عملية زراعة القصبة الهوائية استغرقت 9 ساعات. أرشيفية

زراعة قصبة هوائية لطفل في بريطانيا‏

‏‏نجح أطباء بريطانيون في زراعة قصبة هوائية لطفل في العاشرة، ليصبح اول طفل تزرع له قصبة هوائية مستمدة من خلاياه الجذعية، في عملية جراحية استمرت تسع ساعات في مستشفى «غريت اورموند ستريت» للاطفال في العاصمة لندن. ويأمل الاطباء في أن يساعد استخدام أنسجة المريض نفسه في صناعة العضو المزروع في تقليل احتمالات ومخاطر رفض الجسم له.

ويقول الاطباء إن الصبي يتعافى بشكل جيد ويتنفس بشكل طبيعي، بعد أن كان يعاني مرضاً نادراً ناجماً عن ضيق خلقي في القصبة الهوائية، يولد المصاب به بقصبة هوائية ضيقة للغاية. وكان قطر القصبة الهوائية للصبي المريض عند ولادته من الضيق بحيث لا يتجاوز قطرها مليمتراً واحداً. وكان الاطباء اجروا له جراحة من قبل لتوسيع القصبة الهوائية، لكنه عانى في نوفمبر الماضي من مضاعفات ناجمة عن تآكل دعامة معدنية في قصبته الهوائية. ولكي يصنعوا له قصبة هوائية، حصل الاطباء على قصبة هوائية من متبرع وقاموا باخلائها تماماً من الخلايا الطلائية وابقوا فقط على الهيكل الكولاجيني وحقنوا فيه خلايا جذعية أُخذت من نخاع عظم الصبي، ثم تمت زراعة العضو في جسده، كما يتطلع الاطباء الى ان الخلايا الجذعية ستبدأ قريباً في التحول الى خلايا متخصّصة لتكوّن نسيج القصبة الهوائية من الداخل والخارج.

وكانت اول جراحة لقصبة هوائية مصنعة من انسجة قد أجريت في اسبانيا عام ،2008 لكن بكمية انسجة اقل لكلوديا كاستيلو،(30 عاماً)، لتكون اول بالغ يزرع له عضو مصنوع من الخلايا الجذعية.

وتمت زراعة جزء من قصبتها الهوائية اثر تضرره الشديد من اصابتها بالسل. وفي حالة كاستيلو قام الاطباء باستزراع خلاياها الجذعية معملياً، اما في الجراحة الخاصة بالطفل البريطاني فتمت معالجة القصبة الهوائية من المتبرع بمجموعة من المركبات الكيماوية تعمل على نمو الخلايا الجذعية الى انسجة جديدة داخل الجسم. وتعد الجراحة الاخيرة للطفل البريطاني تقدّماً مهماً في مجالي الطب وابحاث الخلايا الجذعية واستخداماتها، حيث قال البروفيسور مارتن بيرشول، من يونيفيرستي كوليدج في لندن واحد اعضاء فريق الجراحين إن «الجراحة نقطة تحول حقيقية وهي أول مرة يتلقى فيها طفل علاجاً بزراعة عضو من الخلايا الجذعية وتلك اطول قصبة هوائية يتم زرعها».

واضاف «اعتقد ان تلك الطريقة ستجعل زراعة الاعضاء المصنعة من الخلايا الجذعية ليست قاصرة على المستشفيات العالية التخصص فحسب»، مشيراً الى أن هناك حاجة لاجراء المزيد من التجارب للتثبت من ان الطريقة ناجعة، لكن الفريق يفكر ايضا في زراعة اعضاء اخرى مثل المريء».

ومن جانبه قال البروفيسور انتوني هولاندر استاذ الروماتيزم وهندسة الانسجة في جامعة بريستول: «ميزة الطريقة الجديدة انه يمكن استخدامها سريعاً وبكلفة اقل، لذا فإذا نجحت يمكن توفيرها لعدد اكبر من المرضى بتكاليف زهيدة»، لكنه أضاف أن الاحتمالات اقل يقينية من تلك التي تُستزرع معملياً لانه ليست هناك سيطرة كافية على نوعية الخلايا الجذعية المستخدمة، والوقت قصير بين زرع الخلايا في الهيكل وزرع العضو في الجسم. وقالت استاذة الطب مارتين ميرتشال: «نريد الآن اجراء مزيد من التجارب للتأكد من فعالية هذا المبدأ، ونود ان ننتقل الى اعضاء اخرى ايضاً، وخصوصاً الحنجرة والمريء».

وقال موقع «ديلي نيوز» البريطاني إن العملية قد تعتبر ثورة في الطب الجديد، وإن الطفل الذي لم يعلن عن اسمه وهويته حالياً، يتمتع بحالة جيدة ويتكلم ويتنفس بطريقة افضل مما كان عليها من قبل. 

الخلايا الجذعية

‏مازالت أبحاث الخلايا الجذعية واستخداماتها تثير جدلاً دينياً وعلمياً وأخلاقياً في الدول المتقدمة عموماً ولاسيما الولايات المتحدة وبريطانيا منذ أكثر من عقد نظراً لأهميتها وقدرتها على لعب دور مهم جداً في عالم الطب وعلاج الامراض المختلفة في المستقبل القريب.

تعريفها

هي خلايا غير متخصّصة وغير مكتملة الانقسام، وتكمن أهميتها في قدرتها على التشكل على هيئة أي نوع من الخلايا الاخرى في الجسم، ومن وظائفها إصلاح وتعويض خلايا الجسم التالفة بشكل مستمر، تمتلك هذه الخلايا القدرة على البقاء على حالتها الأساسية أو التخصص لتصبح خلايا اكثر تعقيداً مثل خلايا العظم أو العضلات وتشترك جميع أنواع الخلايا الجذعية في ثلاثة خصائص رئيسة:

لديها القدرة على الانقسام والتجدد.

