عادات صباحية تختفي في رمضان

بعض العادات اليومية تتحول إلى حاجة ملحة.                     غيتي

تتغير عادات روتينية يومية عدة لأفراد كثيرين خلال شهر رمضان المبارك، ويعد أشدها تأثيراً بالنسبة لبعضهم، عدم قدرتهم على تناول كأس الشاي الصباحي المبهج للنفس، أو فنجان القهوة الطازجة العبقة الرائحة، والتي يجدون فيه محركهم اليومي، ما قد يخل غيابه بتوازنهم، خصوصاً في الأيام الأولى من الصيام. ومع تغير المواقيت، تذهب متعة تناول الشاي أو القهوة مع دخول المساء، ويتحول من متعة يومية، إلى حاجة مُلحة، تأتي مباشرة بعد الإفطار.

ومع وجود 700 مليون شخص في العالم يشربون القهوة حول العالم، بحسب اختصاصية التغذية في «نستله الشرق الأوسط» لين الخطيب، والتي تزداد نسبة استهلاكها عن الشاي، فهذا يعني تأثيرها الكبير في الأفراد خلال فترة الصيام التي تمنعهم من تناوله، حيث غالباً ما يشتكي الأفراد من معاناتهم من الصداع، أو عدم التركيز، والخمول، بسبب عدم تناولهم فنجان قهوتهم أو شايهم اليومي.

ولا تعتقد الخطيب أن من المنطق تلقيب شاربي القهوة أو الشاي بالمدمنين، معتبرة أنها عادة روتينية، «فالقهوة لا تؤثر في الدماغ، وليس هناك ما يمكن تسميته بالإدمان، فهي مجرد عادة، تسبب تنشيطاً للذهن والجسم، فإن كان الشخص معتاداً على تنشيط ذهنه وجسمه بهذه الطريقة، سيشعر بالفرق عند التوقف عنها، لاعتياده هذه الطريقة، وليس نقصان المادة في الجسم». وتوضح أن عدم قيامه بهذه العادة اليومية هو ما يشعره بالانزعاج ووجود خلل ما، إلا أن هذا لا يعني أن الشخص مدمن على الكافيين، مؤكدة في الوقت نفسه أهمية الاعتدال في استهلاك القهوة، «فجميع الدراسات العالمية تنصح بالاعتدال، وعدم تخطي مقدار الـ 300 ملليغرام من الكافيين في اليوم».

افتعال مشكلات

وقالت أم ورد المقيمة في دبي التي تفتعل مشكلات داخل منزلها، سواء مع زوجها أو مع خادمتها أو مع أبنائها، لعدم تمكنها من بدء يومها بفنجانها الصباحي من القهوة في نهار رمضان، الأمر الذي يؤثر بشكل سلبي وحاد في مزاجها، إضافة إلى ما تعانيه من الصداع «أصبحت أسرتي تعلم تماماً الآن أن أفضل ما يمكن القيام به، خصوصاً في ساعات الصباح الأولى، هو تفادي التعامل معي، حيث أكون شديدة الانفعال وسريعة التأثر بما حولي». وذكرت أن الصيام في رمضان ومعاناتها مع خسارتها لقهوة الصباح «المعدلة للمزاج»، حسب تعبيرها، يجعلها تفكر جدياً في أن تتوقف تدريجياً عن شرب القهوة التي تسببت في جعلها إنسانة مختلفة وعصبية مع عائلتها.

وتوافق فريال أحمد، الموظفة في دبي، على أن متعة شرب فنجان القهوة الصباحي هو أكثر ما تشتاق إليه، «وليس القهوة بحد ذاتها، بل طقوسها اليومية، وعبقها الذي يملأ المنزل في ساعات الصباح عند وضعها على النار»، مبينة أن إعادة شرب القهوة اليومية لا يعني «مجرد أخذ جرعات الكافيين المطلوبة، بل يتحول تدريجياً إلى نوع من أسلوب الحياة، الذي يجر معه عادات أخرى، قد نبدأها نحن، أو أن نتبناها عن آبائنا، ومن أهمها تصفح الجريدة في الصباح، ومتابعة الأخبار قبل الانطلاق إلى العمل»، وهو ما تؤكد أنها توقفت عن القيام به «لأن العنصر الرئيس، وهو فنجان قهوتي، غير متوافر».

