الشتاء.. فصـل خيرات وذكريات وأزمة سير
غالباً ما يتفق الناس صغاراً وكباراً على حب فصل الشتاء، وتتفاوت أسباب الشغف بهذا بالفصل الماطر، بين خيراته الوفيرة التي يخبئها للحصادين، أو تلك الرومانسية المرتبطة في نهاراته ولياليه لذوي المشاعر المرهفة، والذين يجدون في الشتاء الفصل الأكثر ملاءمة للمزاج العاطفي، أو حتى للمرح الذي يجده الصغار في هذا الفصل، بل وأهاليهم أحياناً، خصوصاً في البلاد التي تتوج شتاءاتها بالثلج، الذي يشكل حالة من الصخب والاندفاع والنزهات غير العادية على بساط أبيض، حيث الصور التذكارية وتقاذف كرات الثلج المرصوصة بأكفّ مرتجفة، والضحك والصراخ والمناكفات، كما يوفر الشتاء حالة من الألفة العائلية، والتجمع الدافئ في البيوت.
لكنه بالمقابل قد يشكل حالة مختلفة، عند آخرين لا يروقهم الشتاء، أو أنه مرتبط لديهم بذكريات سيئة، وربما لا يتناسب مع مهنتهم أو مصادر رزقهم، فالبنائين مثلاً يكسد عملهم في الشتاء، وفي الموروث العربي أن رجلاً راح يزور ابنتيه المتزوجتين، وعندما عاد لزوجته سألته «طمئني على بنتيّ؟» فقال لها إن أمطرت ابك وإن أشمست ابك! فقد وجد الرجل أن زوج إحدى ابنتيه يعمل مزارعاً، في حين كان الآخر صانع فخّار!
وهكذا تتباين آراء الناس، فتقول رفيعة السويدي (موظفة) «أنتظر فصل الشتاء دون غيره من الفصول بفارغ الصبر، وذلك لما يحمله من مميزات خاصة تتمثل في جمال الجو، والأمطار التي تمحو حرارة فصل الصيف الملتهبة، وتزهر بها الأرض»، وترى السويدي أن هذا الفصل «يرتبط بمناسبات سعيدة أحدثت نقلة نوعية في حياتي، ومنها تخرجي في الجامعة بشهادة البكالوريوس، وشرائي أول سيارة، وحصولي على أول وظيفة في التخصص الذي قمت بدراسته، ألا وهو إدارة الأعمال».
ذكريات
وتسترجع سمر محمد، (موظفة) مع قدوم فصل الشتاء «أجمل الذكريات التي تحتل مكانة كبيرة في قلبي، على الرغم من قسوتها، والتي تتمثل في أول قصة حب عشتها كادت تتكلل بالنجاح، لولا بعض الظروف القاسية التي حالت دون ذلك»، وأكملت «يذكرني الشتاء دائماً بالعادات التي كنت أمارسها فيه منذ صغري، والتي تتمثل في الجري تحت المطر، وقيامي بجمع قطراته في زجاجة أو إناءٍ صغير، إذا لم أستطع الخروج للاستمتاع به».
وعلقت سمر «على الرغم من المكانة الكبيرة التي يحتلها فصل الشتاء في قلبي، إلا أنني أعاني فيه قلة النوم، نظراً لرغبتي في استغلال طول ليله في القراءة التي أعشقها».
وقال نبيل الظافري، (موظف) «أحب فصل الشتاء لأنه يذكرني بنعم الله علينا، فبرده يمسح لهيب الصيف المشتعل، وقصر نهاره يساعد على الصيام دون مشقة وعناء، وطول ليله يمنح الوقت الكافي للنوم والاسترخاء، وأمطاره الوفيرة تسقي الأرض وتنبت زرعها».
وأكد «فصل الشتاء يمنحني الإحساس بالنشاط والحيوية، وفيه أشعر بقدرتي على إنجاز الكثير من المهام، على خلاف فصل الصيف الذي تحول حرارته دون ذلك».
