«السكـري».. النظام الغذائي قبل «الأنسولين»
تُعد اللحظة التي يكتشف فيها الشخص إصابته بمرض السكري مفصلية في حياته، إذ إن كثيراً من المرضى لا يتقبلون هذا المرض في البداية، ولا يتعاطون مع العلاج بالطريقة الصحيحة، على الرغم من ان التعايش مع السكري يعتبر أفضل طرق التعاطي معه، كونه داء لا يشكل عائقاً في حياة المريض في حال واظب على إبقاء معدل السكر منتظماً في معظم الأوقات. ويتطلب المرض من المصاب به الاهتمام بأخذ الأنسولين في الوقت المناسب، وتغيير أسلوب حياته، والمحافظة على نظام غذائي متزن يعده مختصون أفضل سبيل للوقاية من مضاعفات المرض، مع الحرص والتركيز على إدخال الرياضة إلى أولوياته.
وروت أم عبدالله (إماراتية) رحلتها مع المرض قائلة «لم أكن أتوقع أن أصاب بالمرض، مع معرفتي أن سببه في كثير من الأحيان يكون وراثياً، وقد كان كثيرون من أفراد عائلتي مصابين بالسكري»، مشيرة إلى أن بدايتها كانت مبكرة حيث أصيبت به وعمرها 37 سنة، مضيفة لـ«الإمارات اليوم» عن اكتشافها للمرض «شعرت بالدوار وأغمي علي، ولم أكن أتوقع أن يكون السكري، حيث اعتقدت أنه مجرد هبوط في ضغط الدم، ولكن الفحوص أكدت لي أنه السكري».
وذكرت أم عبدالله أنها تتناول الحبوب، والتي تُعد علاج المرحلة الأولى من السكري، حيث تعمل على المحافظة على الأنسولين في الجسم، لافتة إلى تغير نمط حياتها «فقد تغير نظام الأكل لدي، وبتّ محرومة من الكثير من أنواع الأطعمة وحتى الفاكهة التي تحتوي على نسبة عالية من السكر لا يمكنني تناولها، فمسموح لي بكمية محددة جداً».
عصبية
وتتفق حنان السيد التي أصيبت بالمرض منذ ثمانية سنوات مع أم عبدالله، معتبرة أن للمرض تأثيراته التي تتعدى الجانب الصحي، موضحة «اشعر أني صرت شديدة العصبية، فلم أكن كذلك وقد تغيرت كثيرا مع الإصابة بالمرض»، مضيفة أن «تقبلي للمرض لم يكن سهلاً، إذ احتجت إلى وقت طويل للاعتياد على الفكرة، لأني أعرف أخطار السكري، والمضاعفات التي من الممكن أن يقود لها، وأعرف أن بعض الأعضاء تكون ضعيفة، ويؤثر المرض في النظر، وشخصياً أضع هذه الأمور كلها أمامي»، مستدركة بأن التعايش مع المرض ليس سهلاً، إذ يتطلب الحذر، متمنية أن تعود بها الأيام لتتمكن من أكل أشياء منعت منها في الفترة الحالية، خصوصاً الحلوى، على حد قولها.
أما المواطن عادل فيروز، فيختلف مع السيد، كونه تقبل المرض منذ إصابته به، وأوضح «أصبت بالمرض منذ 15 سنة، ولكنني لم اقلق من الأعراض الأولية التي ظهرت عندي ولم أعتبرها مؤشراً للسكري، إلا أني اكتشفت المرض بعد عامين من بروز الأعراض الأولية»، مضيفاً أنه لم يشعر ان المرض نهاية العالم «كنت مقتنعاً أن رفض المرض أو تأجيل العلاج سيزيد من المخاطر على صحتي، لذا اهتممت كثيراً بالنظام الغذائي وحرصت على أن أغير فيه»، لافتا إلى أنه يمارس الرياضة، ويواظب على أخذ جرعات الأنسولين بالوقت المحدد لها.
أما لجهة الثقافة حول المرض، فلفت فيروز إلى أن معلوماته حول المرض كانت ضئيلة جداً، ولكنه بعد أن اكتشف إصابته عمل على تثقيف نفسه، وزيادة معرفته بأخطار المرض. وشدد على أهمية الالتفات إلى النظام الغذائي الذي يتبعه المرء في حياته، منوها بأن المرض لم ينتقل إليه عن طريق الوراثة، لا بل إن قلة الحركة والأنظمة الغذائية الخاطئة وترف المعيشة تسهم في زيادة عدد المصابين.
ويأخذ فيروز أربع حقن من الأنسولين يومياً، لتنظيم السكر وللحفاظ على مستواه في الدم. وأضاف «يتم حرمان المصابين بالسكري في الدولة من مأكولات كثيرة، فيما في الغرب يسمحون للمرضى بتناول كل ما يشاؤون، لكن بكميات محددة مع تعديل جرعة الأنسولين التي يتناولها، وبالتالي أرى أن حرمان المريض سيؤدي إلى رد فعل عكسي لديه»، معتبراً أن إصابته بالمرض فرصة ليتعلم أبناؤه منه، فهم يرونه وهو يأخذ الحقن وبالتالي يرون ألمه وهذا كفيل بجعلهم يحافظون على صحتهم وأنفسهم.
فحوص دورية
وأكد الاختصاصي في أمراض الغدد الصماء والسكري في المستشفى الأميركي، الدكتور بلال الشماع أن 50٪ من مرضى السكري لا تظهر لديهم أعراض للمرض، مشيراً إلى أن المنظمات العالمية للسكري اتفقت على خفض مستوى السكر لتشخيص المرض، فبدلاً من اعتماد 140 كنسبة للتشخيص، بات المرض يشخص عند نسبة .126
وشدد الشماع على وجوب إجراء الفحوص الدورية للسكري، من قبل الأشخاص الذين زادت أعمارهم على 40 سنة، لأن المرض يمر بمراحل متعددة، وبالتالي ان الاكتشاف المبكر مهم كون الوصول إلى مرحلة الإصابة يكون بعد 15 سنة من بداية المرحلة الأولى.
ونصح السيدات اللواتي تعرضن لسكر الحمل، بوجوب فحص تحمل السكر في الدم بعد شهرين من الوضع للتأكد من عدم وجود السكري لديهن، مشدداً على ضرورة التعايش مع المرض «لأن تقبله مهم، فالسكري يعني أن هناك ضعفاً وراثياً في البنكرياس، واليوم ليس هناك من وسيلة لتجديد نشاط البنكرياس، لذا ان إلغاء السكري أمر صعب ويفضل التعايش معه، كما أن انتظام السكر في معظم الأوقات يحمي الجسم من المضاعفات»، معتبراً ان تغيير أسلوب الحياة أمر في غاية الأهمية لاسيما أن الأدوية المعالجة تتطور ونتائجها تتحسن عاماً بعد عام.