الأم العاملة.. حيرة بين المربيات والحضانات
تضطر غالبية الأمهات العاملات بعد الإنجاب إلى أخذ قرار العودة إلى العمل بعد انتهاء إجازة الأمومة، وغالباً ما يكون أمام المرأة أحد خيارين: وضع الطفل في حضانة، أو تركه مع الخادمة أو المربية في المنزل، ما ينتج عنه إحساس بالذنب لدى أمهات التقتهن «الإمارات اليوم» من جراء ترك أطفالهن في الحضانة أو مع مربية، ليقينهن بأن العناية بهم لن تكون تماماً كالتي يقدمنها بأنفسهن، وكذلك، بسبب تأثيرات نفسية قد يتعرض لها الأطفال، بسبب ما يتلقونه من بعض المربيات، أو من جراء تركهم فترة طويلة في الحضانة.
وقالت فاتن العبدالله (عراقية) «تركت طفلي الأول في الحضانة حين بلغ شهرين، وكانت تجربة قاسية علي كأم، حيث كنت أترك عملي بين حين وآخر، وأذهب إلى الحضانة لأطمئن عليه». وأضافت «فكرة وجود خادمة في المنزل لتهتم بطفلي لم تكن واردة في البداية، ولكنني استعنت بالخادمة، بعد إنجاب الطفل الثاني، فكنت أكثر قوة كأم، كما أن وجود ابني الأكبر في المنزل شجعني على إحضار الخادمة». ولفتت إلى وجود فروق في شخصيات الأطفال من ناحية القوة في الشخصية، فالحضانة تقوي شخصية الطفل.
وترى منى علي (لبنانية) أن الحياة في الإمارات تتوافر فيها تسهيلات للأم العاملة، «ففي الغالب، توجد في كل منزل خادمة، تساعد المرأة في العمل المنزلي، إضافة إلى توافر حضانات تعتبر الحل المثالي للمرأة، في حال لم تشأ ترك طفلها مع خادمة»، ولفتت إلى أن عملها لم يكن بدوام طويل، وهذا سهّل عليها متابعة مهمتها كأم، كونها كانت تغيب عن المنزل خمس ساعات تقريباً، وكانت الخادمة تنجز العمل المنزلي في الأثناء، وبالتالي، تتفرغ لأطفالها لاحقاً. وطالبت منى علي بإعادة النظر في إجازة الأمومة في الدول العربية، وجعلها أطول من 40 يوماً، لأنها فترة غير كافية، وتدفع أمهات كثيرات ممن يعملن بدوام طويل إلى ترك العمل، لأنه يتعارض مع الأمومة والعمل المنزلي، وهذا مجحف بحق المرأة.
دور تربوي
ويرى رئيس قسم علم النفس في أكاديمية شرطة دبي، الدكتور محمد رمضان، أن دور الأم ليس مجرد وجود مادي في المنزل، فهي ليست الطباخة أو التي تكوي الملابس وتنظف المنزل فحسب، بل «دورها الأساسي تربوي، يتمثل في العطف والحنان والرحمة والرعاية للأولاد والزوج، فكثيراً ما يكون الزوج هو الابن الثالث أو الرابع للزوجة». لذا ـ وفقاً لرمضان ـ تعد الأم (المايسترو) للحياة النفسية والاجتماعية داخل الأسرة.
وقال «ظهرت حركة تحرير المرأة في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، نتيجة موت عدد كبير من الرجال، فاحتاجت الرأسمالية الوليدة إلى أيد عاملة من النساء، ومن هنا، جاء استقلال المرأة وخروجها من البيت، بحجة تحريرها وليس لاحتياج لها في الإنتاج». وأشار إلى أن ذلك أدى إلى انهيار بعض المجتمعات الغربية، بسبب خروج الأم من الأسرة، فالأم أمة إن صلحت تنصلح الأمة، وبالتالي، يجب ألا نغفل أهمية وجودها في المنزل .
وقال الدكتور محمد رمضان «الطفل حين يولد لا يرضع لبن الأم فحسب، بل حنانها أيضا، ولو استبدلنا الأم بالخالة لترضعه سنرى كيف سيرفض الطفل الأمر، لأنه يشم رائحة الأم من خلال الرضاعة، فكيف لو استبدلنا الأم بمربية أو خادمة لتهتم به». وأفاد بأنه يعالج في العيادة أطفالا كثيرين يعانون من مختلف أنواع الاضطرابات النفسية من الخادمات اللواتي سببن لهم المخاوف والوساوس المرضية ونوبات الهستيريا. كما أن أمهات عاملات كثيرات يأتين إلى العيادة بأطفال تم تدميرهم بواسطة الخادمات. ولذلك، شدد الدكتور رمضان على أهمية بقاء الأم أطول فترة في البيت مع طفلها، لأنها ربما تجني بضعة دراهم، وفي المقابل تفقد أولادها .
مخاوف
والتأثير النفسي على الطفل جراء بقائه مع الخادمة لا يكون سلبياً فقط إن كانت الخادمة سيئة، فبحسب رمضان «الخادمة الطيبة جداً ستؤثر في علاقة الطفل بوالدته، وهناك مخاوف من ترك الطفل مع الخادمة الطيبة، لأن هناك فرقاً بين الأم البيولوجية والأم التربوية، وبالتالي، إذا كانت الخادمة تقوم بالحب والرعاية والعطاء، فالحب سيكون لها وليس للأم، لأنها ستصبح بديلة لها».
وتخفف الأم العاملة التي تقرر إدخال طفلها إلى الحضانة تخفف الضرر النفسي عن الطفل، لأن الحضانات مفيدة ، لاسيما بعد إكمال الأطفال عامهم الأول، لأن في برامجها إثارة للذكاء، وكذلك تحفز خلايا الدماغ عند الطفل، إضافة إلى أنها تعتبر نشاطاً اجتماعياً يقوي شخصية الطفل، من دون وجود تأثيرات سلبية أو عنف.
وقال رمضان «يجب اختيار الحضانات الجيدة ذات المستوى المهم من ناحية العناية والتعليم، لكي لا تترك أثراً سلبياً على الطفل، أما الأم فغالباً ما تشعر بالذنب بسبب تركها طفلها في المنزل أو في الحضانة، فهي تشعر دائماً أنها مقصرة في دورها كأم، وكذلك على المستوى المهني ستكون منشغلة بطفلها، ولن تقوم بوظيفتها بشكل طبيعي. لذا، أنصح النساء اللواتي لا يحتجن إلى المردود المادي من عملهن بترك العمل لفترة، والتفرغ قليلاً للأطفال».
أزمة ثقة
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news