حنان ناجي: «التدريب على الحياة» يقوم على إثارة المخيّلة

حنان ناجي: أصبحت أتمتع بإدراك يبعدني عن لوم الناس. تصوير: أسامة أبوغانم

دخلت حنان ناجي عالم التدريب على الحياة، بعدما شعرت أن أشياء كثيرة تنقصها في الحياة، وأنها على الرغم مما حققته من إنجازات لا تشعر بالسعادة والرضا. وتمكنت بفعل الجلسات والدراسة أن تصبح اليوم مدربة على الحياة، متميزة بابتكارها تقنيات خاصة في التدريب، تعتمد على توجيه الأسئلة، بدلاً من محاولة إيجاد الهدف للمرء. وتهدف التقنيات التي ابتكرتها ناجي إلى جعل المرء يكتشف مكامن نفسه، وكذلك يختبر مواقف كثيرة، من خلال تقنيات تعتمد على المخيلة، ليختار ما هو صائب وما يحقق أهدافه، من دون أن تدفعه كمدربة إلى الهدف المنشود.

وعن بداياتها، قالت ناجي «درست الأدب الإنجليزي، ولكني قبل أن أتخرج، كنت أدرس وأتعلم، فقد كانت أوضاعنا المالية صعبة، وكان والديّ منفصلين. وبالتالي، كانت لدي مسؤوليات عديدة في المنزل». وأضافت «وضعت لنفسي قائمة بالأشياء التي ستجعلني سعيدة إن حققتها، ومن هذه الأمور فرصة عمل وراتب جيد وسيارة ومنزل، فهي أمور اشترك فيها مع معظم الناس، وحققت معظمها وأنا في بداية العشرينات. وعلى الرغم من ذلك، لم أشعر بالاكتفاء».

قناعة وتحسين

قالت المدربة على الحياة حنان ناجي إنها سعيدة بحياتها، ولكن هذا لا يمنع أن يكون هناك مجال للتحسن، «فأكثر ما أكون فخورة به هو أني أقف أمام المرآة، وقادرة على أن أحب نفسي، لأن من الضروري أن يحب الشخص نفسه». وميزت ناجي بين حب النفس والأنانية، «فحب النفس سيجعل المرء قادراً على حب الآخرين، والشخص الذي لا يكون مرتاحاً مع نفسه لن ترتاح الناس إلى الجلوس معه والتحدث إليه». وأضافت ناجي «الناس تشعر بالمرء الذي لا يحب نفسه، كما أن الغير دائماً مشدود للشخص الذي يحب نفسه، لأن هناك طاقة تنتشر من حوله، وبعضهم يطلق عليها الهالة الأثيرية، وهي طاقة إيجابية تجذب الناس».

وعندما أتت حنان ناجي إلى دبي، شعرت أنها حققت إنجازات مهمة في دبي، لكنها لفتت إلى أن «الخطأ الذي يرتكبه الجميع هو أننا نعمل على تحسين وزيادة قائمة الأشياء التي تسعدنا باستمرار، وهذا يجعل كلاً منا يعمل كثيراً، وبالتالي، سيجد نفسه واقفاً في مكانه من دون تقدم». ولفتت إلى أنها دخلت عالم التدريب، حين وصلت إلى حالة يصل إليها كثيرون، ولكنهم قد لا يقفون عندها، وهي الإحساس بأن لا بد من التغيير». وأضافت ناجي «عملت على حضور المحاضرات، لكن المحاضرات تؤثر في المرء يومين، ثم يعود، لذا، تغيرت فعلياً عندما تدربت مع مدرب، وضحيت بأمور كثيرة».

خطوة إلى الوراء

وشرحت ناجي وجهة نظرها الخاصة بالتدريب، وقالت إن «التدريب، من وجهة نظر عديدين، يساعد الناس على تحقيق أهدافهم. ومن وجهة نظري، اعتبره يتمثل في أخذ خطوة إلى الوراء، وتجريد أنفسنا من المعتقدات الخاطئة الموروثة، لكي نتمكن من إحداث التغيير». وأكدت ناجي أن «المعتقدات الموروثة هي التي تجعل الناس يحلمون بأمور كثيرة، هي فعلياً لا تلبي رغباتهم، ولكنهم تلقوها من الغير، منها مثلاً ربط السعادة بأي شيء خارجي، ما يجعل المرء غير قادر على التحكم في سعادته، لأنها ستتبدل بفعل تبدل الشيء الخارجي . ولهذا، نرى كثيرين ينتحرون بسبب فقدانهم ثروة أو شخصاً ما».

ونوهت ناجي إلى أن «المعايير تختلف من بلد إلى آخر، وبالتالي، يجب ألا يفكر الإنسان في المعايير السائدة في المكان الذي يعيش فيه ليحقق السعادة، لأن ما هو مثالي في مجتمع ما قد يكون العكس في غيره». ولفتت إلى أن البيئة التي ينشأ فيها المرء تسهم في إيجاد تفاعله مع المجتمع، وكذلك القيمة التي يرى نفسه فيها، فالجو السلبي في المنزل يؤثر كثيراً في المرء سلبياً، فيما نتائج الجو الجيد إيجابية.