ويعتبر زميله أمين نعمان، (موظف) فصل الشتاء من أفضل فصول السنة، «أستمتع فيه بالجو الجميل، والمطر الوفير الذي ننتظره طويلاً حتى يهطل ويمحو حرارة فصل الصيف».
وتابع «أسعى إلى الاستفادة منه في قضاء أجمل الأوقات برفقة أصحابي، وذلك من خلال الرحلات البرية التي تعد من أكثر الرحلات إمتاعاً في فصل الشتاء، نظراً لجمال الطقس وروعة بعض الاماكن».
مياه الأمطار
وتعشق نادية أحمد، (طالبة) فصل الشتاء دون غيره من الفصول، «فأمطاره تمنحني إحساساً بالسعادة العارمة، التي تأخذني إلى أيام الطفولة البريئة، حيث كنت أقوم برفقة إخوتي بجمع قطراته، من خلال توزيع مجموعة كبيرة من الأواني الصغيرة في زوايا مختلفة من فناء المنزل»، وأكملت «ما إن يتوقف نقوم بجمع هذه الأواني، لنتنافس في مقدار الكمية التي قمنا بتجميعها، وصاحب الإناء الذي يحمل الكمية الأكبر يكون هو الفائز»، وتتذكر نادية «لم نكن نكتفي بتتويج الفائز، بل نقوم بشرب المياه التي تحملها الأواني، وذلك لإيماننا بأنها مياه مباركة تحمل الخير لنا، ولكن للأسف الظروف الدراسية والعملية اليوم تحول دون ممارستنا هذه العادة الجميلة».
ويتفاءل فهمي اليافعي، (موظف) بفصل الشتاء كثيراً، «فبقدومه نستقبل الخيرات الوفيرة، التي تزرع الفرح في القلوب، وترسم البسمة على الشفاه»، ويتابع «الشتاء هو ربيع المؤمن يتقرب فيه إلى الله من خلال الطاعات التي تتيسر فيه، كصيام نهاره من غير مشقة ولا عناء، نظراً لبرودته وقصر وقته، وقيام ليله لطوله الذي يستطيع فيه الجسم أخذ وقته الكافي للنوم والعبادة كذلك».
في حين يشعر علي عجان، (موظف) بالكآبة في هذا الفصل، على الرغم من الخيرات الكثيرة التي يحملها، «لاسيما حين تتلبد السماء بالغيوم، وتهطل الأمطار بشدة، يرافقها الرعد والبرق، والذي يثير الرعب والفزع في القلوب، فيفسد علينا الاستمتاع بالجو البارد الجميل»، وأكد علي «لا أجعل هذا الشعور يتغلب علي، حيث أعمل وأمارس حياتي الطبيعية، ولا ألجأ إلى التقاعس عن تأدية عملي».
منغصات
وقالت شمه سعيد، (موظفة) «أعشق فصل الشتاء كثيراً، وأحاول الاستمتاع به قدر المستطاع، وذلك من خلال تنظيم رحلات برية خصوصاً مع أفراد أسرتي وصديقاتي، نستمتع خلالها بالشواء واللعب مع الأطفال»، إلا أن الهاجس الوحيد الذي قد يحول دون استمتاع شمه بجمال هذا الفصل، كما تقول، هو «تجمع مياه الأمطار في بعض الشوارع، ما يعيق حركة السير، فنستغرق ساعات للفرار والتخلص منها، مسببةً في كثير من الأحيان حوادث مرورية».
واتفق معها عبدالناصر محمد، (موظف) «تجمع مياه الأمطار في بعض الشوارع، يفقد الاستمتاع بها وبجمال الطقس، ويجعل التفكير ينصب على كيفية التخلص منها، والذي قد يستغرق ساعات طويلة بلاشك».
وعلّق «ما عدا ذلك، ففصل الشتاء يعتبر متعة حقيقية بالنسبة لي، حيث ألجأ لقضاء إجازة نهاية الأسبوع مستمتعاً بطقسه الرائع، وذلك من خلال القيام بالرحلات مع أفراد أسرتي وأصدقائي، والاستمتاع بركوب الدراجات النارية، والشواء في الهواء الطلق العليل».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news