تنافس حاد بين محرّكـي البحث «غوغل» و«بينغ»
لايزال التنافس مستمراً بين عملاقي الإنترنت، «مايكروسوفت» و«غوغل»، ويتجلى هذه المرة في إطلاق «مايكروسوفت» لمحرك البحث «بينغ مابس» المزود بالخرائط الغنية والصور ثلاثية الأبعاد، في تحد واضح لبرنامج «غوغل مابس» أو «خرائط غوغل». وتعتزم الشركة إضافة ميزة تحاكي خدمة «غوغل ستريت فيو» تحت اسم «ستريت سايد». ومن مميزات «بينغ مابس» الجديد تطوير خاصية «مشاهدة عين الطائر» التي تمكن المستخدم من رؤية المدن من الأعلى. وركز المصممون على جانب الإثارة، حيث تم إدراج الفيديو.
تفوق ملحوظ
من أجل معرفة أي من المحركين، «غوغل» و«بينغ»، يقدم نتائج أكثر، اختبرهما مستخدمون من خلال كلمات البحث نفسها، فعند البحث عن كلمة «وارسو» في المحرك الأول، حصلوا على 4.58 ملايين نتيجة، بينما قدم «بينغ» عند البحث عن الكلمة نفسها 12.2 مليون نتيجة. وعند البحث عن كلمتين معا، «الأزمة المالية»، فكانت نتائج «غوغل» تفوق نتائج «بينغ» بـ15 ضعفاً فقط. وتفوق «غوغل» على منافسه في البحث عن الصور من حيث عدد النتائج، فقد تمكن من العثور على 10.4 ملايين صورة مرتبطة بكلمة «اينشتاين»، بينما قدم محرك البحث من مايكروسوفت 3.59 ملايين نتيجة.
وفضلاً عن التفوق من ناحية عدد النتائج، تنفرد «مايكروسوفت» بطريقة مميزة في عرض الصور. ويوفر «بينغ» ميزة الخرائط التفاعلية التي تعتمد على خدمة «مايكروسوفت فيرتشوال إيرث». وعلى الرغم من أن خرائط «مايكروسوفت»، لا يمكن أن تنافس الخرائط التي تقدمها «غوغل إيرث» من حيث حداثة الصور الملتقطة وعمقها باتجاه الأرض ومرونة التعامل معها، إلا أن «بينغ» يوفر وظائف متميزة، مثل توجيه المستخدم إلى الطريق الذي يمكن أن يسلكه بين نقطتين. |
وتبدو الصور على محرك البحث وكأنها مغطاة، لأن «مايكروسوفت» استخدمت برنامج «فوتوسينث» الذي يسمح بدمج صور من الأقمار الاصطناعية، أو ملتقطة من الطائرات، إلى صور ثلاثية الأبعاد. ومن الممكن التحليق حول أي مكان تتوافر صوره على البرنامج، حسب مجلة لوبوان الفرنسية، عكس «غوغل مابس» الذي يكتفي بصور سطحية ثنائية الأبعاد. وتم ربط البرنامج بشبكة «تويتر» الاجتماعية، ويتسنى لمستخدمي الشبكة إرفاق تعليقات على المواقع، يشاهدها مستخدمو «بينغ مابس». وبعد تجارب تضمنت استعراض شوارع نيويورك وسان فرانسيسكو وإجراء عمليات بحث مختلفة، تبين أن الانتقال بين مستويات الدقة العالية للشوارع كان جيداً، كما يمنح عرض الصور بطريقة «عين الطائر» الشعور بالقيادة والتحليق حول المدينة.
صور حية
يقول مدير مشروع «بينغ مابس»، ستيفن ويتز، إن المطورين والفنيين استفادوا من تجربة «غوغل» في مجال الخرائط، «انه قياس للنجاح في العالم الواقعي، وليس مجرد توفير خدمة البحث للمستخدمين». وزضاف «هدفنا أيضاً أن نساعد مستخدمي البرنامج في الحصول على ما يريدونه بسهولة».
