الحفيد الأول.. مُميّز في كل شــــــــــيء
يترقّب الأجداد حفيدهم الأول بفارغ الصبر، ويكونون عند زواج الابن أو الابنة أكثر تشوقاً من الزوجين لرؤية المولود الأول، الذي يشعرون معه أنه فعلاً أغلى من ولدهم، فيقدمون له الكثير من الدلال والرعاية. ويعمد بعض الأجداد إلى الإفراط في تدليل الحفيد الأول، فيما يعمد بعضهم الآخر إلى معاملته بطريقة توازن بين التدليل والصرامة حرصاً على عدم إفساد شخصيته. وعلى الرغم من أن إحساس الجد أو الجدة لا يكون مع حفيد واحد، بل يختبرون التجربة مع أكثر من حفيد إلا أنه يبقى الحفيد الأول،في الأخير ، مميزاً كثيراً ولاسيما إن كان ذكراً، حيث إن بعض العائلات تمنح المولود الذكر الأول معاملة الحفيد الأول، وإن كان قد سبقته فتيات.
وقالت فايقة العوضي، (البحرين)، ولديها حفيد واحد إن «الحفيد الأول يولّد لدينا كأجداد شعوراً غريباً جداً، وكما يقولون إن ولد الولد أعز من الولد، الحفيد فعلاً عزيز جداً». وأضافت «أحببت أن يكون حفيدي الأول فتاة، ولكن لا أميز بين الذكور والإناث، كما أني متعلقة جداً بحفيدي، لأن أمه تعمل وتتركه عندي يومياً، وعلى الرغم من ذلك إلا أني لا أتدخل كثيراً في تربيته، بل أحياناً أقدم بعض النصائح لأمه كون تجربتها مع الأمومة جديدة». ولفتت العوضي إلى أنها تدلل حفيدها كثيراً، ولكن ضمن حدود المعقول، كي لا تفسد شخصيته.
ولا تتفق فاطمة يوسف، (البحرين)، مع العوضي، كونها تعمل على تدليل أحفادها، وتقول «لدي حفيدتان وهما من ابنتي، وأحبهما كثيرا وأدللهما، ولكن دائماً الحفيد الأول يحظى بدلال أكثر». ولفتت إلى أن الجدة يجب ألا تكون صارمة فهي رمز للحب والحنان.
اما (أم محمد)، (لبنان) فقد لفتت إلى أن حفيدها الأول مميز كثيراً عندها. وقالت «حين ألاعبه وأحضنه أشعر كأنه ابني، إنه شعور رائع، ولا أشعر أني أحب حفيدي الثاني أكثر من حفيدي الأول على الرغم من أنه ولد حديثاً ومازال صغيراً، ربما لأني اختبرت شعور الجدة معي وبالتالي اكتشفت معنى هذه الكلمة، وما تحمله من مشاعر».
الإنجازات الأولى
(محمد)، (سوري)، هو الحفيد الثالث في العائلة أكد أن الحفيد الأول يحظى بدلال أكثر من البقية، فهو أول من يدخل المدرسة وأول من يتزوج، وأول من يدخل الجامعة، ويثير فرحة الأجداد في كل جديد يقوم به. وأضاف «كنت الحفيد الثالث، ولكني كنت الطفل الأول في المنزل، وبالتالي حصلت على دلال أكثر من إخوتي في البداية إلى أن كبروا».
واشار محمد حجازي، (مصري)، إلى أنه كان الحفيد الثاني بعد شقيقته، ولكنه كان الحفيد الأول الذكر، وبالتالي كان يُعامل من قبل أجداده على انه الحفيد الأول، مؤكداً أنه حظي بنسبة الدلال الأكبر من قبل الأجداد كونه الذكر، وكان بنظرهم على حق دائماً مهما فعل . وأضاف «كنت أستغل دلال جدّتي وجدّي أحياناً للحصول على مطالبي التي كانت تُرفض من قبل أهلي».
ولم يشعرسامر ندور (سوري) أنه مميز فهو الحفيد الثاني في العائلة، كما أنه لم يشعر بأن أخاه مدلل أكثر منه. وقال «كانت جدتي تشعرنا وكأننا أولادها، فقد كانت تدلّلنا كلنا بالطريقة نفسها، فلم تميز بين الأولاد، وكوني تربيت مع جدتي أشعر أن الاحترام للجدة يكون أكبر والمحبة أكثر».
ترقـّب وضغوط
وقال رئيس قسم علم الاجتماع في جامعة الشارقة الدكتور أحمد العموش «في منظومتنا القيمية العربية دائماً هناك ترقب للحفيد الأول، ما يؤدي إلى انشغال الزوجين بالترقب أيضاً وتصبح عليهما ضغوط اجتماعية وبالتالي يحرمون من متعة التعارف الأولي خلال الزواج، كما أن مجتمعاتنا الذكورية التي فيها السلطة أبوية تطالب دائماً بالحفيد الذكر».
وأضاف أن «الحفيد الأول الذكر يحتل مرتبة مهمة عند الأجداد كونه يأتي بعد مرتبة الوالد مباشرة ويتمتع بالسلطة، ويمثل مركز اتخاذ القرارات الأسرية مستقبلاً، كما أنه يشكل نوعاً من الطمأنينة للأهل وللأجداد لأنه سيضمن استمرارية الأسرة». ولفت إلى «وجود فرق في الأسر العربية في التعامل مع الحفيد الأول الذكر والحفيدة الأولى الأنثى، إضافة إلى أن الحفيدة الأنثى حتى وان كانت الاولى فهي تعامل بشيء من الإهمال ولا تحظى بالدلال الذي يحظى به الحفيد الذكر». ولا يميز العموش بين الأحفاد ان كانوا من الابن نفسه أو من أكثر من ابن، كون الأجداد يحققون حلمهم واهتمامهم في الحفيد الأول، ولا يحظى الباقون بالرعاية والتربية نفسيهما، إضافة إلى أن الأحفاد من البنات غالباً ما ينظر اليهم على أنهم أقارب وليسوا من العائلة، لأنهم ليسوا من النسب نفسه».
توقّعات ومطالب
رأت عالمة النفس ليلى اليازجي، أنه غالباً ما يُربى الحفيد الأول وسط الكثير من التوقعات من الأجداد والأهل، هذه التوقعات هي التي تشكل القالب والشكل الذي سيربى فيه الطفل، وكلما كانت الطبقات الاجتماعية أعلى كلما يزيد الضغط، منوّهة إلى أن الحفيد الأول مطالب بأن يكون قدوة لغيره الذين هم أصغر منه سناً.
وأكدت اليازجي أن الإفراط في تدليل الحفيد الأول «من الممكن أن يؤثر سلباً في الطفل بسبب غياب الرادع، وبالتالي يكون الطفل ضعيف المبادئ سواء في البيت أو في المجتمع، وبالتالي من الممكن أن يكون ذا شخصية مندفعة، أو سريع الغضب». وأضافت أن الدلال من الممكن أن يكبر مع الطفل، لذا يجب أن يكون هناك توازن في العلاقة لاسيما بين الأهل والأجداد، فيكون دائماً هناك صرامة من قبل الأهل حين يوفر الأجداد الكثير من الدلال.