ليست متخصصة في أي نوع من الوظائف الحيوية.

لديها القدرة على إنتاج خلايا تخصصية جديدة.

وهناك نوعان أساسيان من الخلايا الجذعية:

الخلايا الجذعية الجنينية

وهي عبارة عن خلايا جذعية مستأصلة من البيضة الملقحة في المختبرات الطبية وهي في طورها الجنيني (عمرها أربعة أو خمسة أيام)، ويتم استخدامها للأغراض البحثية. معظم الأبحاث التي تجري على هذا النوع من الخلايا تتم على خلايا إنسانية أو خلايا مستخرجة من الفئران.

الخلايا الجذعية البالغة

وهي خلايا جذعية موجودة مع الخلايا المتخصصة في الأجسام كاملة النمو، وتكمن وظيفتها في استبدال وتعويض الخلايا المتضررة أو الخلايا الميتة، ويجهل العلماء حتى هذه اللحظة منشأ هذه الخلايا. وقد تم اكتشافها بعد الخلايا الجنينية، وكان اكتشافها قبل 60 عاماً في نخاع العظم مفاجأة سارة للعلماء، حيث يعتقد الكثير من الباحثين انه يمكن استخدامها بديلاً لعمليات زرع الأعضاء، وقد وجدوا حديثاً خلايا جذعية بالغة في الدماغ، والأوعية الدموية، والجلد، والأسنان، والقلب، والكبد، وغيرها.

وتبقى هذه الخلايا من غير انقسام لفترات طويلة حتى يأتيها أمر بالانقسام من الخلايا المتخصصة المجاورة عند الحاجة للمزيد من هذا النوع من الخلايا التخصصية، ومثال ذلك عند الجروح وتمزق الجلد.

كما يوجد نوع ثالث من الخلايا الجذعية وهي الخلايا الجذعية الموجودة في دم الحبل السري.

وتتيح الخلايا الجذعية للعلماء والباحثين القدرة على تجربة الأدوية بطريقة متميزة، مباشرة على خلايا جسم الإنسان في المعامل الطبية دون أية مخاطر وبتكلفة قليلة، وذلك لأنهم قادرون على إنتاج خلايا متخصصة داخل المختبرات بالتأثير في الخلايا الجذعية وجعلها تنقسم على الشكل الذي يريدونه، الامر الذي يجعل الخلايا الجذعية بشكل عام مصدر الامل لملايين المرضى، حيث يتوقع الأطباء ان يتمكنوا من علاج الكثير من الأمراض ومنها:

الزهايمر.

الأمراض الناتجة عن إصابة الحبل الشوكي.

 

الجلطات.

السرطان.

أمراض القلب.

السكري.

الحروق والتهاب المفاصل.

 

عجائب استخدامات الخلايا الجذعية

استطاع مجموعة من الأطباء في جامعة ديوك الأميركية علاج خلل دماغي لفتاة عمرها لا يتجاوز العامين باستخدام الخلايا الجذعية. فقد عانت الطفلة، كلوي، من خلل دماغي سببه انسداد أحد الشرايين التي تغذي دماغها. ونتيجة هذا الانسداد عانت الطفلة من شلل في طرفها الأيمن وعجز في النطق. ولم يكن يوجد أي علاج لحالة هذه الفتاة ولكن استطاعت الخلايا الجذعية تغيير ذلك.

في الصين خضع وانغ ياشينغ لزراعة خلايا جذعية علاجاً لمرض ضمور العضلات الذي كان يعاني منه. وقبل الزرع كان يمشي بصعوبة بالغة، لكنه يمشي حالياً بطريقة طبيعية.

نشرت جريدة أميركان ميديكال اسوسييشن تفاصيل بحث أجري على 15 مريضاً بالسكري حول امكانية علاج مرض السكري باستخدام الخلايا الجذعية وإنهاء اعتماد المرضى على حقن الأنسولين.

عقبات

يواجه الباحثون في مجال الخلايا الجذعية عدداً من التحديات أهمها:

تحدّيات طبية

مثل إيجاد طرق فعالة للتحكم بالخلايا الجذعية وجعلها تنقسم متى يحتاجونها وعلى الشكل الذي يحتاجونه، وكذلك ايجاد طريقة لمنع الجهاز المناعي من رفض هذه الخلايا بعد زرعها داخل جسم المريض.

تحدّيات تقنية

يحتاج الباحثون الى الأجهزة العلمية المتطورة والمعقدة والمكلفة وعدد من المصنعين المدربين والفنيين المهرة الذين يقومون بانتاج هذه الأجهزة المعقدة، إضافة للكثير من الأموال للاغراض البحثية، وهذا يؤدي الى اقتصار البحوث على عدد قليل من المختبرات والجامعات.

 

تحدّيات اجتماعية

يتخوّف المجتمع الدولي بصورة متزايدة من الاستخدام غير الشرعي لهذه التقنية الطبية، ولذلك نجد أن معظم الدول الغربية وضعت قيوداً وقوانين معقدة لمن يريد البحث في مجال الخلايا الجذعية، كما أن هناك جدلاً كبيراً من المحافظين والمتدينين حول استخدام بويضات ملقحة ومن ثم قتلها خلال الابحاث وهو ما يعتبرونه جريمة قتل. وعلى الرغم من هذه التحديات والمصاعب إلا ان الباحثين يتوقعون مستقبلاً مشرقاً لهذا التقدم العلمي.

عن «المعهد القومي الأميركي للصحة» «طبيب العرب»‏

الأكثر مشاركة