تحول الفراشة

غير التدريب على الحياة من نظرة ناجي لنفسها والناس حولها، وقالت « أصبحت أتمتع بإدراك يبعدني عن لوم الناس على أي شيء يحصل معي، فمن خلاله، اعتمدت على التصحيح في حياتي، وتمكنت من تحقيق أمور كثيرة، منها أنني كُرمت من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد شخصياً، وحققت امتيازاً في دراساتي العليا، وهي أمور لم أكن أتوقع أن تحدث معي». وأوضحت ناجي سبب تفضيلها عبارة «تدريب على التحويل»، بدلاً من «التدريب على الحياة»، بالقول إن «التدريب على الحياة يؤدي إلى تحول كبير في الإنسان، فالعملية مشابهة تماماً لعملية تحول اليرقة إلى فراشة، فهي عملية صعبة، ولكن نتيجتها رائعة، ولهذا أسميها (تدريب على التحويل)».

وتعمل ناجي على تنمية مهارات المديرين، وكذلك الموظفين، ليكونوا في المكان المناسب لهم، وكذلك تعمل مع الأفراد على تحقيق أهداف محددة. وابتكرت ناجي تحليلاً خاصاً للعمل، إذ تضع كلمة «أتراكت» وتقسمها، ويشكل الحرفان الأولان من الكلمة، أي الـ«إي» والـ«تي»، تقنيات الوعي، وهي 10 أسئلة، تطرحها ناجي على المرء، وتساعده من خلال الأسئلة على إيجاد نفسه وما يريد. وقالت «المرحلة الثانية تشمل حرفي (تي) و(آر)، وهي مشتقة من كلمة التحويل، وبالتالي، أضع المرء أمام نفسه ليرى كل ما يقوم به في حياته. وبالتالي، يضع نفسه في مواقف أخرى، ثم المرحلة الثالثة هي الفعل، فيما المرحلة الأخيرة هي متابعة التغيير، لأن التغيير، كما أي شيء، يحتاج إلى المتابعة».

وبين المشاعر التي تعرض والمشكلات النفسية، لفتت ناجي إلى وجود فرق كبير، لأنها لا تحاول إيجاد الحلول، «فلا أضع الحلول، بل فقط أضع الأسئلة، وأساعد المرء على أن يرى الحلول التي يراها مناسبة له». وعن الوقت الذي يحتاجه المرء ليتمكن من تغيير حياته، قالت ناجي «أنصح بـ 12 جلسة على الأقل، أي المقابلة مرة أسبوعياً، ولكن معظم الناس يجددون كي يترقوا أكثر، وشخصياً، أرى التغيير واضحاً بين ثلاثة وستة أشهر». وركزت ناجي على أنه ليس من الضروري أن يكون لدى المرء مشكلة لكي يقوم بالدروس، بل من الضروري أن يكون هناك هدف من الممكن أن يخطط له ويحققه».

أما التقنية الأخرى التي تستخدمها فهي تقنية التخيل، وقالت «هذه التقنيات تؤثر كثيراً في الناس، حيث أضع الناس في موقف وأطلب منهم أن يتخيلوا أنفسهم بعد 20 ساعة، وأؤكد لهم أنهم يجب أن يكونوا سعداء، وبالتالي، يبدأ الشخص بطرح أسئلة على نفسه، ليعرف كيف يحقق النتائج». ولفتت إلى أن «هذه التقنية التي تستغرق نحو 20 دقيقة تجعل المرء يعود متمتعاً بصفاء ذهني، ويدرك أن الذي يقوم به في حياته لن يوصله إلى النتيجة التي يريدها، وبالتالي، يصبح أكثر قدرة على تحقيق أهدافه».

وتلخص حنان ناجي التقنية الثالثة بقولها «أضع المرء في مواقف متباينة ومواقع متعددة، وأحاول في أسئلتي أن أعرف إن كان مرتاحاً أو لا. وبالتالي، هو سيجد موقعه المناسب، ويعرف أين يمكن أن يكون سعيداً». ولفتت إلى أن هذه التقنيات تنتزع الخوف من داخل الشخص، وتجعله يفكر بمنطق، ولكن مع إحساس بالمواقف . وإضافة إلى هذا كله، هناك تقنية جديدة، ابتكرتها ناجي، تتمثل في النظر إلى المواقف من زاوية الشخص الآخر، فهي تجعلهم يرون المشكلة من وجهة نظر مختلفة. ونصحت ناجي بوجوب استثمار المزيد من الوقت في القرارات التي نتخذها، لأن «الحياة كلها قرارات، لذا، يجب أن يستثمر الناس مزيداً من الوقت في استثمار أفكارهم في ماذا سيفعلون، وبالتالي، ستساعدهم هذه الطريقة على فهم ذواتهم أكثر».

تويتر