أفراد الأسرة الحاكمة في مظاهر الاحتفال، ففي قرية «شيص» التي مثلت انطلاق المبادرة شارك الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي ولي عهد الشارقة، وفي المرحلة الثانية في قرية «نحوه» شارك الشيخ سعيد بن صقر القاسمي نائب رئيس الديوان الأميري بخورفكان». وأكد الكوس «لا نكتفي بعملية توزيع المكتبات وما يرافقها من فعاليات، بل نعمد على متابعة الأسر لتقويم مدى استفادتهم من الكتب، عن طريق لجنة اختيار الكتب، والتعرف إلى آرائهم فيها».

تحديات

وعن التحديات التي واجهت فريق عمل مبادرة (ثقافة بلا حدود) قال الكوس «تمثلت التحديات التي واجهتنا في تصميم المكتبة التي لابد وأن تتسع لـ50 كتاباً، والتي ارتأينا أن تكون ذات طابع مميز يختلف عن المكتبات المألوفة، وفي نفس الوقت تكون ملائمة لغرفة المعيشة التي يوجد فيها جميع أفراد الأسرة معظم الأوقات، من هنا تم تصميمها بشكلٍ يتماشى معها، حتى غدت طاولة ومكتبة في الوقت نفسه»، . وأضاف الكوس أن«الدعم المباشر الذي تشهده المبادرة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، ومختلف الدوائر والمؤسسات في إمارة الشارقة، ساعدنا على تخطي التحديات بسهولة».

فعاليات وأنشطة

وعن الفعاليات المصاحبة لمبادرة (ثقافة بلا حدود)، قال الكوس «تعمل المبادرة على تنظيم مجموعة منوعة من الفعاليات التي تضم مجموعة من الندوات والأنشطة الكثيرة، التي تناسب جميع أفراد المجتمع على اختلاف أعمارهم، مثل القراءات الشعرية، وعروض لمسرح الدمى، والمسرحيات الهادفة، وحملات للتبرع بالكتب، إلى جانب تلك التي من شأنها أن تشجع على القراءة، لاسيما للأطفال»، ومنها كما ذكر «استضافة شخصيات بارزة في المجتمع لتقديم قراءات للكتب، وقد قمنا باستضافة المذيعة الشابة عزة زعرور من قناة (إم بي سي 3) للأطفال، التي قامت بقراءة قصة للأطفال في مدرسة «فيكتوريا» الدولية في الشارقة، وبطل سباقات الرالي الإماراتي محمد بن سليم الذي قام كذلك بقراءة قصة للأطفال».

ونوه الكوس إلى أنه «في المرحلة المقبلة ستقوم مجموعة من الأندية ومراكز الأطفال في مناطق الشارقة كافة، بتنظيم برامج مختلفة تشجع الأطفال على القراءة كذلك».

خطط مستقبلية

وعن الخطط المستقبلية التي تسعى المبادرة إلى تحقيقها، ذكر المنسق العام للمبادرة راشد الكوس «هناك تصورات عدة تعمل مبادرة (ثقافة بلا حدود) على تحقيقها، ومنها تنظيم ورش عمل للتعريف بها في الدول الخليجية والعربية على حدٍ سواء، حيث تعد نموذجاً للمقاربة التي يمكن للمؤسسات الثقافية الأخرى تنفيذها»، وعلق الكوس « قمنا بمشاركات دولية تمثلت في المشاركة أخيراً في معرض طوكيو للكتاب في اليابان، والتي تعتبر أول مشاركة آسيوية لنا، إلى جانب مشاركات أوروبية تمثلت أولاها في معرض الكتاب في لندن بحضور صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وتلتها مشاركة في معرض نيويورك للكتاب».

وتابع الكوس «كما تسعى المبادرة إلى إجراء بعض التغييرات على خريطة توزيع الكتب، والعمل على تنفيذ برنامج خاص بتبادل الكتب بين الأسر المستهدفة، في محاولة لتحقيق أكبر استفادة ممكنة، بالتعاون مع مراكز التنمية الأسرية في الشارقة، إلى جانب القيام باستطلاع آراء الناس حول الكتب التي يرغبون في اقتنائها من خلال موقع المبادرة الإلكتروني الذي سيشهد بعض التغييرات»، وختم الكوس حديثه بالقول «نأمل أن تعمم مبادرة (ثقافة بلا حدود) على مختلف إمارات الدولة، لنشر الوعي بأهمية القراءة والثقافة العامة بين جميع أفرادها على اختلاف أعمارهم».

تويتر