يحتفلن بالطلاق "نكاية بالزوج" وانتصارا عليه

للطلاق طقوس واحتفالات في موريتانيا، وعلى غير العادة تحتفل الموريتانيات بطلاقهن وسط زغاريد وأغاني شعبية تحمل معاني العزاء والمواساة للمرأة المطلقة، إذ تتزين لليوم الموعود وتستقبل صديقاتها وفرق شعبية لتهنئتها بالقصائد والاغاني على خلاصها من زواجها السيء وحصولها عل حريتها.

وتحرص المطلقات على عقد هذا الاحتفال نكاية بالزوج ولرفع المعنويات. وجرت العادة انه فور سماع نبأ الطلاق ترفع المرأة المطلقة أو خادمتها أو قريبتها صوتها بالزغاريد لإعلان فرحتها بهذا الحدث وانتصارها على الرجل.

وفي تقرير نشرته صحيفة الوطن السعودية عن أجواء المطلقات من نواكشط، تحظى تحظى المطلقة بدعم ومؤازرة المحيطين بها، وتحرص على الظهور بأبهى حلة بعد انتهاء فترة العدة، حيث تتزين وتخضب يديها ورجليها بالحناء، وتتحلى بما تملك من حلي تقليدية مصنوعة من الذهب والأحجار الكريمة، ويتنافس أبناء عمومتها والمعجبون بها في تقديم الهدايا، والتقرب منها.

وتعرف هذه العادة في موريتانيا بـ"التحراش" أو "التعركيب"، حيث يتظاهر الرجال أمام المطلقة برغبتهم فيها كنوع من التعويض المعنوي الذي ما يلبث أن يتحول إلى مشروع زواج

وتعتبر المطلقات أوفر حظا من العازبات في الزواج، بينما يتكفل الأب والإخوة بمصاريف معيشة المرأة وأبنائها، وتعويضها عن المكانة الاجتماعية التي فقدتها بعد الطلاق.

ودفع ارتفاع نسبة الطلاق داخل المجتمع الموريتاني الحكومة إلى دراسة هذه الظاهرة، ووضع خطة للتقليل من نسبة الإخفاق العائلي الذي وصل إلى مستويات قياسية لم تصل إليها أي من الدول العربية. حيث تؤكد منظمات أهلية مستقلة أنه تجاوز 44%. بينما تشير إحصاءات رسمية أنه في حدود 38.5%.

المطلقة أكثر حظا

تتساوى المطلقة في موريتانيا مع غيرها من النساء في الزواج مرة ثانية وثالثة ورابعة، بل إن كثيرا من الرجال يفضلون المطلقة على العانس وحتى على فتيات في مقتبل العمر. لأن المطلقة لا تشترط مهرا كبيرا أو إنجاب أطفال.

وقد أظهرت إحصاءات رسمية أن ارتفاع نسب الطلاق في المجتمع الموريتاني أدى إلى انتشار ظاهرة الإقبال على الزواج من مطلقات، حيث بلغت نسبة المطلقات اللواتي تزوجن بعد طلاقهن الأول 72.5%، وتزوجت 20% من المطلقات بعد طلاقهن الثاني، وأقدمت 7.6% ممن طلقن ثلاث مرات على الزواج مرة رابعة، أما نسبة النساء اللواتي تزوجن خمس مرات أو أكثر فتصل إلى 1.5%، وتؤكد منظمات أهلية أن هذه النسب لا تعكس حقيقة وضع المطلقات لأنهن يقبلن على الزواج بنسب مرتفعة عما أشارت إليه الإحصائيات.

تحذير من الظاهرة
ويحصر باحثون أسباب ارتفاع الطلاق في ضعف القوانين وسلبية المجتمع، فالقوانين لا تلزم الرجل بتبعات الانفصال من مسكن ونفقة العدة والأطفال، وتسهل عليه إيقاع الطلاق دون الرجوع إلى القاضي، ودون مناقشة أهل الزوجة لتبرير الانفصال، كما أن الأعراف الاجتماعية تمنع المطلقة من المطالبة بحقها وحق أطفالها مهما بلغت درجة ثراء الزوج وحاجة الزوجة. لأن ذلك سيفسر على أنه ضعف وفشل عائلتها في إعالتها.

ونادرا ما ترفـض عائـلة ارتباط ابنتها برجل مطلق، ولا تسأل أغلب الأسر عن أسباب فشل تجربة الزوج السابقة.

ويرجع الباحث الاجتماعي محمد يحيى ولد سيدي محمد انتشار الطلاق في المجتمع الموريتاني إلى التسرع في الزواج، مؤكدا أن أكبر نسبة من الانفصال تسجل في السنتين الأوليين للزواج الأول. بينما يكون الزواج الثاني أكثر استقرارا وأطول عمرا.

وأوضح أن "عدم استقرار الأسرة ظاهرة تلازم حياة الموريتانيين ملازمة وجودية وتطغى على حياة سكان القرى والمدن على حد سواء، كما أنها لا تخضع لمعايير السن والمستوى التعليمي والوسط الاجتماعي، فلا السن ولا المستوى المادي ولا عدد سنوات الزواج تساعد في استقرار الأسر".

وأشار إلى أن محاربة ظاهرة الطلاق في المجتمع الموريتاني تستلزم محاربة ممـارسـات وعـادات وثقافة الفرح عند حدوث الطـلاق والقضاء على طقوس الاحتفال بهذا الإخفاق العائلي، وتوعية المجتمع بخطورة الظاهرة ثقافـيا واجتماعيا واقتصاديا. 

تويتر