سجائر

وترتبط القهوة في حياة أحمد علي من دبي، بالسجائر، ما يعني أن دخول رمضان، كان بالنسبة إليه انقطاع عادتين يوميتين روتينيتين شديدتي التأثير فيه يومياً، معاً، الأمر الذي كان له التأثير السلبي الكبير فيه، معترفاً بأنه لايزال سهل الاستفزاز وشديد العصبية لأتفه الأسباب. ويقول «على الرغم من محاولاتي المكثفة في تجاهل ضغوط العمل، وعلى الرغم من نجاحي في ذلك، فإنني غالباً ما أفجر غضبي على زوجتي التي طلبت مني في مشادات كلامية كثيرة دارت بيننا خلال الشهر، بأن أتوقف عن الصيام، لأدعها بسلام».

ويضيف«أنا شديد الميل إلى شرب القهوة، خصوصاً في الصباحية، حيث تمتلئ سيارتي بأكواب القهوة المشروبة، بينما لا يمكن الاستمتاع بها، إلا مع سيجارة». وأشار إلى أنه قرر أن يحاول التخفيف حتى التوقف عن التدخين خلال شهر رمضان، ويعتبره فرصة للبدء في ترك هذه العادة، «حيث أصبحت الآن أدخن بين أربع إلى ست سجائر، بعد الإفطار وحتى السحور، بينما كنت أدخن نحو 20 سيجارة يومياً أو أكثر»، إلا أنه يؤكد أن «شرب القهوة أصبح عادة ثقيلة عليه، على الرغم من شعوره بالحاجة إليها، كونها تؤجج لديه الرغبة في التدخين، وهما العادتان المرتبطتان معاً بالنسبة له».

بعيداً عن السحور

وتقول خبيرة المكملات الغذائية والصيدلانية، سمر بدوي، إن «الكافيين يعتبر من المنبهات التي تكثر في كل من القهوة، والشاي، والكاكاو، والكولا، والتي تعتبر جميعها مغذية، عدا الأخيرة، مشترطة الاعتدال في تناولها لتبقى في دائرة التغذية والإفادة، فكثرة تناولها، يعني ارتفاع نسبة الكافيين في الدم، ما يعني تسارع ضربات القلب، علاوة على أنها تزيد من التوتر والعصبية، إضافة إلى إدرار البول بصورة غير طبيعية»، موضحة أن الكوب الواحد من القهوة بكمية 160 سنتيمتراً مكعباً، يحتوي على ما يعادل 70 ملليغراماً من الكافيين، «وكلما كانت فترة طهو القهوة على النار طويلة، أي عملية تخميرها، فذلك يزيد من الإضرار بالجسم».

وتضيف بدوي أن كوب الشاي الواحد بكمية 170 سنتيمتراً مكعباً المغلي لمدة ثلاث دقائق، يحتوي على 30 ملليغراماً من الكافيين، وزيادة غليانه تضر بالجسم كحال القهوة، مؤكدة أن تناول القهوة أو الشاي باعتدال «يُعد مفيداً للصحة، كونهما يحتويان على مضادات أكسدة تدعم نمو الخلايا بشكل سليم»، إلا أنها لا تنصح بتناول القهوة أو الشاي في فترة السحور، «كون الكافيين يعمل على إدرار البول، ويستحسن شربها بعد الإفطار بساعة واحدة على الأقل»، موضحة أن الفكرة الشائعة عن أن شرب الشاي غير شديد الحلاوة على فترة السحور لتفادي عطش اليوم الثاني، فكرة مغلوطة وغير صحيحة».

 قهوة الصائمين

ترى اختصاصية التغذية في «نستله الشرق الأوسط»، لين الخطيب، أن هناك فوائد عديدة للقهوة، «فهي إضافة إلى تنشيطها للذهن نتيجة للكافيين، فهي غنية بالمواد المضادة للأكسدة، وبالتالي الحماية من التعرض للأمراض»، لافتة إلى أن هناك طرقاً تعين الصائمين، متوافرة أيضاً على موقع «نستله الشرق الأوسط» الإلكتروني على الإنترنت، وتحتوي على مقالات صحية عديدة مفيدة للعائلة، من أهمها، تجنب الإفطار على فنجان القهوة، بل على حبات التمر التي توفّر للجسم الطاقة السريعة التي يحتاجها، لاحتوائها على السكريات المعقدة المفيدة للجسم. وتشير إلى أن القهوة تزيد من إفراز الأنزيمات الهاضمة المؤثرة سلباً في غشاء المعدة، ناصحة بشربها بعد ساعتين من وجبة الإفطار، ما قد يعزز من نشاط الفرد، معتبرة أن القهوة المحتوية على الكافيين قد لا تكون الخيار الصحيح دائماً. وبحسب الخطيب، فإن الاستعانة بالقهوة منزوعة الكافيين قد تكون الخيار الأفضل ليلاً.

تويتر