التقنيات الحديثة قربت المسافات بين المغترب ووطنه. تصوير: جوزيف كابيلان

«الإنترنت».. شرفة المغتربين للإطـــــــلالة على الأوطان

على الرغم من أن حياة المقيمين في الإمارات، لاسيما العرب، لا تختلف كثيراً عن الحياة التي يعيشونها في بلدانهم، بسبب التشابه في الثقافة والعادات والتقاليد الاجتماعية، فإن الشعور بالغربة والحاجة إلى التواصل مع الأهل والوطن الأم أمران يتشارك فيهما الجميع. لذا، تكون الاتصالات الهاتفية الطريقة الأولى التي يلجأ إليها المقيمون، فيما سهّلت الانترنت هذا التواصل وعززته، سواء بالأحاديث عبر الكاميرا، أو من خلال متابعة الصحف المحلية في بلدانهم، حيث تحولت الشبكة العنكبوتية إلى شرفات ونوافذ يطل منها معظم المغتربين على أوطانهم.

وعلى الرغم من تفاوت آراء مقيمين استطلعت «الإمارات اليوم» آراءهم في كيفية تواصلهم من بلدانهم، فإن غالبيتهم اتفقت على أهمية الانترنت في ذلك، بينما يكتفي بعضهم بالاتصالات السريعة، للاطمئنان على الأهل بسبب ارتفاع تكلفة الاتصالات، وآخرون يتابعون أخبار بلدانهم من خلال الصحف المحلية في الإمارات، ولا يتابعون صحف ونشرات أخبار بلدانهم إلا حين سماعهم أخباراً تستوقفهم.

وقال السوري براء حسن إن «التواصل مع الأهل يكون عن طريق التلفون والانترنت على الأغلب، ولكن، تقتصر هذه المكالمات على الأمور الأساسية والاطمئنان على أفراد الأسرة»، موضحا أنه في أحيان كثيرة لا يخبره أهله بأمور كثيرة يرونها غير مهمة أو أنهم فعلا ينسونها، وبالتالي، يجد المسافر نفسه في أثناء زيارته أنه لا مكان له في بلده، فيشعر بأنه أصبح بعيداً عن البلد وهمومه.

ولفت حسن الذي استقر في بلده فترات وسافر إلى أكثر من بلد إلى أنه يتواصل مع أهله عبر الهاتف كل يومين، فيما عبر الإنترنت على نحو يومي تقريباً، مشيرا إلى أنه حين يكون خارج سورية يقرأ ويتابع أخبارها أكثر بكثير من الوقت الذي يكون موجوداً فيها، وذلك بفعل الشعور بالغربة، إذ يكون أي خبر عن البلد مهماً جداً للمغترب.

بلد عربي

وذكر المغربي عبدالرزاق الورديغي أن المكالمات الهاتفية هي الوسيلة الأساسية للتحدث مع الأهل، أن تواصل الرجل مع أهله يختلف عن تواصل المرأة مع أهلها، فدائماً الرجل يتواصل مع أهله بصفة أقل، مستدركاً أن قلة تواصل الرجل مع أهله لا تعني قلة في الحنان أو التعلق بالأهل، ولكن هذه طبيعة البشر، كما أن مشاغل الحياة والمسؤوليات تأخذ الرجل من أهله أكثر من المرأة.

وأشار الورديغي إلى أنه يكلم أهله مرتين في الأسبوع، ولكن تقتصر المكالمات على الأمور الأساسية والمهمة كونها على الأغلب تكون مكالمات سريعة، ولا يشعر بأنه غريب عن البلد، فهو لا يتابع أخبار بلده السياسية ولا الصحف، لأنه يرى أن الحياة في بلد عربي لا تشعره كثيرا بالغربة، وبالتالي، لا يهتم بمتابعة ما يدور في بلده، إلا إذا كانت هناك أحداث تستوقفه لشدة أهميتها. ولفت إلى أنه كان يتابع أخبار بلده أكثر حينما كان يعيش في أوروبا، لأن الحياة هناك تشعره بالحاجة إلى التواصل مع الأهل والبلد أكثر.

