الصحــة النفسيــة.. صفاء يهــزم ضغوط الحياة
دعا اختصاصيون في مجال الطب النفسي إلى نشر التوعية بين صفوف أفراد المجتمع، حول مفهوم الطب النفسي الذي غالباً ما يتم ربطه بالجنون، وتسليط الضوء في الوقت نفسه على أكثر الأمراض النفسية شيوعاً، وبيان طرق علاجها، وسبل الوقاية منها، مطالبين بضرورة تكاتف الجهود لمواجهة الضغوط التي يفرضها التطوّر الكبير في مختلف جوانب الحياة، والذي يشمل كل أفراده على اختلاف فئاتهم العمرية، ومستوياتهم الاجتماعية.
واضافوا خلال حملة التوعية بالصحة النفسية التي نظمها قسم الطب النفسي في مستشفى راشد في دبي في حديقة الصفا في دبي، تحت شعار «الأمل طريق السعادة»، واختتمت أول من أمس، أن «صفاء الصحة النفسية يمنح الإنسان سلامة جسدية وسعادة نفسية، ويهزم الضغوط الحياتية اليومية». وأوضحوا في المقابل أن «التوتر النفسي يصيب الإنسان بأمراض عدة، أبرزها الاكتئاب الذي تنجم عنه مشكلات عضوية أخرى».
وقال استشاري رئيس قسم الطب النفسي في مستشفى راشد في دبي، الدكتور محمد حسن فائق، ل«الإمارات اليوم» «على الرغم من التطوّر الكبير الذي نشهده، فإن ناسا كثيرين مازالوا يربطون مفهوم الطب النفسي وأمراضه المختلفة بالجنون، وأنها في حقيقة الأمر أمراض لا تختلف أبداً عن الأمراض العضوية». وأوضح أن هذا ما اكتشفته الدراسات الحديثة في الطب النفسي التي أثبتت أن الأمراض النفسية لا تختلف عن الأمراض العضوية، مثل الضغط والسكري، وأن معظم الأمراض النفسية عضوية، تنشأ عن اختلال في توازن أنزيمات وهرمونات في المخ، وتعويضها بالأدوية يكون هو العلاج».
وأضاف فائق «بينت الدراسات الحديثة أن هناك ارتباطاً كبيراً بين الأمراض العضوية والأمراض النفسية وبين ضغوط العمل والضغوط الأسرية وبين الاضطرابات النفسية»، لافتا إلى أن «الصحة النفسية تجعل الفرد متوائماً مع بيئته، وقادراً على مواجهة الأعباء التي يفرضها نمط الحياة المعاصر».
تطوّر
وتابع رئيس قسم الطب النفسي في مستشفى راشد «فرض التطوّر الكبير الذي طرأ على مجتمعنا في الآونة الأخيرة ضغوطاً نفسية شديدة على أفراده، على مختلف فئاتهم العمرية ومستوياتهم الاجتماعية، وذلك من خلال متطلباته الكبيرة التي تأخذ في الزيادة مع مرور الوقت، وتستنزف موارد مالية، ومجهوداًعقلياً وبدنيا». موضحاً أنه «على سبيل المثال، قبل 10 سنوات كان حصول الطالب على شهادة البكالوريوس يعد إنجازاً كبيراً، أما في يومنا هذا، فيعد الحصول عليها أمراً هيناً، وبات الحصول على شهادة الماجستير والدكتوراه الإنجاز الكبير الذي يستطيع من خلاله الفرد مواكبة التطور الهائل الذي يشهده».
ورأى أن تلك التطوّرات المجتمعية باتت تخلف بلا شك ضغوطاً نفسية شديدة، تدعو إلى العمل على نشر مفهوم الصحة النفسية، وهي حالة السلامة الكاملة في النواحي الجسمية والعقلية، وأن يكون الفرد قادراً على التوافق مع نفسه والمجتمع الذي يعيش فيه، ما يؤدي ـ حسب فائق ـ إلى التمتع بحياة خالية من الاضطرابات النفسية المختلفة ، وتسليط الضوء في الوقت نفسه، على أكثر الأمراض النفسية شيوعاً التي غالباً ما تتماثل للشفاء في مراحل علاجها المبكرة، وسبل الوقاية منها، ما يتطلب تكاتف الجهود في سبيل تحقيقها .
مسؤولية
واعتبرت اختصاصية الطب النفسي في مستشفى راشد في دبي، الدكتورة أمل الحليان أن المسؤولية الأكبر في تغيير النظرة القاصرة، والصورة الخاطئة المرتبطة بمفهوم الطب النفسي وأمراضه المختلفة، تقع على كاهل اختصاصيي الطب النفسي، من خلال العمل على تنظيم حملات توعية لكل أفراد المجتمع على اختلاف فئاتهم العمرية، ومستوياتهم الاجتماعية، بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المختلفة.
وأفادت بأن الأمراض النفسية في مجتمعنا باتت في زيادةٍ مستمرة، نتيجة الضغوط النفسية الكبيرة الناجمة عن التطور الهائل الذي يشهده، الأمر الذي أكدته الأبحاث العلمية المدنية، حيث برهنت على أن الضغوط النفسية تنجم عنها أمراض نفسية، مثل الاكتئاب والقلق، ونتيجة لقلة الوعي عند الأفراد، قد لا يدركونه، على الرغم من وجـود أعراض ومؤشرات واضحة، وقد يصادف كثيرون منا هؤلاء المرضى دون أن يدرك أنهم مصابون بأحد الأمراض النفسية».
وأضافت الحليان «قد لا يستطيع الفرد تجاهل هذه الضغوط، لاسيما أنها تعد جزءاً من حياته، فقد تصادفه في المنزل، أو العمل، وحتى في أثناء قيادته لمركبته، ولكن، بإمكانه التعامل معها بطريقةٍ تبعد عنه آثارها السلبية. ومن هنا، تكمن الحاجة الماسة لتنظيم حملات توعية خاصة، تعنى بكيفية التعامل مع هذه الضغوط، عن طريق تسليط الضوء على مفهوم الصحة النفسية، والأمراض النفسية المختلفة، وطرق علاجها وسبل الوقاية منها، لاسيما أن حالات كثيرة تردنا في مراحل متأخرة، في حين أن العلاج المبكر يسهم في تماثلها للشفاء سريعاً».
وذكرت أن تلك الأسباب كانت دافعاً لقسم الطب النفسي في مستشفى راشد لتنظيم حملة توعية، هي الأولى من نوعها على مستوى الدولة، للتعريف بمفهوم الطب النفسي وأمراضه المختلفة، وطرق علاجها، وسبل الوقاية منها، تحت شعار (الأمل طريق السعادة)، من خلال نشرات التوعية، والنصائح المختلفة من ذوي الاختصاص، إلى جانب مجموعة من النشاطات الترفيهية. موضحة أنه تم اختيار الشعار للتأكيد أن الأمل بالشفاء من الأمراض النفسية هو طريق السعادة، لافتة إلى أن «الشفاء لن يتحقق، إلا بعد أن يعترف المريض بمرضه، ويلجأ إلى الطبيب، ليتلقى العلاج في مراحل مبكرة، ما يسهم في تماثله للشفاء سريعاً، وبالتالي تتحقق سعادته، ويرجع سليماً معافى في المجتمع».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news