خريف وشتاء رامي العلي.. طواويــس مدللة
بالتماعة غضة لحيوية التركواز المتدرجة وغموض البني والزيتي الواصل إلى الأزرق الصارخ، تمايلت ابتكارات المصمم السوري رامي العلي الأخيرة لشتاء وخريف 2009-2010 لملابس السهرة والزفاف، والتي اتخذت من دلال وثقة الطاووس فكرتها الأساسية، ومن سحر ألوانه ورسومه ودرجات ألوانه أفكارا لقصات وتحويلها إلى مجموعة شديدة الابتكار والاختلاف، على الرغم من قدم فكرة الطاووس وتكرارها.
|
بمجموعة من 37 تصميماً، عرضت الشهر الماضي في العاصمة الإيطالية روما خلال الحدث الموسمي «ألتا مودا»، نجح العلي بفرض بصمته المميزة على تصاميم أثبتت قدرته العالية على التنفيذ والابتكار، والتجديد، مبتعداً بحذر عن التكرار الممل لاستخدام ريش الطاووس في حد ذاته في التصاميم، ومفضلاً اتخاذ فكرة الريشة وشكلها، وانحناءات الطاووس ووقفته إلهاماً له، مكبراً بذلك صورة الريشة بأضعاف، ومتخذاً ذلك طبعة لخامات متمايلة، أو محولاً خامات شيفونية خفيفة إلى لوحات تتزين حواشيها بطبعة الريش، ومحولاً الخامات المختلفة إلى شكل الريشة المميز، سواء عبر طيات متعددة متناهية في الدقة المتعددة، أو عبر طي الخامات باستقامة الريشة المتمايلة في مجموعات متراصة، كما استلهم من وقفة الطاووس الواثقة شكلاً آخر، مقدماً بذلك مجموعة نجحت بذكاء من اتخاذ فكرة موحدة تجمع بين ابتكارات المجموعة، إلا أنها تنوعت بشدة وإتقان شديدين، يتناسبان وأذواق واحتياجات غالبية النساء.
طاووس خريفي
درجات ألوان الطاووس الداكنة المناسبة للخريف والشتاء، كانت الرئيسة في المجموعة، بين الأزرق، والتركواز، والأخضر، والأزرق النيلي، والزيتي، والبني، وتدرجاتها المتفاوتة بين الداكن والفاتح، الصارخ والشاحب، المتلألئ وجليدي الوهج، كما فضل العلي، أن يقدم عدداً من ألوان أخرى، لم تخرج المجموعة من تمازجها واتزانها، مستخدماً الأزرق السماوي، والسماوي المغبر، والأسود، ودرجات البيج والعاجي، إضافة إلى درجات اللون الخمري، التي تفاوتت بين الداكن الغني بلمعان لؤلؤي، وبين المائل إلى اللون البنفسجي الغني، إضافة لاستخدامه للبنفسجي الداكن الغني، وعدد من الدرجات المعدنية من ذهبي، وفضي، منطفئ الالتماعة.
أضاف العلي إلى مجموعة خاماته السادة ذات الألوان المتعددة، مجموعة من الخامات الملونة المطبعة، التي تفاوتت ألوانها هي الأخرى، إلا أنها لم تخرج من فكرة طبعات ريش الطاووس، التي اتخذت من ألوانها الواقعية الكثير، إضافة إلى ألوان أخرى، حيث تزينت خامات عديدة بطبعات ورسوم وتموجات من تدرجات ريش الطاووس، وتزينت بحاشية من طبعات الريش، بينما تزينت خامات أخرى بتدرجات ألوان الريشة من دون إدخال لشكلها، وهي الفكرة التي تكررت مع تنوع طبيعة الطبعات، بين المتموجة بالتدرجات، أو المخضبة بها بين جزء وآخر، وبين المزينة لخطوط هندسية ترتفع وتنحدر، إضافة إلى تقديمه لفستان يمكن اعتباره أحد أجمل الفساتين المقدمة خلال هذا الموسم بين مصممي الأزياء، والتي استخدم فيها قاش الترتر اللماع، والذي تدرج بألوان الريشة ولكن بدرجة صارخة، بدا فيها الفستان كما لو كان ريشة واحدة مكبرة تحت مجهر مئات المرات، ما أعطى المجموعة فخامة شديدة وابتكاراً متناهياً.
