الطفل في سرير أبويـــه.. اتكاليـة وعدم اسـتقـلاليــة
لا شك ان المولود الجديد يربك الأبوين ويؤثر في مجرى حياتهما بمجملها، فتختلف الأولويات والترتيبات وكذلك مختلف الأنظمة التي كانت سائدة في البيت، فهذا الشريك الجديد في الأسرة له دوره وحقوقه. ومن الأمور التي يبدأ الطفل مشاركة الأهل فيها هي السرير. وعلى الرغم من انه ينبغي وضع الطفل في سريره منذ اليوم الأول، إلا أنه غالباً ما تلجأ بعض الأمهات الى وضع الطفل في السرير الخاص بها، ظناً منها أنه الحل الافضل للإبقاء على الترابط القوي بينها وبين طفلها. ولكن المشكلة الأساسية في هذه العادة ليس تأثيرها في علاقة الزوجين فحسب، بل أيضاً في كونها تؤثر في شخصية الطفل واستقلاليته، وبالتالي ينشأ بشخصية ضعيفة، متزعزع الثقة بالنفس وكذلك معتمداً على الأهل.
وفي استطلاع لبعض الآراء أجرته «الإمارات اليوم» حول هذا الموضوع، قالت المواطنة أم علي إنها تفضل نوم الطفل في سريره، لأن الطفل حين ينام مع أمه وابويه يتدلل كثيراً، كما أن الأمور التي يتعلمها في أول سنتين تعلق في ذاكرته، وبالتالي يكون أكثر اعتماداً على أمه». ومن جهة ثانية رأت أنه «من الضروري أن يكون هناك ترابط قوي بين الأم وابنها كي تكون العلاقة سليمة بينهما، شرط ألا تمنع هذه العلاقة اعتياد الطفل على الاستقلالية من السنوات الأولى». كما لفتت أم علي الى أن «نوم الطفل في سرير أبويه يؤثر في علاقة الأم والأب، كونهما احيانا يتناقشان كثيراً قبل النوم ووجود الطفل بينهما باستمرار يصعب الأمر».
حنان وعناية
ومن جهته، يرى محمد سعيد (الجزائر) أنه «من الضروري ان يعتاد الأطفال على النوم في غرفتهم منذ الصغر، لأنه في حال اعتاد الطفل منذ صغره ان يشارك أبويه السرير فسيكبر على هذه العادة». واستدرك سعيد «من الممكن أن يشارك الطفلأبويه السرير في حال كان مريضاً، فهذه حالة خاصة وقد يحتاج فيها إلى مزيد من الحنان والعناية، ولكن ليس ان تكون عادة لديه، فهذا يؤثر في شخصيته وسيكون مرتبطاً بأهله طيلة حياته». ولا يظن سعيد «أن نوم الطفل مع أبويه يؤثر في علاقة الزوجين، ولكن السلبيات ستترتب على شخصية الطفل بالدرجة الأولى فقط».
أما المواطنة فاطمة محمد حسين، فقد رأت أن «نوم الطفل في سريره يعود بالراحة على الطفل». وفضلت حسين «فصل الطفل عن أمه منذ الأيام الأولى، لأنه حين يكون صغيراً لن يتأثر كثيراً بالموضوع، كما أنه لن يعتاد على النوم في سرير أبويه، فهذه المسألة تعتبر عادة بالنسبة للأطفال». واعتبرت حسين ان «الارتباط القوي مع الأولاد يفضل أن يكون من خلال تخصيص وقت للعب معهم أو تمضية أوقات ممتعة، فهذا سيمكنهم من بناء علاقة متينة مع أطفال ذي شخصية قوية، وليسوا معتمدين على الأهل ولاسيما الأم، لأن الطفل يتعلق كثيراً بأمه في صغره».
وقد رأت المصرية آية قطب «أحرص على ان اضع طفلي في سريره قرب سريري الى ان يبلغ شهره السادس وبعد ذلك انقله الى غرفته». ورأت قطب «ان نوم الطفل بالقرب من اهله لا يعني أبداً مزيداً من الدلال، لأني اخاف أن أؤذيه فمن الممكن أن انقلب عليه في اثناء نومي وهذا يشكل خطراً على الطفل». وتابعت قطب «عند الشهر السادس أضع لهم المسجل لأستمع اليهم من غرفتي إن كانوا بحاجة لشيء ما كي ألبيه».
أما الأردنية عايدة شعبان، فقد رأت انه لا بأس ان ينام الطفل في الأشهر الأولى بالقرب من أمه وفي سرير الأبوين، شرط ألا يعتاد على الامر الى أن يكبر». وذكرت شعبان قصة احدى صديقاتها التي اعتاد ابنها على النوم بقربها في السرير الى أن بلغ الحادية عشرة من العمر». وقصت شعبان ما حدث مع الطفل وقالت «ان الطفل متعلق جدا بأمه وأراه لا يعرف أن يقرر أي شيء الا باستشارة والدته، كما أنه عندما يعود من المدرسة يروي لها كل ما حصل معه». ونوهت شعبان بأنها رأت الطفل يضع من عطر والدته على الوسادة قبل أن يخلد للنوم، الأمر الذي جعلها تنصح صديقتها بضرورة تغيير نمط العلاقة مع طفلها نظراً لخطورة الموقف».
حيز خاص
وقد اعتبرت رانية داغر «أن نوم الطفل في سريره مهم جدا، وأنها مسألة عادة، وشخصياً لم أواجه صعوبة في ان يعتاد ابني على النوم في سريره في أشهره الاولى». وأضافت داغر «ان المشكلة الحقيقية بدأت حين كانت أسنان طفلي تنمو فكان يبكي كثيرا في الليل الأمر الذي كان يجعلني اضعه بقربي، فاعتاد الأمر ولم يعد يرضى بالنوم في سريره». وتؤكد داغر أنه «بعد أن بلغ ابنها عامه الأول عادت مجدداً لتضعه في سريره، ولكن المسألة لم تكن سهلة، وقد استغرقت شهوراً حتى بدأ ينام في سريره من دون ان يوقظها لأخذه».
ومن جهته رأى الاستشاري في الطب النفسي الدكتور علي الحرجان أن «من أساسيات تكوين شخصية الطفل، أن يعتمد على نفسه ويكون له حيز خاص في البيت، أي السرير الخاص به، وخزانة لملابسه، فهذه الأمور تشعره بأن هناك حيزاً مادياً مخصصاً له، لاسيما ان الطفل لا يعرف الكيان». وتابع الحرجان ان «نوم الطفل في سريره الخاص يساعد على تنمية شخصيته، كما أنه سيعرف حدوده حتى في تعامله مع الآخرين». ونوه الحرجان بأن «هذا الموضوع يزرع الثقة داخل قلب الطفل، فبدلاً من الاعتماد على الأهل، يعتمد على نفسه، وكذلك لا يشعر بأنه بحاجة الى من يحميه».
وأكد الحرجان أن «على الأهل فصل الأولاد عنهم منذ الأيام الأولى للولادة، فعلى الأم وضع طفلها في سرير قرب سريرها كي تكون قربه وليس ان تضعه في سريرها الخاص».