الأمل والدعم الأسري يقهران سرطان الثدي
شددت ناجيات من سرطان الثدي ومصابات مازلن يتلقين العلاج على ضرورة خضوع النساء للكشف الدوري على سرطان الثدي، للحد من الوقاية من الإصابة بالمرض. وقلن لـ«الإمارات اليوم» أن تمسكهن بأمل الشفاء والعزيمة ودعم أفراد أسرهن خففت آلام المرض، ومراحل علاجه الصعبة من جلسات كيماوي وجراحات تطلبت استئصال أجزاء من أجسادهن، ودعت ناجيات خضن رحلة علاج كللت بقهر سرطان الثدي إلى عدم الاستسلام للمرض، وأوضحن أنهن يمارسن حالياً حياتهن بصحـة جيـدة.
وقالت أم محمد (37 عاماً ــ مواطنة) عن تجربتها مع السرطان «بدأ تاريخي المرضي قبل 19 عاماً، وتحديداً حين كنت في الـ16من عمري، طالبة في جامعة الإمارات، وكنت أعاني من وجود غدة في رقبتي، أجريت على إثرها الفحوص اللازمة. ولكن، بعد مرور شهر، كبرت الغدة حتى وصلت إلى أذني، ما دفع الأطباء إلى اتخاذ قرار بإزالتها، ومن ثم، خضعت لعلاج لمدة شهر، بعد أن شخص الأطباء حالتي بأنني مصابـة بأحد أنواع السل، الأمر الذي بث الشك في نفسي، ودفعني إلى عدم تصديقـه، لاسيما أنني كنت أدرس في القسم العلمي في المرحلـة الثانويـة، ولدي خلفية عن السل، فضلاً عن أن الأعراض التي كنت أعاني منها تختلف جملةً وتفصيلاً عن أعراض هذا المرض».
واتخذت أم محمد ووالدها قرار السفر للخارج لإكمال العلاج، وهناك، شخص الأطباء حالتها بتضخم في الغدد الليمفاوية، وعلاجه الذي يقوم على تنظيم عملها، لم يكن يتطلب أكثر من أسبوع واحد. وللأسف، نتيجة التشخيص الخاطئ الذي لم يتعرف إلى المرض بالشكل الصحيح، تحولت الغدد إلى ورمٍ سرطاني، خضعت على إثره للعلاج الإشعاعي.
وقالت «بعد سنة من العلاج الإشعاعي تزوجت، وعلى الرغم من أن أطباء أكدوا لي أن العلاج بالإشعاع يوثر في المبايض فيحول دون الحمل، فإنني بفضل اللـه استطعـت الإنجاب، والآن أنـا أم لخمسة أطفال».
ولم تنته تجربة أم محمد مع سرطان الثدي عند هذا الحد، حيث قالت «قبل ثلاث سنوات، لجأت إلى استخدام الليزر لإزالة الشعر، وعلى الرغم من إخباري المختصة بتاريخي المرضي مع السرطان، لتفادي الآثار الجانبية لاحقاً، إلا أنها أكدت لي أن الليزر لن يشكل خطراً على صحتي، حتى لو خضعت من قبل للعلاج الإشعاعي للسرطان»، ولكن، بعد قيام أم محمد بثاني جلسة لليزر، اكتشفت وجود ورمٍ في صدرها.
وأضافت «قصدت الطبيب الذي طلب أخذ عينة من الورم للتأكد من نوعه، وبعد أن تبينت نتائج الفحوص، أكد وجود السرطان، حيث يحفز العلاج بالإشعاع الغدد الليمفاوية بنسبة 30٪، فتتحول إلى أورام سرطانية، وأخبرني بأن العلاج سيتطلب استئصال ثديي المصاب من الجهة اليمنى».