وفي الوقت الذي يرى فيه بعضهم أن تحميل تطبيق «مايكروسوفت سيلفر لايت» من أجل رؤية الصور الحية أمر مزعج، إلا أن المسؤول عن موقع «تيك رادار» المتخصص، باتريك غروس، يقول «إنها خطوة مهمة من (مايكروسوفت) التي أتاحت (سيلفر لايت) مجاناً على الإنترنت». وتتميز خرائط «مايكروسوفت» بالصور ذات الجودة وتحديد المواقع بدقة، كما أن «مشاهدة عين الطائر» حسّنت إمكانية مشاهدة الطرق المخفية خلف المباني، إضافة إلى إمكانية تسمية المباني البارزة على الخريطة. ويذكر غروس، في حوار نشر على موقع شبكة سكاي نيوز، أن سباق تسلح بين «بينغ» و«غوغل» بدأ لدمج المعلومات وجعلها في متناول مستخدمي الإنترنت. ويشير الخبير إلى ميزة إرفاق المدونات التي يرى فيها قفزة نوعية، تفوقت فيها «مايكروسوفت» على «غوغل»، لأنها جعلت التجوال في المدن أكثر تفاعلية ومتعة، يستطيع المستخدم أن يتواصل من خلالها مع الآخرين. ويتوقع غروس أن تطلق «غوغل» شيئاً مشابهاً قريباً.
دفعة قوية
وتعد الخرائط أمراً مهماً لعملاقي الإنترنت، وبإطلاقها لـ«بينغ مابس» تكون «مايكروسوفت» قد تصرفت بطريقة صحيحة. ويعتقد محللون أن «مايكروسوفت» تسعى لجذب مستخدمي الشبكة لمحركها الرئيس «بينغ»، بعد أن بات معظم الناس يفضلون محرك «غوغل». وفي هذا السياق، تشير البيانات إلى أن 65٪ من عمليات البحث في الولايات المتحدة تتم على «غوغل»، في حين لا يزيد حجم الحركة على 9٪ بالنسبة لـ«بينغ».
ويبدو أن «مايكروسوفت» استغلت موقع «تويتر» الشهير لإعطاء دفعة قوية لـ«بينغ مابس»، الأمر الذي اعتبره خبراء «نصراً تكنولوجياً»، حسب مجلة تايم الأميركية. ويعتمد «تويتر» على قاعدة بيانات هائلة تبث بطريقة حية، عوضت الاعتماد على الأرشفة.
وذكرت مصادر متخصصة في مجال الإنترنت أن «مايكروسوفت» تجري مباحثات مع الشبكة الاجتماعية الشهيرة «فيسبوك» لربط المدونات بمحركها للبحث، إلا أن المفاوضات لم تنته بعد. ويدل ذلك على عزم الشركة العملاقة استغلال شهرة الشبكتين لتطوير الميزات التفاعلية للمحرك، وتوجيه ضربة قوية لمنافستها «غوغل».
ويقول نائب رئيس خدمات «مايكروسوفت» على شبكة الإنترنت، يوسف مهدي، «نقدم ضمن نتائج البحث أفضل ما يجري في اللحظة عينها». وأضاف «نستطيع الحصول على كل المعلومات العامة الواردة على «تويتر» مباشرة. ستستطيعون استخدامها في دقائق معدودة فحسب». وتسيطر «غوغل» بشكل كبير على عمليات البحث على الشبكة العنكبوتية.
وفي سياق تنافس الشركتين على استغلال شهرة «تويتر»، كتبت مديرة النشاط في محرك البحث «غوغل»، ماريسا ماير، على مدونة الشركة الرسمية «نحن مسرورون جداً لإعلامكم أننا أبرمنا اتفاقاً مع «تويتر» من أجل إضافة تحديثات ضمن نتائج البحث على «غوغل». وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن «تويتر» رفض عرضاً تقدمت به «غوغل» في بداية العام لشرائه، غير أنه تلقى محفزات مالية من «مايكروسوفت» في مقابل الشراكة الجديدة.