الخنجر اليمني مهدد بالاندثار

تبدو «الجنبية» التي تشكل جزءاً من الزي اليمني التقليدي، ويمكن أن يبلغ ثمنها مليون دولار، مهددة أكثر من أي وقت مضى بالزوال، بسبب تراجع اهتمام الشباب بها. وقال بائع التحف في سوق صعدة القديمة خالد الصيقل، والذي يعرض في واجهة محله عدة جنبيات متفاوتة القيمة والجمال، «قريباً ستصبح الجنبية من الماضي». ويقول الصيقل الذي يعمل في هذا المجال منذ 25 عاماً إنه شهد على مر السنين التراجع التدريجي لشعبية الخنجر المعقوف، والذي قال إنه «رمز عنفوان الرجل اليمني». وذكر إن الجنبية (الخنجر المعقوف) التي تعود إلى ما قبل الإسلام، وتستخدم للدفاع عن النفس وللرقص، تمكنت من الاستمرار عبر التاريخ. وأوضح أن ما يجعل الجنبية ذات قيمة عالية الرأس (المقبض)، وأغلاها ثمناً تلك المصنوعة من قرن وحيد القرن، إضافة إلى عمرها.

ومنع اليمن قبل سنتين استيراد قرون وحيد القرن، بعد أن تم حثه على احترام معاهدة حماية الحيوانات المهددة بالانقراض. ويمكن أن تبلغ قيمة الجنبية مبالغ خيالية. وقدرت صحيفة «الجمهورية» في يونيو الماضي قيمة كل من جنبيتين يملكهما الزعيمان القبليان، صادق الأحمر وناجي الشايف، بمليون دولار. وتعود الجنبيتان في الأساس إلى الإمام يحيى، آخر الأئمة الزيديين الذين حكموا اليمن حتى .1962 وذكرت الصحيفة أن ثالث أغلى جنبية التي يملكها الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، ولم يتم الكشف عن قيمتها أو عمرها.

وتشير الجنبية التي تعلق على حزام حول الخصر إلى الموقع الاجتماعي لحاملها. وإلى مهنته وانتمائه القبلي. ففي شرق اليمن، تكون الجنبيات معقوفة بشكل كبير، وتكون معقوفة قليلاً في الجنوب وشبه مستقيمة في الشمال. والغمد يمكن أن يدل أيضاً على الانتماء إلى طبقة القضاة، أو إلى المتحدرين من سلالة النبي محمد. ويشكو الحرفي عبدالكريم البراوي الذي يدير مشغلاً في صنعاء من وجود جنبيات من نوعية سيئة تنتشر في السوق. وكان البراوي يصلح جنبية انبرى مقبضها المصنوع من البلاستيك. وقال «بدأت المقابض البلاستيكية المستوردة من الصين تغزو السوق اليمنية منذ أكثر من سنة»، مشيراً إلى أن بعض جنبيات مصنوعة بهذا النوع من المقابض تبدو شبيهة بالجنبيات الأصلية، إلى درجة أن «بعضها يباع بأسعار مرتفعة»، وأفاد بأن الحرفيين المحليين انتفضوا، فمنع الاستيراد من أجل صنع مواد بلاسيتيكية محلياً لاستخدامها في نحت المقابض.

وتسهم صناعة الجنبيات في تشغيل أنواع من الحرفيين. فشفرة السكين يصنعها حدادون، عبر المزج بين عدة معادن، فيما يصنع حرفيون الحزام ويزينونه، ويصمم الصاغة المقابض وينفذوها، كما يصنعون الغمد الذي يصنع أحياناً من الفضة. وفي المناطق القبلية، يشكل استخدام الجنبية لغة خاصة.

وقال عبدالسلام الخليلي الذي يتحدر من شرق اليمن «إذا ما لمس أحدهم مقبض الجنبية فهذا يدل على نية عدوانية، وإذا أخرج الجنبية من الغمد جزئياً، فهذا يعني أن الهجوم بدأ. وإذا ما سحبت الجنبية فهذا يعني أن الدماء سالت، وعلى المتخاصمين أن يلجأوا إلى مجلس قبلي يحدد التعويضات التي يدفعها من يعتبره المجلس معتدياً».
تويتر