وشكل تشخيص المرض وعلاجه صدمة لأم محمد التي رفضت إجراء عملية استئصال الثدي، وعملت على إيجاد سبيلٍ آخر يحول دون ذلك، وذكرت أنها قصدت طبيبـاً مختصـاً في الخارج، أكد لها بعد إجراء الفحوص اللازمة عدم إصابـة الغدد الليمفاويـة، وأن السرطان على الرغم من أنه من الدرجة الثالثة، فإنه سطحي، وسيتم استئصال الورم من دون الحاجة إلى اللجوء إلى استئصال الثدي كامـلاً، الأمر الذي بث فيّ روح الأمل من جديد، وأجرت عملية استئصال الورم، وترميم الثدي بواسطة نسيج استمد من الظهر .
علاج كيماوي
وقالت أم محمد «تمت استشارتي في الخضوع للعلاج الكيماوي الذي أكد لي الأطباء أنه سيقلل من نسبة عودة سرطان الثدي الذي قد يعود بعد 30-40 سنة، بنسبة 5٪، ولكنني، لم أوافق لإدراكي جيداً مدى المعاناة التي تنتج عن العلاج، لاسيما أنني خضت سنوات طويلة من العلاج، ولا أود تكرارها».
وأوضحت أنها تمارس حياتها مثل أية امرأة، وتتمتع بصحة جسدية ونفسية عالية، وتمارس عملها الحكومي والخاص وتربية أبنائها في الوقت نفسه. وقالت«ساعدني في التغلب على مرضي الذي رافقني لسنوات طويلة إيماني بالله، ودعم زوجي الذي لم يكن يفارقني مطلقاً في رحلة علاجي، إلى جانب بقية أفراد أسرتي».
فحص سنوي
وروت د.م (في الخمسينات ــ مصرية) تجربتها مع سرطان الثدي، قائلة «اكتشفت إصابتي بمرض سرطان الثدي في مارس العام الماضي، على الرغم من أنني لم أشعر مطلقاً بأي ألمٍ أو ورمٍ في ثديي، وذلك بعد أن قصدت عيادة النساء لإجراء فحوص دورية، وحينها راجعت الطبيبة ملفي، وتبين لها أنني لم أجر منذ فترة صورة الثدي (الماموغرام) التي توصي المنظمات العالمية المهتمة بالكشف المبكر عن سرطان الثدي بضرورة خضوع كل النساء اللاتي تجاوزن سن الـ40 لها بشكلٍ سنوي، لاسيما أن التقدم في العمر يعتبر أحد أبرز العوامل الرئيسة التي تزيد من احتمالات الإصابة بسرطان الثدي».
وأظهرت نتيجة الصورة التي أجريت لها وجود ورمٌ صغيرٌ جداً، وأعربت لها الطبيبة عن شكها الكبير بأن يكون سرطاناً، وللتأكد من ذلك، لجأت إلى أخذ عينة من الورم عن طريق الخزعة بالإبرة، ولكن صغر حجمه حال دون تحقيق الهدف، فلجأت إلى إجراء عملية إزالة الورم الذي لم يكن يتعدى سنتيمتراً واحداً، ولكن تبين أنه من النوع الحميد، وبالتالي لا ضرورة للعلاج الكيماوي.
وتابعت د.م «لتفادي انتقال الورم إلى أجزاء أخرى من الجسم، جاء قرار إزالة الغدد الليمفاوية التي توجد تحت الإبط، والتي تكون أول مكان ينتقل فيه السرطان، وبالفعل قمت بإزالتها بالجراحة. ولكن، للأسف بعد 10 أيام، تبين أن السرطان انتقل إلى أحد أجزاء جسمي، فكان لابد من أن أخضع إلى العلاج الكيماوي الذي يعتبر من أصعب أنواع العلاجات، نتيجة لعوارضه التي تسبب آلاماً قاسية يصعب التغلب عليها بسهولة».
وأضافت «بقوة إيمان وعزيمةٍ وإصرار، استمددتها من الله، ثم ممن حولي من الأصدقاء، استطعت التغلب عليه، والآن، بقي أمامي ربع الكمية من العلاج، والذي سيلحقه العلاج بالإشعاع، وكلي أمل في أنني سأنتصر عليه، وأنعم بحياة آمنة وسعيدة».
