البدانة.. مشكلات صحيـة ونفسية
طالب أطباء ومختصون بضرورة العمل على تغيير ثقافة أفراد المجتمع حول البدانة، ونصحوا بالبدء من المدرسة والأسرة مع الصغار، لتعزيز وعيهم حول مسألة الاهتمام بالغذاء السليم، لتجنب المضار التي تنتج عن الوزن الزائد، مشيرين في إطلاق حملة «حارب البدانة» أمس، في منتدى أقيم في دبي، إلى أن الإمارات تحتل المرتبة الـعاشرة بنسبة البدانة عالمياً. وركز المختصون على معالجة مشكلة البدانة، والآثار السلبية التي تنتج عنها، ليس على مستوى الصحة فحسب، بل على حياة الفرد وعمله، إذ تضعف الثقة بالنفس، وتؤدي إلى الاكتئاب في بعض الأحيان.
مسيرة درّاجات
|
وقال مستشار الصحة العامة في وزارة الصحة، الدكتور صلاح البداوي، في المنتدى الذي أقامته شركة «في إل سي سي» «في الحديث عن البدانة، لابد من الانطلاق من وجهة نظر المجتمع حول الموضوع، فهناك ثقافة ومعايير معينة تختلف من منطقة إلى أخرى، وتلعب دورها في انتشار البدانة»، لافتاً إلى أن النساء في موريتانيا والسودان، على سبيل المثال، يرغبن في أن يكنّ بدينات، حيث تعد البدانة معياراً للجمال لديهن، ومنهم من يجعل المرأة تأكل كثيراً قبل زواجها بشهر لتصبح بدينة.
وشدد البداوي على موضوع تبدل الثقافة من زمن إلى آخر، موضحا أن ثقافة النساء تميل حاليا إلى الجسم النحيل وليس البدانة. وقال «من الجهة الأخرى، أرى أن المجتمع العربي مازال مركزاً في النظام الغذائي المتبع في المنازل على تناول دهنيات كثيرة، حيث تعوّد أسر كثيرة الأطفال منذ الصغر على هذا النوع من المأكولات الذي يسبب مشكلات تتعدى البدانة، وتصل لاحقاً إلى الكوليسترول وكذلك السكري».
ونصح بوجوب العمل على تغيير نمط الحياة السائد، ولاسيما في الإمارات، كونه يقوم على قلة الحركة، موضحاً أن «البدانة بدأت ترتفع نسبها في الإمارات، ولاسيما عند النساء، فالإمارات تحتل المرتبة العاشرة عالمياً في نسبة البدانة، وهناك ما نسبته 20٪ من الأطفال يعانون من الوزن الزائد، و3٪ صُنفوا على أنهم بدناء».
دراسات ونسب
وعرض الاختصاصي في الأمراض النسائية الدكتور بيجو سينغ نتائج دراسة أجريت على ما يقارب 5000 شخص، 60 ٪ منهم أعمارهم بين الـ26 و40 سنة. وتوصلت إلى الربط بين البدانة وتراجع الأداء الأكاديمي لدى الشباب، وكذلك شعورهم بافتقارهم للجاذبية، والإحساس بالقلق والعصبية وقلة الصبر وقلة التفاعل الاجتماعي. ولفت إلى أنه تم إخضاع 355 شخصاً ممن أجريت الدراسة عليهم لبرنامج تخفيف الوزن، وتحسنت حالة 118 شخصاً، ما يشير إلى وجوب التركيز على التوعية حول البرامج الغذائية المفيدة لمن يعانون البدانة.
وشددت الاختصاصية في الأمراض النسائية والتوليد الدكتورة صونيا شودباري على أهمية محافظة النساء على وزن قريب من وزنهن المثالي، لأن المرأة تمر بمراحل متعددة في حياتها، لاسيما بعد زواجها، وبالتالي، فالحمل يؤثر فيها كثيرا، وقالت «تؤدي البدانة إلى التعب في أثناء الحمل، فلا تعود المرأة قادرة على مزاولة نشاطها المعتاد، وأيضاً تصعّب البدانة حالة الولادة، بالإضافة إلى أن المرأة حتما ستواجه صعوبات في العودة إلى وزن معقول بعد الوضع».
كآبة وضعف ثقة
وركز الاستشاري في الطب النفسي المدير التنفيذي لشركة «هيلث كول»، الدكتور أيوب خلف، على مشكلات نفسية تسببها البدانة، وقال «أولى المشكلات لدى البدناء قلة الثقة بالنفس، وهذا يجعل المرء انعزالياً بعض الشيء، بالإضافة إلى الكآبة التي قد يتعرض لها بعضهم». وأكد على أهمية التوجه إلى بدانة الأطفال كأساس لمعالجة الظاهرة، «كون الأطفال مازالوا في طور تطوير الشخصية، وبالتالي، من السهل العمل على زرع المعايير الجيدة والإيجابية في شخصيتهم، لاسيما أنه أحيانا يكون صعبا التوجه للراشدين، والطلب منهم وجوب اتباع حميات غذائية، فتعليم الأطفال أسهل من توجيه الكبار».
وتحدّث خلف عن مشروعات نفذتها الشركة، ويمكن أن تكون مفيدة جداً للحد من البدانة، وقال «نظمنا زيارات للحضانات والمدارس في دبي، وراقبنا الأطفال وماذا يأكلون، ووجدنا مشكلات كثيرة، منها البدانة وانتشار آلام المفاصل، ولا يعرف الأهل أحياناً ماذا يأكل الأطفال الذين تتوافر لديهم النقود، ليشتروا الوجبات السريعة من دون رقابة»، معتبراً أن العمل على تثقيف الأطفال حول التغذية السليمة يبدأ من المنزل، «إذ يجب على الأهل أخذ الأطفال معهم للتسوق، وبالتالي، طلب مساعدتهم في اختيار الأغراض، ما سيجعلهم يعرفون كيف يختارون مأكولاتهم.
ونوّه خلف بأن الطفل البدين عادة ما يصبح منبوذاً من المجموعة، لاسيما أن الأطفال صريحون جدا، ولا يأخذون المشاعر في الاعتبار، مشيراً إلى وظائف كثيرة يحرم منها البدناء، لأن المظهر يلعب دورا فيها، مطالباً بتوعية الأطفال منذ الصغر حول أسباب البدانة، وطرق معالجتها.