ويتواصل إسلام قويدر، الأردني الذي يعيش في الإمارات بعيدا عن زوجته وأولاده، مع العائلة أسبوعياً عبر الهاتف ويوميا عبر الانترنت . ويشير إلى أنه حين يزور الأردن يشعر بتطور وتغير كبيرين، وكأنه تركه لسنوات كثيرة مع أنه يزوره بشكل سنوي، مشددا على أهمية التواصل عبر الإنترنت «فمن ناحية، يخفف تكلفة الاتصالات، ومن ناحية أخرى، يسهم في أن يرى المرء أولاده وعائلته». ورأى أن التلفزيون والإنترنت لا يدعان المرء يتجه إلى صحف بلده ليستعلم عما يدور فيه، لافتا إلى أن الأصدقاء الموجودين في الإمارات غالبا ما يكونون المصدر للتعرف إلى الأخبار.

ظروف سياسية

وقالت اللبنانية رانية توما «أشعر بأن السفر والحياة خارج بلدنا تجعلنا بقصد أو من دون قصد بعيدين، وإن التواصل حتى وإن كان يوميا يبقى وقعه مختلفا»، وأضافت «بحكم الظروف الصعبة التي مر بها بلدي في أوقات كثيرة، لاسيما خلال حرب تموز (يوليو) الأخيرة، أشعر بحالة قلق يومي، فأخاف من جميع التقلبات والأمور السياسية».

لذا، تحاول توما قدر الإمكان أن تبقى على اطلاع عما يدور في بلدها، فتتابع النشرة المحلية اللبنانية يوميا عبر التلفزيون، مؤكدة أن التواصل مع البلد لا يكون فقط بالاتصال بالأهل والتعرف إلى الأخبار من خلالهم، أو من خلال متابعة الصحف والنشرات، بل أيضا من المواظبة على عيش أسلوب الحياة نفسه، وممارسة العادات الاجتماعية التي تربينا عليها.

وتحكم الظروف الحياتية تواصل المصري سامي خفاجي مع عائلته، فمن الممكن أن يتصل بهم مرتين أو أكثر في الأسبوع، وهو يعتمد على الهاتف أكثر للتواصل مع عائلته، كما أنه قلما يتابع نشرات أخبار بلده، لأنه لا يشعر أبداً بأنه كان بعيداً.

ويتفق الأردني أمجد عبدالكريم مع خفاجي لجهة الظروف التي تحكم تواصله مع بلده، ويقول «أتواصل مع أهلي عبر الانترنت، وكذلك عبر الهاتف، ولكن هذه الاتصالات تحكمها ظروف العمل، علماً بأني احرص على إلا أتأخر عن الاتصال بهم مرة»، موضحا أن ظروف الحياة والعمل تأخذ المرء، فقد لا يهتم أحيانا إلى أخبار كثيرة يسمعها، كما أن تكلفة الاتصالات تجعل المرء يختصر في الحديث معهم».

 تكلفة عالية

اعتبر العراقي فادي ستيفان أن أهل بلده المغتربين خصوصاً تواجههم مشكلة في طريقة تواصلهم مع أفراد عائلاتهم في العراق، لأن الإنترنت لا توجد بكثرة، ولا يمكن التواصل إلا من خلال الهاتف، وبما أن تكلفة الاتصالات في العراق أغلى من غيرها فهذا يجعل العراقيين يختصرون كثيراً في مكالماتهم.

وقال «الأخبار العراقية تشغل الصحف العربية بشكل مكثف، إذ تقدم وسائل الإعلام معظم ما يدور في بلدي، كما أني أراها في معظم النشرات الإخبارية». ويحزن ستيفان على أمور كثيرة تخفى عنه بحكم السفر والهجرة، ويرى أن هذا يحزن، ولكن الظروف تضطر الأهل والأصدقاء إلى إخفاء بعض المشكلات، لعدم تحميل المغترب الهموم

 

الأكثر مشاركة