ونصحت غيرها من النساء بضرورة الكشف المبكر عن سرطان الثدي الذي لا يقي من المرض، إلا أنه يزيد من احتمالات العلاج الناجح.
صدمة
وذكرت ر.م (لبنانية) أن رحلتها مع مرض سرطان الثدي بدأت منذ سنتين، بعد اكتشافها إصابتها بالمرض، وقالت «كنت عائدة من إجازتي السنوية، وشعرت بألم في صدري في أثناء النوم، فأجريت على إثره الفحص الذاتي الذي بين لي وجود ورمٍ صغيرٍ في الثدي، فاتجهت على الفور في اليوم التالي إلى الطبيب، والذي طلب مني ضرورة إجراء أشعة الثدي، وبينت لي إصــابتي بسـرطان الثــدي بنسبـة 90٪».
وأضافت «شكل خبر إصابتي بالمرض صدمة كبرى لي، خصوصاً أنني كنت أؤدي التمارين الرياضية بشكلٍ منتظم، وألجأ إلى تناول الأطعمة الصحية، وأتحكم في وزني، الأمر الذي ترك بالغ الأثر في نفسي، وجعلني أعيش حالة نفسية عصيبة في البداية».
ولفتت ( ر . م ) إلى أنها مع مرور الوقت قررت مواجهة المرض لتتغلب عليه، منوهة بشكل خاص بأفراد أسرتها الذين كانوا الداعم الأول لها، فكانت رحلة العلاج التي بدأت بإزالة الورم، وقالت «كان قرار الخضوع للعلاج الكيماوي صعباً، حيث ترك آثاراً وخيمة على صحتي، وخسرت على إثره شعري، إلا أنني أصررت على إكمال فترة العلاج التي استمرت لمدة ستة أشهر، والحمد الله تماثلت للشفاء، ولم يعاودني مرض سرطان الثدي، الأمر الذي أكدته لي الفحوص الدورية التي لابد من إجرائها كل سنتين».
قصة غريبة
قالت أم سمر (34 عاماً ــ سودانية) عن تجربتها مع سرطان الثدي «اكتشاف إصابتي بالمرض غريبة بعض الشيء، حيث بدأت بآلامٍ حادة في ظهري، فتوجهت إلى الطبيب الذي أجرى لي أشعة، ظهرت نتائجها إيجابية، فوصف لي مسكنات لتخفيف الألم، لم تأتِ بثمارها، حيث أخذت الآلام تزيد بدرجة كبيرة لا تحتمل». وذكرت أنها مع الوقت، شعرت بتورم في الثدي من الجهة اليمنى، وأجرت لها صورة الثدي (الماموغرام) التي لم توضح إصابتها بالسرطان، فتم أخذ عينة من الورم عن طريق خزعة السحب بالإبرة ثلاث مرات، وبينت النتائج أن الورم حميد. ولكن، في المرة الرابعة تبين أن الورم خبيث، ووصل إلى الفقرتين الأولى والثانية من العمود الفقري اللتين تآكلتا، وبدأ السرطان يدخل على الفقرة الثالثة كذلك.
وقالت أم سمر «خضعت لـ10 جلسات من العلاج الإشعاعي الذي قام الأطباء بزيادة جرعته، نتيجة للآلام الحادة التي أشعر بها، والتي أخذت في الزيادة، ومن ثم، خضعت للعلاج الكيماوي لسبع جلسات، لتفادي انتشار السرطان في جسمي، واليوم، مازلت أتناول مجموعة أدوية و حقنة شهرية، كجزء من العلاج الذي قد يتطلب إجراء عملية في الظهر، إذا ما أثرت الآلام في حركة أطرافي الطبيعية».
وأوضحت أنها على الرغم من آلام عانتها ومازلت تعانيها، إلا أنها تشعر برضا كبير، لإيمانها بأن إصابتها بالمرض هو ابتلاء، منوهة بدعم أفراد أسرتها لها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news