لم يعتمد العلي على خامة واحدة، على الرغم من ميله لاستخدام الشيفون في هذه المجموعة، وتفضيله لها لطواعيتها الشديدة، فإن المجموعة ضمت أيضاً عدداً كبيراً من الفساتين التي استخدم في تنفيذها الساتان، وقماش الدوشيه ذو اللمعة والسطح اللؤلؤي اللمعة، إضافة إلى قماش التافتا، والتور، والدانتيل، وقد تم صناعة تنفيذ جميع الخامات التي استخدمت في المجموعة خصوصاً للمصمم.
اعتماد العلي على الطاووس فكرة لمجموعته، لم يكن من خلال الألوان والرسوم فقط، بل مالت إلى تجسيد شخصية الطاووس الفاتنة، الجذابة، بقدر كبير من الكبرياء والغرور أيضاً، مقدماً ذلك من خلال التركيز على إعطاء التصاميم حقها في القليل من البهرجة والتطعيم بكريستال شواروفسكي المتناثر والمنتشر بأشكال تجمعية متدرجة الألوان أشبه بالريش أيضاً، كما استطاع من خلال عدد من الفساتين فيكتورية القصات، ذات جذع ضيق وأذيال منتفخة ابتداء من نهاية الظهر وحتى أذيال الفستان بانتفاخات مميزة، أن يعزز من دلال وقفة المرأة الواثقة المتقدمة بجسدها إلى الأمام، والمنتفخة بطيات عديدة من الخلف.
قصير وحيد
وقد شملت المجموعة أنواعاً مختلفة من فساتين السهرة الطويلة، التي غلبت على المجموعة كاملة، فيما عدا فستان وحيد، بدأ العرض به، والذي كان شديد القصر، من قماش حرير الشيفون المطبع بألوان ريش الطاووس والمزين به، كما شغلت رقبة الفستان العالية بالكريستال بالكامل كما لو كانت قلادة خانقة، وبالطريقة ذاتها شغلت نهاية الفستان الضيقة على الأرداف، بينما تمايلت بقية الابتكارات واحدة تلو الأخرى تتفاوت في قصاتها التي اجتمعت على الطول، بينما كان منها الواسع تماماً والقريب بفكرته من القفطان، أو ذو قصة الحورية، أو ذو الفتحات العالية الكاشفة عن الساق، إضافة إلى فساتين ذات جذع واسع وتنورة واسعة تتزين بقلائد على الوسط والظهر، أو أخرى أشبه بالفساتين الرومانية القديمة.
أكثر ما ميز تصاميم العلي في مجموعته الأخيرة، هو التنويع الشديد في ابتكارات الصدر ومنطقة الجذع، التي تفاوتت بين الواسعة والضيقة، المنسدلة السادة، والمشغولة على الخصر، وبين المتخذة من الصدر مكاناً لفرض فكرة الانتفاخات الأشبه بالريش، أو لخرطها بدقة وكثافة متناهية مع التفافات وعقد بسيطة تجعل عدم الانجذاب للتصاميم أمراً صعباً جداً، وسواء باستخدامه للكورسيه، أو تمايل الشيفون وحريته، أو التلاعب بين ضيق واتساع، نجح العلي في الخروج بمجموعة جديرة بالاهتمام.
24 قيراطاً
قدم العلي في نهاية عرضه عروساً من الذهب الخالص، والتي صنع قماش فستانها من ذهب 24 قيراطاً، وهي من قماش التور الذي قامت شركة سويسرية بتطويره خصوصاً للمجموعة، حيث حرص المصمم على عدم المبالغة في تصميم هذا الفستان الذي اكتفى ببذخه الشديد، بينما ظهر ابتكار الفستان من خلال طرحته التي لم تغطي وجه العارضة من الخلف إلى الأمام كما هو معتاد، بل خرجت من صدر العارضة مغطية وجهها ومثبتة على رأسها بطريقة مبتكرة .
إضافة إلى ذلك قدم العلي فستان زفاف آخر من اللون العاجي الغني، والذي تميز بشدة بطياته العديدة الأشبه بالريش المتمايل المتراص أشبه بمهفة تميل على الصدر وتنسدل على التنورة تزينها كريستالات عديدة، بينما فضل تزيين رأس العروس بمنديل أبيض، أشبه بزينة حفلات السهرة في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي.